في اللغة

في اللغة
عارف عواد الهلال

فيما يجري بين المثقفين من حوار يعتبر قدح زناد، وإيقاد جذوة، ويفتق عن قريحة، ويطلق العنان لمسترسل الكلام… فقد رسخ لدى كثير من الأصدقاء ثبوت اللغة على حرف، فتمكث الكلمة عندهم على حالها، لا تفارق ما اعتادت عليه الألسن، فاستقرت في الأذهان، وعُدَّ الخروج على المألوف خطأً يصوبونه، دون أن يأخذوا اللغة على محملها الجاد، أو يُدرجوها مدارجها التي هي عليها.
فالتأنيث من أس اللغة، وإن كان الغالب عليها التذكير، ومع أن هنالك بعض الألفاظ لا تفارق هيئاتها في الإملاء، إلا أنها تكتسب صفة تذكيرها وتأنيثها من المضاف إليه مثل: كل، وبعض… وهنالك أسماء مضافة يجدر بالكاتب أن ينحا بها منحاها تذكيرا وتأنيثا مثل: (أي)، والشاهد عليه من القرآن الكريم قوله تعالى: في الآية (3) من سورة الفجر (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ).
ومن الأمثلة مما ورد في الشعر قول: إبراهيم الحضرمي: المتوفي سنة 475 للهجرة:
ألا ليت شعري اليوم أية بقعة حوتك لقد راحت بمجد وسؤدد
وقول أبي تمام: 188-231 للهجرة
يا دَهرُ أَيَّةُ زَهرَةٍ لِلمَجدِ لَم تُجفِف وَأَيَّةُ أَيكَةٍ لَم تَخضُدِ
وقول السري الرفَّاء: المتوفي 366 للهجرة
أشقيقَةَ الجِزْعَيْنِ أيَّةُ لَوْعَةٍ عُجْنا عليكِ غَداةَ عُجْنا الأينقا
وقول الشريف الرضي: 359-406 للهجرة، وقد ورد الاسم (أي) تأنيثا وتذكيرا:
أَمِنكِ طُروقُ الزَّورِ أَيَّةُ ساعَةٍ وَعيدُ خَيالٍ عادَ أَيَّ أَوانِ
وقول ابن معصوم: 1052-1119 للهجرة. وكذلك ورد اسم (أي) تأنيثا وتذكيرا:
لِلَّه أَيَّةُ روحٍ فارقَت جَسَداً وأَيُّ جثمانِ عزٍّ ضمَّه جَدَفُ
ومنه قول محمود سامي البارودي: 1255-1322 للهجرة، وقد تضمن الاسم المذكر والمؤنث:
أَيَدَ الْمَنُونِ قَدَحْتِ أَيَّ زِنَادِ وَأَطَرْتِ أَيَّةَ شُعْلَةٍ بِفُؤَادِي
ومثل (أي) في التذكير والتأنيث كلمة (بضع)، فترد مؤنثة مع المذكر، ومذكرة مع المؤنث لأنها تحتمل معنى العدد، ومحتواها من (3-9)، قال الشاعر ابن أبي الحديد: 586-656 للهجرة:
وعند زيد بضعة من لحم وبضعة عشر رجلا من نِهم
وتتوالى الأمثلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى