حوارة… مثل يحتذى / عارف عواد الهلال

حوارة… مثل يحتذى
بسبب قصور الخدمة العامة، وعلى شكل مبادرة شبه فردية، استقرت فيما بعد كعمل أشبه بالمؤسسي، فمنذ بضع سنوات بدأ أبناء بلدة حوارة التي تعد إحدى مناطق بلدية إربد الكبرى بالتطوع الاجتماعي لخدمة بلدتهم بأشكال شتى، فانساقت خدمتهم لبلدتهم خدمة للوطن من طرق أخرى، أفادت أهل البلدة في مبتدأ الأمر، ثم عمت الفائدة الوطن عامة بعدما تمكنت التجربة الناجحة.

البداية الرشيدة انطلقت تحت اسم “مجلس شباب الغرايبة”، إذ تنادى مجموعة من الشباب للعمل التطوعي، ولم يثنهم الاستهجان الذي سرعان ما تحول إلى الاستحسان، فكان الاهتمام منهم بمظهر البلدة، فحسنوا مداخلها، ونظفوا شوارعها، وعملوا على صيانة مدارسها، ثم امتد عطاءُهم ليشمل الفقراء المحتاجين، فقدموا بنبل، وأعطوا خفية، وصولا إلى الحقيبة المدرسية في بدء المواسم الدراسية، وتكريم الطلبة المتفوقين بنتائج التوجيهي، وتوزيع كسوة الشتاء، وليس أخيرا حملات التبرع بالدم المتكررة التي نفذوها بالتعاون مع بنك الدم، وختاما خروجهم عن مألوف العادة، وسلوكهم درب الريادة في استغلال ديوان عشيرتهم لعقد الندوات الفكرية والثقافية.

أثرت التجربة الآنفة في سلوك باقي أبناء البلدة، فنشأ “مجلس شباب الشطناوية”، وتمخض عن المجلسين “مجلس شباب حوارة” ليسهل العمل، ويتبارك الجهد، وتأتي النتائج مبشرة بأن العمل التطوعي إحدى الوسائل للتغلب على ضعف أداء مؤسسات الدولة، سواء الرسمية أو الأهلية، فكان عطاء الشباب يسد ثغرة واسعة، ويضيق فجوة كبيرة.

انبثقت وبشكل عفوي لجان تعمل بشكل شبه متخصص، يقوم عليها متطوعون لهم تجاربهم في الميادين التي انبروا لها، فهنالك لجنة صحة مجتمع حوارة التي تقدم خدماتها في الصحة العامة، إضافة إلى “مجلس التطوير التربوي” الذي يرأسه المشرف التربوي المتقاعد من وزارة التربية والتعليم الأستاذ عبد المهدي شطناوي، ويقوم هذا المجلس بدور الوسيط بين مدارس كل من بلدتي حوارة وبشرى المجاورة وبين الأهالي من جهة، ثم يشكل همزة وصل ما بين المدارس ودوائر وزارة التربية والتعليم من جهة أخرى، وقد تمكن المجلس مؤخرا من تحقيق إنجاز لبلدة حوارة بالموافقة على إنشاء مدرسة ثانوية ستساعد على التخفيف من معاناة الطلبة واكتظاظ الصفوف.

يحق لهذه البلدة الخيرة بأهلها أن تفخر بأبنائها الذين يعملون بلا قيادة، ويؤدون أعمالا صارت في أذهانهم واجبات دون أن يطلب منهم، يصرفون الوقت في سبيل العطاء ولا يمنون على أحد، ويبذلون الجهد ارتقاءً ببلدتهم بلا تردد، وينفقون من جيوبهم إحسانا بكتمان.

ويحق لبلدة هذا ديدن أبنائها أن تحذو حذوها بلدات أخر، وظني أنني لمست هذا في غير بلدة من بلدات المحافظة، لا بل عمت الفكرة لتشمل قرى على اتساع رقعة المملكة، وعلى مثل هذه الخطى يكون اقتصاص الأثر.

13089945_1733891350181333_1975278337_n

13090519_1733891433514658_609698186_n

13103329_1733891590181309_2841331620853342025_n
13059635_1733892360181232_1215649436_n

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى