ضريبة الدخل والاحتجاجات ترافق الأردنيين إلى عام 2019

سواليف
مشتعلا بالاعتصامات الاحتجاجية على الضرائب وغلاء المعيشة، يدخل الشارع الأردني العام الجديد 2019، تماما كما انتهت عليه حاله في عام 2018 الذي ودعوه.

لكن العنوان الأبرز لعام 2019 بالمملكة سيكون تطبيق قانون ضريبة الدخل الجديد المثير للجدل، الذي أسقطت النسخة الأولى منه حكومة هاني الملقي صيف العام المنصرم، في حين لا تزال حكومة عمر الرزاز، التي ورثت القانون، تعاني من احتجاجات مستمرة على القانون رغم إقراره من البرلمان واستيفائه المراحل الدستورية، رغم غضب الشارع.

ويبدو التشابه واضحا بين انطلاقة العام الذي رحل والعام الجديد عند الأردنيين؛ فقد دخلوا 2018 على وقع احتجاجات واسعة تلت قرار الحكومة رفع أسعار الخبز بنسب تراوحت بين 70 و100%.

ولا تبدو الأمور على ما يرام لحكومة الرزاز التي استبشر بها الأردنيون خيرا بعد نجاح رئيسها في إدارة ملف التربية والتعليم على مدى الأعوام الماضية.

فقد أظهرت أحدث نسخة من استطلاع دوري للرأي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية أن 70% من الأردنيين يعتقدون أن الأمور في بلادهم تسير بالاتجاه الخاطئ.

توقعات بارتفاع أسعار سلع وخدمات مع بدء تطبيق القانون الجديد لضريبة الدخل وحزمة ضرائب أخرى (الأناضول)

ضريبة الدخل
والحدث الأبرز في بداية 2019 هو دخول شرائح جديدة من الأردنيين، إضافة إلى رفع النسب على قطاعات جديدة نتيجة بدء تطبيق قانون ضريبة الدخل الجديد، وهو ما يتوقع معه خبراء اقتصاديون أن يتسبب في موجة جديدة من غلاء الأسعار، خاصة أن القانون يستهدف تحصيل إيرادات مالية بواقع 197 مليون دولار.

ووسع القانون شرائح المشمولين به، لتشمل الأسر (الزوج والزوجة) التي يزيد دخلها على 28 ألف دولار في السنة، بواقع 2.3 ألف دولار شهريا، و14 ألف دولار سنويا بالنسبة لغير المتزوجين.

وتبدو التوقعات متشائمة بالنسبة للأردنيين رغم أن القانون منح إعفاءات بواقع أربعة آلاف دولار بدل نفقات صحة وتعليم وإعالة أطفال.

ويؤكد خبراء أن أسعار سلع وخدمات سترتفع نتيجة رفع نسب الضريبة أو دخول قطاعات جديدة، وأبرزها القطاع الصناعي بـ14%، و24% عن كل دينار لشركات الاتصالات، وتوزيع وتوليد الكهرباء والتعدين والتأمين والوساطة المالية، والأشخاص الاعتباريين الذين يمارسون أنشطة التأجير التمويلي، و35% على البنوك.

وأدى قرار الحكومة فرض ضريبة الدخل على أرباح المتاجرة بالأسهم جدلا واسعا، قبل أن تتوصل الحكومة والمتعاملون بالبورصة لاتفاق قبل أيام لطريقة احتسابها.

لكن الضريبة ستبقى مفروضة على المتاجرة بالأسهم بنسبة محددة عن كل عملية بيع.

عام صعب
ولا يخفي وزير المالية السابق محمد أبو حمور تشاؤمه من العام الجديد، حيث اعتبر أن عام 2019 سيكون أصعب من 2018، وتوقع أن يحمل أعباء مالية جديدة على المواطنين مع بدء تنفيذ قانون ضريبة الدخل الجديد.

وتابع أبو حمور في حديث للجزيرة نت أنه رغم تفعيل القانون لإمداد الخزينة بإيرادات مالية جديدة، فإنه سيزيد الأعباء الضريبية على القطاع الخاص، وبالتالي زيادة كلف الاستثمار وانخفاض القدرة التنافسية للمنتجات الأردنية.

لكن الوزير السابق عبر عن أمله في أن تتحسن الظروف الإقليمية خاصة في سوريا والعراق لتنعكس على الاقتصاد الأردني.

وأشار إلى أن نجاح الحكومة في الشراكة مع القطاع الخاص لعمل مشاريع كبرى، وجذب استثمارات جديدة مع ضرورة توطين الاستثمارات المحلية القائمة التي قال إنها بدأت الهروب للخارج، إضافة إلى النجاح في تخفيض نسب البطالة من خلال نمو اقتصادي حقيقي؛ ستكون أخبارا جيدة للأردنيين في عامهم الصعب.

في المقابل، يرى وزير المالية الأردني عز الدين كناكرية أن المؤشرات الإيجابية التي تحقق الاستقرار المالي والنقدي، وتجسد مبدأ الاعتماد على الذات لعام 2019 كثيرة، وأهمها تغطية الإيرادات المحلية لكامل النفقات الجارية.


موازنة مثقلة بالضرائب

وإضافة إلى قانون ضريبة الدخل، ينتظر الأردنيون ما ستسفر عنه مناقشات البرلمان لموازنة عام 2019، وما ستنتج عنها من ارتفاعات جديدة لأسعار سلع وخدمات، خاصة أن الحكومة تستهدف بموجب مشروع القانون تحصيل 1.4 مليار دولار كإيرادات محلية جديدة من خلال فرض ضرائب وتعديل نسب ضرائب قائمة.

وفي هذا الإطار، يرى عضو اللجنة المالية في مجلس النواب موسى الوحش أن الحكومة تعتزم جباية 563 مليون دولار إضافية في 2019 من ضريبة المبيعات بحسب أرقام الموازنة، مما يؤكد أن نية الحكومة تخفيض ضريبة المبيعات على سلع غذائية محددة، وستقابله ارتفاعات على سلع أخرى كثيرة.

وقال الوحش للجزيرة نت إن الصعوبة في عام 2019 تتمثل في زيادة الإيرادات العامة للخزينة بقيمة مليار و458 مليون دولار، وما نسبته 15% تقريبا عن عام 2018، موزعة بين الإيرادات الضريبية (مليار و18 مليون دولار)، والإيرادات غير الضريبية (439 مليون دولار).

وتبدو المؤشرات غير مبشرة بحسب ما كشفت عنه دراسة نشرت في الأيام الأخيرة للعام الماضي أعدها المجلس الاجتماعي والاقتصادي، أشارت إلى أن الأردن يعيش أزمة مركبة ومتعددة الأوجه، أسهم الجميع في تعميقها من مسؤولين ومثقفين وقوى سياسية وبرلمانيين واقتصاديين وإعلاميين.

فالحكومات الأردنية المتتالية واصلت -بحسب الدراسة- السير على النهج الاقتصادي والسياسي والإداري ذاته، كما أن محاولات الإصلاح تعثرت، وهو الأمر الذي تسيّد المشهد العام للدولة.

ولفت التقرير إلى أن النهج العام بات يقوم على المحاصصة وتوزيع المكتسبات والمناصب على أسس جهوية وفرعية، كما غابت مفاهيم دولة القانون والعدالة والتضامن المجتمعي ومعايير الكفاءة والرقابة والمساءلة.

زواج وأقساط
وفي استطلاع لآراء أردنيين في الشارع، ظهر أن أبرز المشكلات التي يعاني منها الأردنيون مع دخولهم عام 2019 تتمثل في غلاء المعيشة التي باتت تؤرق كافة شرائح المجتمع.

فالشاب مصعب الشمالي (32 عاما) يأمل في عام 2019 أن يتمكّن من تأمين متطلبات زواجه.

وقال للجزيرة نت إنه لم يتمكن من الزواج رغم عقد قرانه منذ عامين نتيجة الظروف المعيشية الصعبة.

وتوافق المحامية فريال الجبور (35 عاما) على ما ذهب إليه الشمالي، وقالت للجزيرة نت إن جُل دخلها الشهري يأخذه البنك كأقساط للشقة السكنية التي تعيش فيها.

وتبدو تخوفات الستيني فهد سحويل من نوع آخر، فانخفاض سقف حرية التعبير، والضغط على الحريات العامة، وحملات الاعتقالات بحق الحراكيين المطالبين بالإصلاح ستزداد خلال 2019 بعد أن بدأت على وقع تجدد الاحتجاجات نهاية 2018.

يشار أن أهم المشكلات التي تواجه الأردن اليوم -بحسب آخر دراسات مركز الدراسات الإستراتيجية للجامعة الأردنية- تتمثل في البطالة، وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، والوضع الاقتصادي بصفة عامة، والفقر والفساد، وضعف الحكومة وأدائها.
المصدر : الجزيرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى