دنيا الأردن مش عكس عكاس …(4)

دنيا الأردن مش عكس عكاس …(4)
تكية أم علي ،، دار أبو عبدالله ،، تناغم نادر
د. خالد حُسين العُمري
وصلني اتصال من إدارة تكية أم علي استجابة لمقالي الذي نشره موقع سواليف تحت عنوان دنيا الأردن عكس عكاس .. (3) ، واستجبت فيه للقاء جمعني بالسيد سامر بلقر المدير العام للتكية، ولقد استفاض السيد بلقر بالحديث عن الهموم والتحديات التي تواجه التكية كمؤسسة مجتمع مدني هدفها الوصول إلى أردن خالٍ من الجوع، وظهر لي كم هم متواصلون مع مختلف الجهات ذات الصلة بعملهم، ومتابعين لكل المعلومات والبيانات التي يحتاجونها في تحقيق أهدافهم وغاياتهم سواء التي تصدر عن الجهات الحكومية أو غيرها من الجهات ذات العلاقة، ولكم شعرت بالسعادة للحرفية العالية التي يتعاملون ويعملون بها وبالعقلية المدفوعة بقيم المؤسسة التي يعملون في ظلها، وهي من المؤسسات النادرة التي تجد فيها انسجاما في رؤيتها ورسالتها وقيمها وأهدافها الاستراتيجية، وتحمل عقلية الإدارة العامة فيها روح التحديات والطموح والأمل الواقعي وليس الحماس المفرط غير المدروس، أو الأمل صعب المنال. وكونها ليست مؤسسة تنموية فإن مثال لا تطعمني السمك بل علمني كيف أصطاد غدا مثالاً مُستَفزّاً بالنسبة لمديرها العام فهو يرى –من خلال معايشته للميدان عدة سنوات- أن التدريب على الصيد وتقديم الصنارة لا يجدي نفعاً طالما لا يوجد بحر ولا بحيرة فبحرنا للأسف بحر ميّت أي أن الوضع الاقتصادي العام صعب جدا، ولكني بذات الوقت أجد أن الإبداع وابتكار (الذي لا يأتي إلا بالعمل الجاد والمثابرة وسعة الإطلاع) يأتي بحلولٍ فيها الشعلة التي تكون أداة اجتثاث للجوع وليس التعامل معه فالتكية أخذت على عاتقها مكافحة الفقر الغذائي، والتي قدمت وما زالت تقدم الطعام والغذاء للأسر الفقيرة التي تعيش في فقر مدقع لا تملك ثمن الطعام، وتضع في عملها معاييراً واضحةً في اعتماد العائلات المستحقة للدعم الغذائي. والحلول الإبداعية التي تأتي من خارج الصندوق لا تكون فعّالة وناجعة ما لم تولد من رحم قيادة التكية.
ولأوضح ما ذهبت إليه من ضرورة الوصول لحلول إبداعية لاجتثاث الجوع أود أن أُذكّر أن التكية التي نعرفها الآن لم تكن كما هي منذ بدأت، لا من حيث البرامج التي تعمل بها، ولا من حيث الآليات، ولا من حيث الاستراتيجيات ولا من حيث الحرفية العالية الحالية، فلقد بدأت عملها منذ أكثر من خمسة عشر عاما وبدأت تنمو على الصعيد النوعي (عدد البرامج، آليات العمل، أدوات التنفيذ، .. الخ)، وعلى الصعيد الكمي (عدد الأسر المستفيدة، وعدد المتبرعين، وعدد الوجبات، .. الخ) وبالتالي تطورت ونمت حتى غدت ميزانيتها تناهز (25) مليون دينارا سنوياً. وعملت ببوصلة واضحة نحو تحقيق أهدافها الاستراتيجية وحققت نسب مرتفعة لمؤشرات تلك الأهداف بسبب حلول متطورة وفعّالة في إطعام الجائع في الأردن … ولكن بقي تساؤلي : ماذا لو كانت البوصلة باتجاه اجتثاث الفقر والقضاء عليه والوصول إلى شعار التكية وهو .. نحو أردن خال من الجوع، أي لو انصب جزء من جهدها وعملها وتطويرها نحو إيجاد آليات وأدوات للقضاء على الجوع قضاءً مبرماً دون حماس مفرط أو آمال غير واقعية وفي ظل الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها الأردن لتوصلوا إلى حلول أوليّة تتطور مع الزمن لتصبح أداة فاعلة في القضاء على الجوع ،،، وهذا ما لمسته في الجناح الآخر للجسم الخيري للتكية وهي دار أبو عبدالله … وللحديث بقية.

خبير القياس والتقويم
*

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى