خيلاء

خيلاء
يوسف غيشان

نقرأ تاريخنا ونعلمه للأجيال القادمة بشكل نخبوي، تماما كما يفعل كتبة المسلسلات التاريخية، حيث يختارون مستحسنات من التاريخ ويقومون بإلغاء جميع السلبيات والأخطاء الفاحشة والمدمرة التي وقعنا فيها، مما يجعلنا لا نفهم سبب انهيار الامبراطورية العربية، أو أننا نعزو ذلك للمؤامرات الخارجية .
من لا يصدقني فليتصفح أي كتاب تاريخ يتم تدريسه في مدارسنا، أو فليتذكر الصورة التي رسمها بذهنه، ولانطباعه حول ذاته بصفته جزءا من امة عربية ممتدة على قارتين، امة تمتلك كامل المقومات أعطت الأوروبيين العلم ونشرت ثقافتها ودينها في العالم اجمع، إذا بلغ الفطام لهم صبيّ تخرّ له الجبابر ساجدينا.
وهم أيضا أجمل الناس وأعربهم لسانا وأنضرهم عودا بينما الأوروبيون والقوقازيون هم مجرد (.. بني الأصفر الممراض) …..طبعا كان الواحد منا يعتقد كل هذا (وما يزال ربما)، وهو فقير مسحوق مقموع، لا يجد الخبز ولا الماء في ظروف بيئية بالغة القسوة، يتمنى لو يستطيع الركوب على حمار أجرب، والواحد منا قد يكون قصيرا منفوش الشعر(مثلي تماما)، مريضا مكتئبا، لكنه مع ذلك منتفخ بالخيلاء لأنه عربي……. (يا هملالي)، بينما بني الأصفر الممراض يراهم أصحاء، أجسادهم رياضية يركبون السيارات والطائرات، لكنه يصرّ (العربي) على انه أفضل منهم جميعا ويخشى ان لا يعتقد ذلك أو مجرد يشك فيه، خوفا من اتهامه بالكفر، الذي ليس بعده ذنب.
ولمّا يكبر هذا التلميذ (يفشّْ) بالون البروبوغندا الذي بناه حول نفسه فلا يبقى منه شيء، لأنه لم يسلّح ذاته لا بالعلم ولا بالثقافة ولا بالرياضة ولا بالأدب، فما حاجته إلى هذه التفاهات ما دام الأفضل والأجمل والأخير والأعظم؟!
أي تقدم أو تطور نسعى إليه لن يتم إلا إذا عرفنا أولا قدر أنفسنا، ثم انطلقنا لننمو بشكل صحي بدل ان نرتمي مثل البعارين على جاعد الفخر المبتذل!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى