تمكين المرأة ومشاركتها في المجتمع

تمكين المرأة ومشاركتها في المجتمع
المخرج محمد الجبور

إن الحديث عن تمكين المرأة سياسيا بالعالم العربي لا يمكن فصله عن العديد من العوامل المتداخلة مع بعضها البعض ومن بينها عوامل اقتصادية وسياسية وأيضا اجتماعية وثقافية فالوضعية الاقتصادية للمرأة وخصوصا لدى الطبقات الشعبية الفقيرة متردية جدا فبالإضافة إلى تنامي نسبة الفقر في العديد من الدول العربية وخاصة بعد الحراك العربي بالسنوات الأخيرة ومع توالي الأزمات الاقتصادية ورفض أو تحفظ بعض المجتمعات العربية ولوج المرأة ميدان العمل أو المساهمة بالمشاريع الاقتصادية بسبب سيادة الثقافة الذكورية التي تعتبر أن المرأة مكانها البيت تم إقصاء فئة واسعة من المجتمع عن المساهمة في التنمية الاقتصادية للدولة أو المساهمة فيها وهي نفس الأسباب التي تعيق مشاركة المرأة في المجال السياسي وخاصة وأن المجتمع بما فيه المرأة نفسها ومؤسسات المجتمع المدني كالأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني لا تثق في أداء المرأة أو قيادتها أو قدرتها على استلام وتدبير مراكز القرار وهو ما يفسر وجود نسبة قليلة أو تمثيلية رمزية بسيطة للمرأة في الأحزاب والمجالس النيابية والبرلمانات العربية باستثناء الدول التي اعتمدت نظام الكوتا في محاولة منها لتجاوز فراغ المشهد السياسي من وجود وجوه نسائية، ومن أجل نهج نوع من التمييز الإيجابي اتجاه المرأة
إن وضعية المرأة السياسية والاقتصادية لا يمكن فصلها عن الثقافة السائدة داخل المجتمع والتي تؤثر بشكل كبير على بقية المجالات داخل الدولة فهل يشكل الدين بالمجتمعات العربية عائقا أمام ولوج المرأة معترك السياسة والاقتصاد داخل المجتمعات العربية؟
في العالم العربي كان الدين ولازال حاضرا في كل الأمور الدنيوية داخل المجتمع. وتفسيراته وتأويلاته المتعددة أفرزت لنا ممارسات من معتدلة إلى متطرفة ولعل الفئات الأكثر تأثيرا بالتأويل الديني المتداخل مع الأعراف والعقلية الذكورية تحديدا هي فئة النساء وبالعودة إلى الدين الإسلامي والذي يعد الدين الأكثر انتشارا بالمنطقة العربية نجد أن النص المقدس يخاطب المرأة بنفس خطاب الرجل إلى حد بعيد كما فرض عليهما نفس الواجبات الشعائرية واستخدمت الآيات القرآنية صيغة الجمع المذكر للإشارة إلى النساء والرجال في المجتمع المسلم على حدٍ سواء فالـ”المؤمنون” و”الصادقون” و”المسلمون” يُقصَد بها النساء والرجال الذين يشكّلون صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقد يقصد بها الرجال فقط في بعض الأحيان وقد سألت امرأة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ذات مرة: لماذا لم تُذكَر النساء صراحة في الوحي بقولها: “لم أرَ النساء يُذكَرن في شيء”. والكتاب الكريم الذي يحمل رسالة عالمية قد تضمّن كذلك إجابات على أسئلة سألها الصحابة رضي الله عنهم ومن ثمّ قد ورد بعد هذه الحادثة ذكر النساء والرجال بصورة منفصلة في الكتاب الكريم كما في سورة الأحزاب “إنّ المسلمين والمسلمات وهو ما يعني أن المرأة هي جزء لا يتجزأ من المجتمع الإسلامي وكان من المفترض أن يكون لها دور حقيقي داخل المجتمعات المعاصرة لولا نزوع المجتمعات العربية وميلها إلى أحاديث محددة وتأويلات لآيات دون غيرها فرضت عليها نمطا من العيش تجاوز في تطرفه فترة الدعوة الإسلامية والمرحلة التي تلتها حين كانت المرأة تعطي الأحاديث وتشارك في الحروب وتطرح الأسئلة وتناقشها مع صاحب الرسالة نفسه
أن الإسلام لم يحرم المرأة حقوقها السياسية باستثناء رئاسة الدولة ولكنهم يرون أن المجتمع لم يتهيأ بعد لمزاولة تلك الحقوق مزاولة فعلية والاتجاه لبعض العلماء المعاصرين وهم يرون أن الإسلام لا يحرم المرأة من الحقوق السياسية مطلقا وأن المسألة اجتماعية سياسية ولذلك يجب ترك حل هذه المسألة تبعا للظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى