تقييم التعليم عن بعد.. ما الهدف؟ / شروق جعفر طومار

تقييم التعليم عن بعد.. ما الهدف؟
شروق جعفر طومار
s_toumar@outlook.com

تكاد الأشياء تفقد قيمتها حين تأتي متأخرة جدا، لكننا رغم ذلك لن نقول إن أي حديث عن تقييم التعليم عن بعد بعد مرور هذا الوقت الطويل وكل ما اعترى التجربة من تعثر واختلال سيكون بلا طعم أو معنى.
رئيس الوزراء قال في بيان الحكومة الوزاري إن الحكومة تعمل على تقييم التعليم عن بعد. هذا جيد، لكننا بالتأكيد لن نقبل من هذا التقييم الذي فطنته الحكومة بعد مرور عام دراسي على بداية التجربة أن يخرج لنا بنتيجة تقول إن التجربة كانت ناجحة أو أنها حققت درجة مقبولة من النجاح، إن كان ثمة نتائج ستخرج بالفعل عن هذا التقييم.
تجربتنا لم تكن ناحجة، هذا أمر بات خارج النقاش، وينبغي أن يكون تقييمنا لها اليوم قائم على معايير مختلفة عن أي تفاصيل تم الانشغال بها سابقا من قبيل نسب الدخول للمنصة أو عدد المتقدمين للامتحانات أو ما شابه.
تقييم العملية اليوم يجب أن يهدف للخروج بإجراءات تصويبية جريئة تمكننا من ترميم التلف الذي لحق بتعليم أبنائنا من جهة، وتساعدنا من جهة أخرى على اللحاق بالقفزة الهائلة التي حققتها البشرية في مضمار التعلم الرقمي والتعلم الذاتي بما يفتح الباب لإرساء منظومة تعليمية جديدة أو شكل تعليمي جديد، يكون فيه الطالب حرا في اختيار الوقت وتحديد المدة التي تناسبه للتعلم.
لا يمكن أن نقف ضد هذا التطور بما يقتضيه من موت مسارات وولادة أخرى، فقد ظل البشر دائما قادرين على اجتراح كل ما هو جديد لتحسين اشتراطات وجودهم على الأرض.
سوف لن نستغرب خلال السنوات المقبلة وجود أنظمة تعليمية تسمح للطالب أن يحدد بنفسه المدة التي يشعر خلالها أنه قادر على إنهاء دراسته المدرسية وتقديم الامتحانات الموازية لامتحان التوجيهي لدينا، وهو أمر سيختلف من طالب لآخر. فبينما يستطيع طالب اختصار السنوات الاثني عشر في ست سنوات سيحتاج آخر إلى تسع أو أكثر.
في عملية كهذه ستتبدى الفروقات الفردية بين الطلبة، وسيمكننا التأشير على المتميزين ومتوسطي التحصيل، وسيتاح لنا التعرف على الطلبة الذين يعانون من مشاكل في التعلم والذين يتوجب علينا استهدافهم ببرامج تأهيلية ليحصلوا على الأقل على الحدود الدنيا من التعليم ليكونوا قادرين على المنافسة في عالم اليوم السريع والمتغير.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: بالآليات التي أظهرتها وزارة التربية والتعليم خلال الفصل الحالي والفصل السابق، هل يمكننا التفاؤل في أننا نضع قدما ثابتة على هذا النوع من التطور في منظومة التعليم؟
بالتأكيد لا. إن الوزارة التي تفاجأت مثلنا بالجائحة واشتراطاتها استسهلت العمل ضمن دائرة “تسيير الأمور” أكثر من التخطيط للمستقبل وكيفية بناء فرصة حقيقية من التحديات المفروضة.
رغم مرور أكثر من عشرة أشهر على بداية التجربة، ماتزال الوزارة حتى اليوم منشغلة بالدفاع عن نجاحها وتوظف جميع جهودها لصالح تسيير الأمور، دون أن تتريث قليلا وتحاول أن تبني تخطيطا استراتيجيا يصلح لأن يبقى ماكثا لسنة أو اثنتين على أقل تقدير، أو حتى يصلح لأن يشكل أرضية مشتركة بين عناصر معادلة التعليم ليتفاهموا عليها نحو الخطوة القادمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى