سنون كالبنين

سنون كالبنين …
مجد الرواشدة

بضعُ أيامٍ ونطوي صفحة هذا العام من كتاب أعمارنا التي ما عرفنا كم قدر الله لنا أن نحيا منها ؟، نمضي في رحلة العمر حاملين في حقائبنا مصحف صغير ربما لا نقرأه ولكن ايماننا بأنه باقٍ في بهو سفرنا يهون علينا وطأة المسير .
من منا لم يسكن الجليد روحه يوماً ؟ من منا لم تتجمد رغبته بالحياة كلما لامس شغاف قلبه أنين الأسى ، من منا لم ينكسر ضوء روحه ليبدو للعيان ألماً ملونا ً كقوس قزحٍ بان في اتساق ألوانه أضرحة الحنين لكل ما مضى ، من منا لم تُمطر روحه غيث الدموع ليروي تلك الغراس التي ما بان ألقُها لربما ماتت لأنها خشيت أن تُصبح ثمراً وتترك أقرانها في بهو التراب فلطالما تعلمنا أن نغرس أكثر من بذره في الأرض ما ان فشلت إحداهن حتى عزمت الأخريات على المضي قدما ً.
من منا لم يمر بعواصف الحياة تلك العواصف التي أنهت ألق عواطفنا ، تلك العواطف التي باتت تترامى نحو اللاشيء .
للغيوم التي أمطرت في حياتنا ألف تحية وللشمس التي ألقت خيوط دفئها على جيوب العمر المخرومة سلام ، سلام لتلك الابر التي تبنت ان تخيط بدلاً من الوخز كل حين .
مرت ٣٦٥ يوماً بعضنا عاشها صيفاً حتى احترقت ملامحه ، وبعضنا ما انفك ظل المظلة عن بدنه ، فالمطر طال عينيه قبل بدنه ، وكثيرون مرت تلك الأيام عليهم كناجين من تلك العواصف التي آمنوا بأنها أقدارٌ مهما هربوا منها تتلصق بعناوين بيوتهم ، وآخرون عاشوا تلك الأيام والضباب يكسو عيونهم ، فما رأوا الفرح ليفرحوا وما بان الترح لهم من فرط حظهم ، هذه هي السنون فصول تمر بعضها يضر وآخرها يترك ندبة ويرحل .
في الحقيقة إن الانسان منا يعيش السنة لا بفصولها الأربعة بل بتلك الفصول التي تسكن روحه وتتخذُ من جوارحه مسكناً .
لذا لا اهتم كثيرا ً بسماع نشرة الطقس لأن في قلبي طقس ما يسير بصيرتي لأن ترتدي صوفاً في حزيران وتشتري المثلجات بكانون ، كان الله بعون جوفنا وقلوبنا ما برحت حتى بلغت مرادها .
٢٠٢٠ كان عاماً بلا نشرة جوية طوال الوقت كنا ننتظر نشرة الاصابات والوفيات لعام تصدرته كورونا ، لست أدري إن مرت فصول هذا العام بقلوبنا كما يجب فلطالما انشغلنا بأفواه تعلوها الكمامات واياد تكسوها القفازات .
فصول السنون ، تماماً كالبنون يهب الله لمن يشاء منا خريفاً وآخرون شتاء وصيفاً وربيعا ً .
٣٠/١٢/٢٠٢٠

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى