حَفَرْتَلَك / م . باهر يعيش

حَفَرْتَلَك

معضلة كبرى قد تنشأ, مشكلة ,قد تكون مصيبة عامّة أو خاصّة,تراها تشعر بها تتضايق تتافّف تثور تشكو .إستجابة من يهمّهم الأمر بطيئة لا تجاوب ولا جواب. يبرد عرقك يفتر غضبك. ستتعوّد أن تراها تتعايش مع وجودها. يمرّ الزّمن,تختفي فجأة قد تلاحظ ، تسرّ وتسعد أو تغضب وتكتئب وقد أضحت من العائلة,أو وهذه ثالثة الأثافي ان لا تلحظ أختفائها كما لم تلحظ وجودها أو حتى ظهورها أصلا.ألكثيرون منّا سائل ومسؤول ينظرون لكن لا يبصرون لا يلحظون,بيننا وبين الملاحظة سوء تفاهم .تصبح المشكلة لا مشكلة وهي…مشكلة بمفعول حشرة العثّ,يلتهم يثقب يخرّب بصمت وخبث ولا احد يدري.
دعونا نتناول ومضات على أمثلة مما سبق…شقّوق كبيرةٌ تظهر في جسم بدن وجه أو خاصرة جدارٍ ضخم داعمٍ لطريق رئيس,أعلاه و أسفله يقطن مواطنون في جبل ما يطلّ على قاع المدينة،نعم(مواطنون)بأجساد وأرواح مثلنا سيصبحون في خبر كان إن تداعى الجدار وانهار.أو شقوق شعريّة تظهر في جدران تحمل سّقف المنزل …منزلك أو مكان عملك،ينظرون ولا يلحظون لا يفعلون. تنزعج, تتعوّد على عدم ملاحظتها وعلى وجودها تتعايش معها,تتّسع الشقوق وتتحرّك كحيّة تسعى تلتهم كلّ شيء…أخرى:(سقوط) ذريع مدوّ في امتحان عام ثانوية أو غيرها،أو في تقارير سنويّة لمستخدمين على مستوى عام, قلق شديد ,جحافل من طلابنا شبابنا نتعشّم فيهم الأمل بالعمل والتّطوير واستلام الرايات يسقطون,نعم (يسقطون)هي الكلمة الصحيحة بلا تورية…ومضة أخرى:تصرفات شاذّة لا مسؤولة من بعض من أبنائنا أو إخواننا تطفوا على السّطح من تحت رّماد أسود كليل بهيم في غفلة عنّا ونتاج غياب بصيرتنا وبصرنا وملاحظتنا,خداع غش مال حرام,سلب نهب تخريب قتل نزاع على عنز أو نتيجة كرة أو ذكرى جدود رحلوا, داحس والغبراء ،نصطفّ مع قبيلة عبس أم ذيبان في الصّراع,مع كافور أم مع المتنبي أم مع إبن الطّرطبّة في خصامهم.ألبعض منهم يغرقون يمارسون سلوكات ليست من تراثنا تقاليدنا أخلاقنا بتناول محظورات ضارّة فاتكة تذهب العقل وما في الجيب والخلق والوطن بل ومسقبل أمة بحالها.
فلنتوسّع قليلا في ومضاتنا هي غزيرة كزخّات المطر…نتائج مفزعة صارخة لانتخابات بنسبة إقبال متدنّية تخجل منها أحبار الصّحف,يهلّل لهالضّدان مؤيّد ومعارض…خبر إشاعة عن حدث سياسي إقتصادي إجتماعي وقد يكون فضائحي حدث فعلا أو لمّا حدث,عن شخصيّة دائرة شركة عائلية أم عامّة،ينتشر كالفضيحة يتداولها كثيرون ,لا أحد يؤيّد أو ينفي و يدحض, تتدحرج كرة من ثّلج, صنيعة عدوٍ مغرضٍ أو جاهل لا يعي تصرّفاته وقد يكون خبرا صحيحًا من غيور على الصالح العام انتفخ حتى أنفجر فأتى أو لم يأت البيوت من أبوابها.
يحكى ايّها السّادة أنّ ” حفرة صغيرة ظهرت في وسط طريق. ننزعج نغضب نثور لظهورها ونشكو لا مجيب ولا مستجيب. نتلافاها، نسعى نلفّ ندور من حولها ونمضي.تتكرّر الطّقوس في اليوم التالي وتالي التالي, السعي و اللّف و الدوران والشتائم يخفت أوارها.مركبتك أصبحت تالفها تأنسها تتونّس بها، تعوّدت عليها كمثلك تدور وتلفّ وتسعى تلقائيا كبهيمة خرجت عن الطّوع. تمر الأيام والأشهر بل والسّنون و تتّسع الحفرة تتعمّق وتتعملق ولا أحدّ يلحظها يشكمها يردمها .أصبحت جزءا من المنظر العام,معلما من معالم الحيّ والطريق,بل عنوانا يستدّل به. إفراطا في تكريمها يستبدل أسم الطريق بأسم جديد: شارع…(حَفَرْتَلَك)
شخصيّة هامّة خاصّة أوعامّة,ساكن جديد في الحيّ،في بيت في دائرة في شركة يمرّ في شارع(حفرتلك)ينزعج من منظر الحفرة تتاذّى مشاعره.تقوم القيامة, أساطيل من مركبات وجحافل مولّلة تتناوب على ردم الحفرة تعبيدها و تزفيتها .يصبح لها وللطريق باكمله وجهًا جديدًا لامعًا.يصحو الخلق, يصدمون يتجمهرون يتظاهرون يعتصمون يطالبون بعودة حفرتهم الحبيبة التي اعتادوا عليها.يسيرون في مركباتهم كعادتهم يسعون يلفون يدورون حول وهمية مكان الحفرة الراحلة يقدّسون يتباركون.هي حفرة من حفر كثيرة تعوّدنا عليها,لا نلاحظها لا نهتمّ بها لا نعالجها.قد تكون حفرة في سلوكنا في عاداتنا في وجدانا, في منزل في عائلة في طريق في دائرة في…مستقبل وطن .وقاك الله وحماك…يا وطن.
mbyaish@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى