زمن الذل والازدراء

#زمن #الذل والازدراء

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
في كل مرحلة من مراحل تنفيذ المشاريع الصهيوامريكية تواكبها نغمات اعلامية تضليلية تتلائم معها ، وعلى سبيل المثال لمحاربة الاتحاد السوفياتي في افغانستان استُخدم الخطاب الديني كذريعة للدفاع عن الاسلام ومحاربتهم هناك ، هذا الخطاب لا نسمعه للدفاع عن الاسلام في ارض الانبياء ومهد الديانات التي باركها الله –فلسطين- بل يُستغل الخطاب الديني الرسمي لتشويه الجهاد هناك ، ولتدمير سوريا وليبيا استُخدم خطاب حقوق الانسان والحريات الذي ايضًا لم ولا نسمعه عن حقوق الانسان الفلسطيني في غزة ، اليوم يتصاعد الخطاب والاعلام العربي المتصهين التضليلي المذهبي البغيض خدمةً للمشروع الصهيوني الموجّه ضد ايران الداعمة والمحتضنة بقوة لكل حركات المقاومة العربية ، هذا الدعم المنقطع النظير شهد ويشهد له كل قادة المقاومة العربية بلا استثناء ، في الوقت الذي تخلى فيه النظام الرسمي العربي عن دعمهم بل ذهب البعض منهم لنعتهم بالارهاب وقطع كل اشكال التواصل معهم والتآمر عليهم .
بعيدًا عن كل الاعلام التضليلي فقد حقق الرد الايراني العسكري اهدافًا استراتيجية كُبرى ، لقد ارتكز مفهوم الامن القومي للكيان الصهيوني على اربع مبادئ هي ” التنبؤ والانذار المبكر للمخاطر ، الردع القوي ، الحسم السريع ، القتال على ارض الغير ” على هذا الاساس جرى استجلاب المستوطنين الصهاينة من اصقاع الارض ليستوطنوا ويعيشوا في فلسطين بأمن وسلام ورفاهية ، هذا المفهوم ضُرب اليوم في الصميم ، الدعم الايراني لحزب الله مكنه من تحرير جنوب لبنان عام 2000 بلا مفاوضات ومكنه من الانتصار على الكيان الصهيوني عام 2006 ، اليوم شمال فلسطين المحتلة خالية تماما من المستوطنين الذين أصبحوا لاجئين في وسط فلسطين المحتلة بفضل الصواريخ الايرانية وتضحيات الحزب ، في 7 تشرين أول عام 2023 “طوفان ألاقصى ” تمكن رجال المقاومة الفلسطينية من مباغتة الكيان الصهيوني وتحرير مناطق واسعة من غلاف غزة وأسر عدد كبير من الصهاينة جنودًا ومستوطنين ، ولا زالوا يسطرون اعظم المعجزات في تصديهم لأقذر جيش إجرامي عرفه التاريخ وكل القوى الغربية الاستعمارية الداعمة له ، قوى المقاومة الفلسطينية تمكنت بفضل الدعم الايراني من قصف كل المواقع الصهيونية على ارض فلسطين المحتلة من شمالها لجنوبها ، رجال المقاومة في اليمن اغلقوا البحر الاحمر امام السفن الصهيونية والامريكية والبريطانية ووصلت صواريخهم من على بعد 2400 كم لفلسطين المحتلة بفضل الدعم الايراني ، المقاومة العراقية قصفت المواقع العسكرية والموانئ الصهيونية بفضل الدعم الايراني ، جاء الرد الايراني مخترقًا الاطواق الأمنية الثلاثة من على بعد 1600 كم مكملا لهذه الجبهات ليضرب مفهوم الامن القومي الاسرائيلي في الصميم بأنه لا مكان آمن للصهاينة في فلسطين وأن المعارك التحريرية ستكون على أرض فلسطين ، وأن التنبؤ بالمخاطر ما عاد مجديًا حيث ان ايران وحفاظًا على الملاحة الجوية المدنية أبلغت الدول المعنية التي بدورها سربت لإسرائيل موعد انطلاق عمليتها العسكرية ، إضافةً لذلك وأمام التطور التكنولوجي لم يعد هناك اسراراً مخفية ، فعنصر المباغتة أصبح من الماضي ، لكن وبالرغم من تسخير كل القدرات التقنية العسكرية الامريكية والبريطانية والفرنسية والاسرائيلية والعربية إلا ان الصواريخ الإيرانية وصلت الى اهدافها المحددة بدقة ” قاعدة نيفاتيم العسكرية في النقب ومركز الاستخبارات في جبل الشيخ ” وحققت فيهما دمارًا محققا لم تكشفه الرقابة العسكرية الاسرائيلية ، علمًا بإن ايران لم تستخدم الاسلحة الحديثة المتطورة ذات القدرات التدميرية العالية ، وخيراً فعلت بأن كان الرد مدروساً ومحدداً لكي لا يشكل طوق نجاة لنتنياهو بتوسيع دائرة الصراع في المنطقة وصرف الانتباه عن الجرائم والإبادة في غزة ، إذن فالهدف الاستراتيجي الايراني الذي لطالما تردد على ألسنة قادتها بأن لا يشعر المستوطن بأمان قد تحقق اليوم ، فكلنا شاهدنا قطعان المستوطنين ومسؤوليهم وهم يهربون ويصرخون ويرحلون ويُهجرون خلال مراحل الصراع مع رجال المقاومة العربية ابتداءً من عام 2000 ولغاية تاريخه ، وبذات الوقت شاهدنا الافراح الفلسطينية تعم كل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وما تعنيه من تجذير وتعزيز صمودهم وارادتهم وروحهم النضالية ، والهدف الثاني الذي تحقق هو توازن الردع وهذا ما تحقق في شمال فلسطين المحتلة وما يتحقق اليوم ، لقد ولى زمن العربدة الصهيونية وبدأ زمن هزائمهم وانتصاراتنا .
إنتصارنا الكبير والمؤكد الآتٍ لن يتحقق بوجود هذا الانظمة العربية الحاكمة ، فحالنا اليوم هو اسوأ بكثير من مماليك الطوائف التي كانت السبب الرئيس في انهاء الدولة الاموية في الاندلس ” مماليك متناحرة فيما بينها ، فاقدة للسيادة ، تتلصص على بعضها ، متواطئة مع اعدائها ، متآمرة على بعضها ، تستقوي بأعدائها ، غارقة بفسادها وملذاتها ” لكننا نتميز عنهم بأننا مُحتلون ومُستعمرون بالقواعد العسكرية الغربية التي تشكل طوقا أمنيًا للكيان الصهيوني من كل الجهات ، اما ونحن على هذا الحال فإن أنسب الظروف لتقاسم النفوذ والمغانم بين اسرائيل والغرب الاستعماري وبين ايران – كما يدّعي ويفتري المضللون المتصهينون هو هذا الزمن – زمن الرداءة والبذاءة والعجز والوهن العربي ، هذا الزمن الذي يُذبح ويعطش ويجوّع ويباد فيه شعب عربي مسلم سني وتغتصب فيه النساء وتدنس فيه المقدسات على مرأى ومسمع 300 مليون عربي وملياري مسلم ، زمن يُذم ويقدح ويُجرم ويشكك فيه كل من يتصدى ويصارع الكيان الصهيوني ويمدح ويُمجّد ويُعظم فيه كل من يتآمر ويطبع ويصطف ويناصر هذا الكيان العنصري الاجرامي ، أي زمن هذا وماذا سيكتب التاريخ عننا غير العار والازدراء والهجاء واللعنة !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى