
وجوه في المدينة
.. في الزحام ، و في ساعات النهار ، و دوّارة الزمن .. في شوارع المدينة .. منعرجاتها و ميادينها ، حيثُ تصحو المدينة .. و تستعدّ لجولة نَهارٍ جديد ، و أناس ينسابون في الطرقات ..
.. تطالعك وجوه ، تعكس مختلف الطبقات ، و مختلف الأمزجة .. فهذا وجه باسم مستبشر ، يشقّ طريقه برفقة الأمل و التوكّل على الخالق .. متهلّل ، يضاحك ضوء الصباح ، و يُقبلُ على الحياة بشهيّة و تفاؤل . يبعث فيك دفء العلاقة الإنسانية و الطاقة الأيجابية ، حتى و لو لم تلتقِه في سابق الأيام و الفرص .. هؤلاء هم أصحاب الوجوه الناعمة المستبشرة ..
و ثمة وجوه ، تطالعك بأقنعة مزيفة ، ظاهرها حلوٌ جميل ، و ابتسامتها عريضة .. لكنها تخفي حقداً و حسدً .. و لعلها تغرفُ من قلوب يبِست ، و ذَبُلت كلّ المشاعر فيها .. أصحابها يقتاتون على السّحت، و يستمرئون كلّ حرام .. لا يقيمون وزناً لضعيف أو صغير أو محتاج .. هؤلاء أمثال البشر ، يخفون سواد قلوبهم ببياض ملبسهم و أناقتهم .. و يتلبّسون بأجمل و أكبر الألقاب .. يتصدّرون المجالس .. و يتقدمون الصفوف ..
.. هكذا هي المدينة التي تنكرت للقيم السامية ، و خلعت ثوب البساطة و النخوة و الاستقامة .. و إن كان من أسَفٍ ، فهو على التابعين ،، الذين أعْلَوا من شأن هذه الفئة ، و أفسحوا لها كلّ مقام ..
في المدينة .. بهرجة زائفة .. قصور و أبراج .. سيارات فارهة و مستراحات .. فنادق و حدائق ..
ممثلون بارعون .. اراجوزات و مهرجون .. فائض من أصباغ الزّيف .. و هياكلُ بشريّة !!
مَنْ يعيدنا إلى بساطة عيشنا ، و صدق محبتنا ..
سلام على أحبّتنا .. سلام على قريتنا