غرفة الكويش / عودة عياصرة

غرفة الكويش
يوم أن تعرّفت على رباب رأيتها زوجةً مستقبليّه فقد دخلت رأسي منذُ أول حوار ، وبعد فترة لا بأس بها دقَّ جرس الحب بنبضات قلبي ، حاولت جاهداً التعمّق في شخصيّتها لكي أستوعب ماهيّة تلك الفتاة ، جلسنا على طاولة الحوار والحبُّ سيّد الموقف .

ولأننا اتفقنا على أن تكون الصراحة عنوان علاقتنا بقيت أمارس دور الصدّيق امامها لكن الكذب يأتيني بصورة عجوز خرف ” النور بفط من وجهه ” ، ومنذُ تلك اللحظة الحدتُ بالصدق معها ، فمرةً اتصلت في هاتفياً وسألتني أين أنت الآن ؟ فأجبتها أنني في غرفتي ، حاولت رباب أن تُمثّل دور العاشقة التي تهتم بتفاصيل عشيقها فسألتني كيف هي غرفتي ! لأجيبها بأنها غرفة جميلة واضواء خافته وجدران بلون الزهر وخزانة متعرجه من خشب البلوط ومكتب للقرآءه ومكتبة تحوي روايات ومجلدات وبعض الشعر الفرنسي المترجم ، فيها تخت مستطيل وفرشة الريم “الأصلية ” وغطاء من ريش النعام ووسادة ناعمه تحضنُ أحلامي .

نعم لقد كنتُ متّكئاً في غرفتي التي أنامُ بها وهي غرفة ” الكويش ” ، والكويش هو كل ما تضعهُ أمي من شوالات سكر ومشمعات أكل وتنكات زيت ومهباش جدي وعدّة الأرض من فأس وطوريّة ومشط أرض ، وكان فيها بعض الكتب القديمة والمفكات واسلاك البناء وشواحن تلفونات خربانه وعصاة الممسحه المكسوره ، هذه الغرفة كلها فوضوية يختلط بها حابلُ ملابسي الشتوية بنابل تيشيرتات الصيف ، وهي مصممّه لأن أضع في وسطها فرشة صوف أتقلبُ فيها ذات اليمين فتسقط حبات الأرز من الشوال في فمي وأتقلبُ ذات الشمال فيضرب رأسي بطرف ماكينة الخياطة .

وعندما سألتُ رباب عن غرفتها كانت تجيبني بالتفصيل وكيف أنها مصممة تصميماً موسيقياً حتى أحسست أن غرفتها تماماً كغرفة ياسمين عبد العزيز في فيلم زكي شان ، لوهلة دخلت والدتها اليها وصرخت : ولك رباب اعطيني مفتاح المواسير من عندك هيو بجنب بكسة البندورة .

مقالات ذات صلة

غرفتي أنا ورباب كالوزراء تماماً ، يظهرونَ لنا على شاشات الاعلام بهندام جميل وكلام يتقطّرُ عسلاً ، ثم يتحدّثونَ عن انجازاتهم بمظهر لبق ، اما في داخلهم ” كويش ” من القرارات لا يعلمهُ الا الله والراسخون في الحكومه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى