حاسبوهم / سهير جرادات

حاسبوهم
سهير جرادات

حتى لا تبقى مجرد زوبعة في فنجان ، وحديث المجالس لعدة أيام ، ولوقف مسلسل التجاوزات ، بحق الوطن الذي نحب …. حاسبوهم ، وأثبتوا أنكم لا ترضون بالظلم ، وأعيدوا الحق لأصحابه ، والأمور إلى نصابها، وأوقفوا الاستخفاف بعقولنا ، والاستهترار بمصالح المواطن ، ولقنوهم درسا واجعلوا منهم عبرة لغيرهم .

بعد ” فضيحة القبة” ، وتبادل الاتهامات بين الرابع والعبدلي حول استغلالهم لوظيفتهم ، وتعيين أبنائهم وذويهم خارج الإطار القانوني ، نتوقف أمام تساؤل، من هي الجهة الرقابية المسؤولة عن محاسبة هؤلاء المسؤولين المستغلين لوظيفتهم؟

بغض النظر عن أسباب هذه المكاشفات و”المرادحة” بين السلطة التشريعية والتنفيذية وأسبابها وغاياتها ، ومن يحركها ؟ ،يجب أن لا يترك باب استغلال الوطن مفتوحا أمام ضعاف النفوس الذين ينتهجون طريق التكسب من مناصبهم لصالحهم .

المخزي في الأمر ، أن المتهمين بتجاوزات التعيين لم يكترثوا للأمر ،بل زادوا على ذلك باعترافاتهم بكل جرأة ودون خجل ،مؤكدين تعيين ذويهم في وظائف الدولة بطريقة تثبت أنهم في مأمن من العقاب والمساءلة ، وهذا يضعنا أمام تساؤل آخر: لماذا لا يتم محاسبتهم على تحويل الوطن إلى قطعة يمزقونها لصالحهم ؟ وهم غير مدركين لخطورة تفشي حالة الاحباط والمحسوبية بين الشباب ،هذه الحالة التي تتزايد بحسب التقرير الذي صدر حديثا عن دائرة الأبحاث في الكونغرس الأميركي .

لماذا لا ينأى رئيس وأعضاء الحكومة بأنفسهم عن هذه الشبهات ؟ منصرفين إلى عملهم في تقديم الانجازات لصالح الوطن بعيدا عن تنفيعاتهم التي تذهب للأقارب والأحبة والأعوان ، والأمر ليس بصعب فلينظروا إلى الشهيد وصفي التل الذي كان يرفض التوسط أو تعيين أحد من أقاربه حتى لو كان يستحق المنصب ومؤهلاته تمكنه من ذلك ، فقط لأنه يحمل نفس اسم العائلة، حتى لا يتهم بالاستثمار الوظيفي.

لكن من الواضح أن مسؤولينا الجدد تلقوا درسا من الشهيد التل، فهم لا يريدون الوقوع بنفس الخطأ بأن يموتوا مديونين مثله ، لذلك سلكوا طريقا بعيدا عن طريقه ومنهجه،فكان خيار بعضهم أن يستغلوا الوطن لمصالحهم.

من الواضح أن الفضيحة لم تقف عند القبة ، بل امتدت الى مؤسسات الدولة في القطاع العام الذي يشهد حالة من تفشي الفساد الناجم عن الواسطة والمحسوبية ، بعد أن أصبحت “السلطتين ” قدوة يحتذى بها في انتهاج الاستغلال الوظيفى لصالحهم .

في صبيحة اليوم التالي للقنبلة الحكومية التي ألقتها بوجه البرلمان ، طالعتنا صحفنا بنشر اعلان دعوة من ديوان الخدمة المدنية للتوظيف في إحدى المؤسسات، غير مكترثه أو قد يكون غاب عنها ، أن القائمة تضم عددا لا بأس به ممن يحملون ذات الاسم لعائلة الوزير والمدير ونائبه.

كيف لم تستوقفهم هذه الأسماء ودرجة القرابة والتجاوزات ؟ ألهذه الدرجة وصل الحال بنا، فحول البعض الوطن الى أجزاء ينهش بها من كل جانب.
لماذا لا يتم وضع معايير أخلاقية للمسؤولين والمدراء ، بحيث يتم من خلالها محاسبة المتجاوزين، بحق هذا الوطن المعطاء الآمن الذي نحب ، حاسبوهم…

Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى