#سخافات_ثقافية

#سخافات_ثقافية
شبلي العجارمة

جديلة معاوية

ذات يوم ومن وحيِّ وصايا الدکتور خالد الکرکي إبان فترة رٸاسته للجامعة الأردنية في وصاياه السبع للخريجين قال ” يجب أن تتمردوا علی علی المثل البٸيس الذي يقول من علمني حرفاً صرت له عبداً ,أنتم تتعلمون کي تصبحوا أحراراً لا عبيدا “.
وإني هنا أقف وِقفة المتأمل المتبصر في کثيرٍ من هذه الحکم والأمثلة التي طالما صارت عرفاً وصل إلی حدّ القداسة اللفظية لا المعنوية أن نبقی رهاٸن الوهم لعبارات وحکم وربما أٛمثال جاءت مسجوعةً لا أکثر ,فهل يعقل أن نبقی رهاٸن لمحبس تنوين الفتح وسجعٍ لا فاٸدة منه لا باللفظ ولا بالمعنی والبون البعيد ما بين رمزية الحرف ومعنی العبد فيما ذهب له الکرکي وکان سبب امتعاضه !,فحين نطرق أبواب الأدب العربي كدارسين مجدّين في طلب العلم نجد قضية العبودية إشکالاً لم يتماهَ مع لوحة الديموغرافيا الصحراوية ,وکلنا مرّ علی مصطلح أغربة العرب وهم الشعراء السود کحال الشنفری صاحب اللامية والسليك بن السليکة من الصعاليك وفرسانهم وختماً بأسود بني عبس عنترة ,فهٶلاء بقي اللون ماثلاً تارةً مستبطناً وتارةً ظاهراً للعيان ,ولعل البحث الذي قدمته لارا شافاقوح أستاذة الأدب الجاهلي القديم في الجامعة الأردنية والذي تتبعت فيه شعر عنترة العبسي لتری هل شکّل اللون لدی عنترة قضية نفسية وصلت حد العقدة فوجدت أن رمزيات اللون الأسود في معلقته قد طغت بشکلٍ لا يجد الباحث المختص أية صعوبة ومتذوق الشعر المحترف أيِّ عناء من ملاحظته بألفاظ ورمزيات لما وراء المعنی والبنية العميقة مثل الذباب الأزرق وخوافي جناح الغراب والأثافي بمعنی حجارة النار الثلاث السوداء وکذلك حب الفلفل الأسود وکما هو في شطر بيته فيها أربعون حلوبةً سوداً ,ولفظة الأسحم ,فقد کان الشاعر يعاني من غرابِۭة اللون الذي لم تنه معاناته الصغری مع محبوبته الحرة وکيف حال اللون من أن يبني بها زوجاً لها ,وکذلك معاناته الکبری أن فروسيته وشاعريته کانت في صراعٍ خفيّ يظهر في بوح الشاعر من قضية اللون الذي سجعناه بعد العلم بالعودة لقن العبودية لمن قرأوا علينا أسفار الحرية والتحرر العقلي الذي كان سبباً في ثورة فرنسا ضد العبودية ولينين في روسيا وكذلك ثورة السود في أٛمريكيا .
والأمر ينسحب علی کثيرٍ من من هذه السخافات الثقافية إن صح التعبير فشعرة معاوية التي برغم موت معاوية رضي الله عنه ولا زالت شعرته تنتقل عبر العصور ولم تنقطع بکل رمزيتها وحتی بلفظها وشکلها ,فهل يعقل أن تکون رمزية السياسة والدبلوماسية برغم هذا الانفجار المعرفي والأفق الفلسفي لم تتکاثر شعرة معاوية لأكٛثر من شعرة برغم موت الرجل فهل هو بحاجة لما تبقی من شعره بعد الموت إلا هذه الشعرة التي ترکها لنا منذ أکثر من ألفٍ وثٛلاثماٸة عام ?, ماذا يضيرنا لو قلنا لو أن بيننا وبين الناس جديلة معاوية ما انقطعت منها شعرة برغم أن محور الحکمة کله يدور حول شعرةٍ واحدة !.
وکذلك لم نستبدل خفيّ حنين بالعودة بکأسين فارغين علی سبيل المثال ,هل لا زالت براقش تنبح إلی يومنا هذا مع أن الناس لم يعودوا يقطنون الکهوف والمغارات کأهل براقش .
برغم أن التراث صاحب قيمة أدبية وتاريخية وحضارية إذ لا ننکر ذاك لکنه لا يحمل جواز القدسية والحصانة المحرمة من مجرد التغيير ورفد ذلك الموروث بموروث جديد يحمل سمات وهوية أمة لا زالت تتوالد الأدب والإبداع کما تتوالد الأنفس والتقدم المعرفي بکل وساٸله !.
تبدل الزمن ودرس الطلل وصاحبه وميط اللثام عن أخبار الأعلام والسير وحفظنا عنهم وترجمنا لهم ,لکن من المخجل بل ومن الجور أن نطوف ونحلق بکل فضاءات الإبداع إن وجد ثم نعود بکل ما أنجزنا نترجم کل ما أبدعنا ونضعه تحت رحمة القديم کلما طرقتنا النواٸب ونزلت بنا الحادثات عدنا تحت ظل راية جهيزة وبراقش وشعرة معاوية وعبودية من علمنا الحرف .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى