خوازيق متعددة النكهات / كمال عفانه

خوازيق متعددة النكهات
13401001_645050908985081_1450516938_n


حن كأمّةٍ عربيه ليس مثلنا من الامم قدرةً على تجميل المصائب .. ومن ضمن هذا اسوق لكم مثلاً حيث اننا نُجمّل الهزيمه ونقوم بإلباسها ثوباً نُطلق عليه لقب كبوة جواد .. ومعروفٌ عن الخيل انها اذا كبت فإنها تقف اشد قوّةً من ذي قبل ولكن خيلنا إنْ كَبَتْ فلا تقم لها قائمه كذلك فنحن لسنا فنانين بذر الرماد في بحلقة عيون الحق فقط ، بل نحن المبدعون الأشاوس في رش غيوم السكر على جثث الموت البارده ، لتحويلها إلى بوظة شهية تلطّف قيظ صيفنا ، و كذلك نحن أصحاب امتياز في اختراع التسميات والألقاب ، ولهذا فقد سمينا هزيمة أيار بالنكبة ، اما هزيمة حزيران فقد حازت على لقب النكسة ، من باب الضحك على الذقون اي ان هذه الحرب ليست إلا كبوة جواد ، ما يلبث هذا الجواد اللذي كبا حتى ينهض ليُكمل مسيرته المجيده نحو امجاد النصر ، وربما لاننا لا و لم ولن نعترف بهزائمنا مما ضاعف من آثار هزائمنا وفاقم نتائجها لأنّ مواجهة الهزيمة تتطلّب الإعتراف بها أولاً .. كما حصل مع دولٍ عُظمى لذا نحن ما زلنا نتذوّق طعم النكسه والنكبه اللتي سبقتها رغم مرور العام الثامن والستين على اولاهما الى اننا ما زلنا نشعر بطزاجة تلك الصفحات من تاريخنا المؤلم واللذي يشتدُّ إيلاماً مع تقدّم الأيام .. مع شعورنا المُتكرر بتخلّي اي طعم للحلاوه من مذاق حياتنا .. بل ان اننا اخذنا نشعر باشتداد مذاق المرار .. نعم استمرار مخاض الآلام لأمتنا بطلق مخاضٍ موجع مع استمرار آثار سيلان الدم ظاهراً على اعقاب كل فرد من امتنا واننا على درايةٍ تامّه انَّ ارحامنا ما زالت غير منكمشه وكأنها في حالة مخاضٍ دائم و كأنّها لا تلتقط الاّ منويّات الهزائم والكوارث .. حالة مخاضٍ بين استمرار شهيقٍ معدوم الأكسجين و زفير مفعم بطعم الإنكسار و قطيعة الاشقّاء وسطوتهم على بعضهم البعض بتميُّزٍ واضح للمرحله الحاليه وهي البعد المقصود مع سبق الإصرار عن كل ما يعطينا ولو لمحة من ملامح الكرامه .. واولها محاولة الإنسلاخ عن ديننا العظيم واعتبار كل ما يتقرّب اليه هو من فصيلة الإرهابيين .. انها اشياء ومشاعر تجعلنا نشعر بالشيب قبل الاوان وقد يكن اطفالنا يلِدونَ و قد طُبِعَ على جباههم عظّم الله اجركم .. نعم هم يلدون وبيد كلٍّ منهم عكّازاً .. يشتدُّ إعوجاج هذا العُكّاز كلّما تقدّم به العمر …. لأنّهم يلدون محدودبي قامات الكرامه … بعكس شعوب العالم اللذين تعرّضت بلادهم الى دماراتٍ تصل في وصفها الى حد الكوارث ولكنها تجاوزت كوارثها تمشياً مع ما هو معروف ان الكوارث تلد كبيره وتتضاءل حتى التلاشي الاّ كوارثنا اللتي ترتمي في احضاننا كبيرة ولما تدحرجت بها السنين كبرت لتحتوينا جميعاً .. اما كوارثهم فقد وُلدت ضخمةً ولكنها كانت مثل كرات جليد سلّطوا عايها شموس آمالهم وإصرارهم لتذوب اسرع مما توقّع من هزموهم .. فأصبحوا منكسرين عسكريا ولكنهم عظماء في مجالاتٍ عديده .. اقلّها عظمة أخلاقها وليس هناك مثالاً على هذا مثل اليابان واهله ..
نعم فهزيمتنا لا تتلاشى إلا لتكبُر من جهةٍ أخرى ، ولا تذبل إلا لتتناسل إلى فسائل هزائمٍ مبثوثه في كل الجنبات فكم نكبةٍ أو نكسه مرت بنا عقب أيار وحزيران و بلعناها بسلاسه دون ان (نَزْوَرْ) في بلعها ، و الكارثه انهنَّ لم تعلمننا شيئاً و لم تُغادرنا أيّاً منهن ولا نحن راغبون بمغادرتهن او الإنسلاخ عنهن …
وسنبقى نذكر ذلك الخازوق اللذي دُقَّ ولن يُقلع كلما دَقَّ كوز حزيران في جرّة آيار .. ..
Kamalafaneh@yahoo.com
كمال عفانه 56.2016
َ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى