تحالف صهيوعربي أم خنوع عربي! / د. عبدالكريم أبو زنيمة

تحالف صهيوعربي أم خنوع عربي!

كمواطنٍ عربي لا أفهم هذه الصداقة والتحالف بين دول ما يسمى بـ “الاعتدال العربي” وبين إمبراطورية الشر العالمية، أمريكا، التي تعلن جهاراً نهاراً وفي كل مناسبة وقوفها إلى جانب اسرائيل وتمكينها بكل عناصر القوة لتبقى متفوقة عسكرياً على كل الدول العربية! دول الاعتدال العربي أو حكام هذه الدول تجاوزوا كل المحاذير بإقامتهم علاقات أصبحت مفضوحة مع دويلة الاحتلال الصهيوني، وتنسيقهم الأمني وتطبيعهم معها وهي التي لم تعطهم أوراق توت ليستروا عوراتهم بها مع تماديها في ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية وتهويد القدس ومقدساته وقتل وتشريد الفلسطينيين.
بالأمس وبمناسبة مرور (40) عاماً على توقيع معاهدة كامب ديفيد أهدى حليف وصديق الحكام العرب الجولان السوري هديةً لإسرائيل وكان قبلها قد أهدى القدس (مسرى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام) عاصمة لإسرائيل، وكان أكثر المتشائمين منا يتوقع منهم ردة فعل تبيّض وجوههم بأن يستدعوا السّفراء الأمريكيين للاحتجاج على هذا القرار! لكنهم وضعوا رؤوسهم في الرمال كالنعام وغالوا في إعلامهم وتضليلهم لشعوبهم بالشراكة والصداقة وعمق تعاونهم مع الحليف الأمريكي واستمرارهم في تنسيقهم وتعاونهم وتطبيعهم مع دولة العدو! كيف لي أن افهم هذا ! هل هو تحالف ! أم تواطؤ وتفاهم على تنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى وحلمها الصهيوني! أم خنوع وذل! لا سيما وأن حليفهم وصديقهم ترامب يطالعهم كل يوم بإهانةٍ جديدة، كقولهِ: “لولا حمايتنا لن تستمروا في حكمكم لاسبوعين ! أو أنَّ الدولة الفلانية بقرة حلوب ونحن نجيد حلبها”! كيف لي أن أفهم مواقف حكامنا وهم يهددون الدول التي ستنقل سفاراتها للقدس ويتحالفون مع واشنطن التي كانت أول من نقل سفارتها للقدس، والتي كانت ولا زالت تضغط على بقية الدول لتحذوا حذوها !
على الصعيد الآخر، يرعد ويزمجر العرب ويكشرون عن أنيابهم في حال تعلق الأمر بدولة عربية غير تابعة لأمريكا، إذ ينكشف الستار عن ضخامة القدرات العسكرية والمالية لتدمير هذه الدولة العربية أو تلك، مثل ما حدث في اليمن، فالحرب التي مضى عليها أربعة أعوام على اليمن الجائع المسالم خير شاهدٍ على ذلك، إضافةً للأموال التي أنفقوها على تدمير العراق وليبيا وسوريا التي تجاوزت قيمتها (800) مليار دولار! لو أُنفق ربع هذا المبلغ على تمكين الشعب الفلسطيني ودعم حركات مقاومته وتسليح حزب الله لتحررت فلسطين أو في أسوأ الأحوال لرضخت إسرائيل للشروط والمواثيق والقرارات الدولية.
إنَّ حملة الحكام العرب التضليلية على إيران –باستخدامهم مصطلحات مثل: المجوس، الفرس، الصفوية والشيعية- لا علاقة لها بالدين كما يدعون ولا بالخطر الإيراني المزعوم على أمنهم القومي -غير الآمن أصلاً- وإنَّما لستر هوانهم وذلهم وخنوعهم للمطالب والأوامر الأمريكية الرامية لتعزيز أمن إسرائيل، إيران هي من كنست السفارة الإسرائيلية من طهران ورفعت العلم الفلسطيني مكانها وهي من استحدثت يوم القدس ليتم الاحتفال به كل عام في كل دول العالم ليبقى ناقوساً فلسطينياً يذكر العالم بعدالة قضيتهم وقدسيتها، إيران هي من تصدت لمرتزقة المخابرات العالمية والرجعية العربية ومنعت سقوط بغداد بيد مغول العصر ووحوش البشر داعش، إيران وحلفاؤها وبهمّة الجيش العربي السوري وبدعم ومؤازرة روسيا الاتحادية، أسقطوا مشروع تدمير وتفتيت سوريا أحد الركائز الرئيسية والمحورية في منظومة الأمن القومي العربي، إيران هي الداعم الرئيسي لحركات المقاومة العربية التي يصنفها الحكام العرب بالإرهابية بالوقت الذي تؤكد فيه كل مراكز الأبحاث الإسرائيلية وقادة الكيان الصهيوني ومن ورائهم الدول الاستعمارية، بأنَّ إيران وحركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية هي من تشكل الخطر الوجودي لدويلة الكيان الصهيوني..بالأمس صرّح أحد كبار قادة الأمن الإسرائيلي بأنَّ سيطرة الحوثيين على باب المندب تشكل خطراً استراتيجياً على أمن إسرائيل وهنا يكمن سر الحرب الدائرة هناك!
كمواطنٍ عربي أشعر بالخزي والاشمئزاز وأنا أرى حكامنا يرقصون مع ترامب ويهبون بحفاوة تكريم المسؤولين الصهاينة، أشعر بالعار وأنا استمع للخطاب الرسمي العربي الذي يغالي في مدح الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة عدوة الشعوب وناهبة ثرواتها والداعم الرئيسي لتهويد القدس وفلسطين وما حولها، لأول مرة منذ عام 2006 أشعر بالفخر وأنا أستمع لجبران باسيل وزير خارجية لبنان وهو يرد على وزير خارجية أمريكا بأنَّ حزب الله ليس إرهابياً..لقد وجه بكلماته صفعة للغطرسة الامريكية والصهيونية وحلفائهم في المنطقة..حقاً في تلك اللحظة رأيت أنَّ لبنان أكبر بكثير من أمريكا ومرتزقتها، هذه العظمة اللبنانية سطرها أحرار لبنان المؤمنين بالله أولاً وبلنان وبدماء شهداءه الأبرار رحمهم الله ورحم الله الشاعر العربي الكبير مضفر النواب إذ قال “القدس عروس عروبتكم”، فاعقدوا قمتكم كفانا الله شرها وعسى أن لا تكون امتداداً لقمة وارسو وتتمةً لجولة بومبيو الأخيرة في المنطقة.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى