
وكيل الوزارة
أستطيع اليوم، بعد مضي سبع سنوات على الموضوع، البوح لكم بمشكلة وكيل الوزارة المُحرجة جداً، فهذه المشكلة باختصار تتلخص في كون سعادته لا يستطيع إعادة قراءة ما سبق أن كتبه بخط يده، فإذا ما اضطر لمعرفة ما كتب في يومٍ ما، استعان بسكرتيرته التي تحاول دوماً فكّ رموز طلسمه.
ولقد أغاظته هذه الاستعانة بالسكرتيرة على الدوام، فقد كان يظنّ أنّ عدم تمكنه من إعادة قراءة ما كتبته يداه عائدٌ إلى كونه لم يكمل الإعدادية، بينما يعود تمكّن السكرتيرة من فعل هذا إلى كونها حاصلة على شهادة جامعية. وفي يوم ٍ ما، لجأ – كعادته – مجبوراً مقهوراً إلى السكرتيرة لتقرأ له خطاباً مهماً كتبه قبل يومين، بغية إلقائه في احتفالٍ خاصٍ بالوزارة.
سخّرت الموظفة كامل طاقاتها طوال ساعتين كاملتين في محاولة قراءة خطّ يده، فلم تتمكن من ذلك. ثم دخلت مكتب الوكيل وأخبرته، وسط دهشتها وارتباكها، بأنها للمرة الأولى منذ بدء عملها في مكتبه لم تستطع تفسير خط يده!
وهنا أسند سعادة الوكيل رأسه إلى المقعد بحبورٍ تام، كأنما ارتاح من أمرٍ جَلَل، وأشعل سيجاراً فاخراً، ونفث نفثته الأولى في وجه السكرتيرة، ثم قال بغرور القياصرة: حتى أنتم يا أصحاب الشهادات الجامعية لا تستطيعون فعل ذلك!