ذكرياتي مع المشير فتحي أبو طالب 2 – 3

ذكرياتي مع المشير فتحي أبو طالب 2 – 3
موسى العدوان

بعد شهرين من عدم قبول استقالتي التي قدمتها بتاريخ 24 / 4 / 1982 إلى القائد العام للقوات المسلحة سيادة القائد العام الشريف زيد بن شاكر رحمه الله، فوجئت بقرار تعييني ملحقا دفاعيا في لندن اعتبارا من أول شهر تموز 1982. قابلت القائد العام وشكرته على هذا التعيين وقلت بأنني أعتبر هذا التعيين تكريما منك لي. فقال نعم . . هو تكريم لك والمشوار أمامنا طويل.
التحقت بعملي الجديد وكانت بريطانيا مشغولة بحرب الفوكلاند. وكان دبلوماسيينا في سبع دول قد تعرضوا لعمليات اغتيال إرهابية في ذلك العام، ومنهم من استشهد ومنهم من جرح وكتبت له الحياة، وكان بقية دبلوماسيينا وسفاراتنا عرضة لخطر الإرهاب. كان مبنى السفارة والملحقية الدفاعية قريبان من بعضهما ويقعان في شارع متفرع عن شارع ( High Street Kensington ). وكان حمل الأسلحة الشخصية من قبل المدنيين والدبلوماسيين ممنوعا من قبل الحكومة البريطانية.
ولمحاولة الحد من هذه الخطورة، خصصت أحد جنود الملحقية بلباسه المدني، ليتواجد قرب شارة تنظيم السير القريبة من منطقتنا، والتي يمكن أن يتوقف عندها الموظف بسيارته، عند بدء وانتهاء دوام موظفي السفارة والملحقية ته. وكانت مهمة هذا الجندي، أن يراقب أي شخص يُشتبه بأنه يحمل سلاحا ويحاول الاعتداء على أحد موظفينا خلال وقوفه عند الإشارة، أن يهاجمه ويمسك به قبل أن يتمكن من استعمال سلاحه.
كان مبنى الملحقية يشمل طابقين رئيسيين، الطابق الأرضي وله ممر داخلي يتجاوز طوله ثمانية أمتار، وله بابان تفصل بينهما مسافة متران، ويتواجد به عدد من مكاتب الضباط، ومقسم اتصالات الملحقية. زار لندن في ذلك الوقت رئيس الأركان فتحي أبو طالب آنذاك، فعرضت عليه أن ننشئ غرفة استعلامات صغيرة من الخشب والزجاج، بين بابي الملحقية ليكون مكتب استعلامات يشغله خلال ساعات الدوام أحد موظفي الملحقية، بعد أن نزوده بهاتف داخلي وسلاح خفيف كنا نحتفظ به منذ زمن بعيد ليخفيه في الأدراج.
وعلى الموظف الذي يعمل في هذا المكتب، أن لا يفتح الباب الداخلي إلاّ بعد أن يتأكد من هوية الزائر، ثم يأخذ الإذن من الشخص المطلوب زيارته بإدخاله. وأوضحت لعطوفته أنه إذا حدث اشتباك مع من يحاول اقتحام الملحقية فسيتم بين الأبواب الخارجية وليس في الداخل بين المكاتب. إلاّ أنه رفض الفكرة قائلا : أن هذه الملحقية كانت بشكلها الحالي من زمن كلوب، ولا داعي لتغييره اليوم.
فقلت له بأنه في زمن كلوب لم يكن هناك تهديدات إرهابية على سفاراتنا ودبلوماسيينا، ولكن الوضع أصبح اليوم مختلفا عما سبق، إلاّ أنه أصرّ على رأيه. فقمت بتنفيذ فكرتي وغطيت تكاليفها من واردات ” نافي الملحقية “. ولا أعرف إن كان ذلك المكتب ما زال قائما أو جري تدميره، بعد ما يقا الأربعة عقود وتغيّر الظروف الأمنية.
التاريخ : 26 / 12 / 2020

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى