تطبيل..تسحيج..تضليل / م . عبدالكريم أبو زنيمة

تطبيل..تسحيج..تضليل

من نعم الله علينا في هذا الشهر الفضيل هي أنّنا لم نعد نشاهد ونسمع تلك الزفات وما يصاحبها من تطبيل وتسحيج ومواكب سيارات منددة بصفقة القرن ومتحدية لها ومتوعدة للتصدي لها! وقبل الخوض في هذا الموضوع أؤكد أنَّ الشعب العربي برمته -باستثناء العملاء- يقفون ضد الوجود الصهيوني أصلاً على هذه الرقعة المباركة من الأرض العربية، لكن مواجهة هذا الخطر الصهيوني ومشاريعه وصفقته الاخيرة لا تتم من خلال التسحيج وإقامة المهرجانات الخطابية والاحتفالية، وإنَّما من خلال حكومات وطنية منتخبة ديمقراطياً ذات أهداف وبرامج وطنية بعيدة كل البعد عن الفلك الصهيوأمريكي!
الغرب عموماً -وأمريكا خصوصاً- يعرف أنَّ لا رأي ولا تأثير للشعوب العربية على القرارات المصيرية لأوطانهم مهما طبلت وزمرت، وأنَّ القرار الأول والأخير للحاكم، ولهذا هم لا يتورعون عن التطاول على كل القرارات والمواثيق والأعراف الدولية، وعن التدخل في شؤننا والمس بسيادتنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، أصواتنا لا تعني لهم شيئاً لأنَّ من سيوقع على مؤامراتهم هم الحكام العرب حلفائهم وأصدقائهم وشركائهم..وأمريكا تعرف كيف تتعامل معهم! وخير دليل على ذلك الإهانات والموشحات الترامبية اليومية ضد ملك أكبر وأغنى دولة عربية “السعودية تملك المال وعليهم أن يدفعوا لنا بدل حمايتهم..فلولانا لن يصمدوا اسبوعين !” هل كان ترامب ليجرؤ أن يقول ما قاله بحق أضعف وأصغر دولة ديمقراطية في هذا العالم؟ بالتأكيد لا وألف لا! على الرغم من هذا، فإن ترامب لم يقل إلا الحقيقة، وهي أنه لولا أمريكا واسرائيل وحمايتهم لكل هذه الأنظمة لما وصلنا إلى هذا الحضيض!
لم يتبقَ لصفقة القرن بالنسبة لدول الاعتدال العربي وإسرائيل سوى الإشهار والاحتفالية الختامية! فالسلام والوئام والتطبيع على ما يرام، والأعلام الصهيونية ترفرف في الكثير من العواصم العربية ونشيدهم الصهيوني يصدح في المحافل والاحتفاليات والنشاطات في الأوطان العربية، والتحالفات العسكرية والتنسيق الأمني على أعلى المستويات، والتوسع الاستيطاني على أشده، والقدس أعلنها سيدهم ترامب عاصمةً لإسرائيل! فماذا بقي من صفقة القرن !!!
مواجهة صفقة القرن أُردنياً تتمثل في إحياء الدستور الأُردني والعمل به، حيث يكون الشعب الأُردني هو السيد وهو الحامي وهوالضامن للأردن ولأمنه واستقراره وازدهاره من خلال النص الدستوري “الشعب مصدر السلطات” ، أما فلسطينياً فيتطلب الأمر إلغاء اتفاق أوسلو وتوابعه وإنهاء الانقسام الفلسطيني وتوحيد كافة الفصائل والمنظمات والقوى الوطنية في جبهة واحدة، وإجراء إصلاح ديمقراطي شفاف لمنظمة التحرير الفلسطينية جوهره التمثيل النسبي والتوافق على الأهداف والبرامج الوطنية الفلسطينية، أما عربياً فيتطلب الأمر إحياء ميثاق جامعة الدول العربية ونبذ الخلافات العربية العربية ووقف كل أشكال التواطؤ والتآمر والاحتراب فيما بينها ووقف كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني!
بالطبع، لن يحدث شيء من هذا؛ أُردنياً أو فلسطينياً أم عربياً، لكن يبقى الرهان على الشعوب العربية وقواها الوطنية بالتوحد والتواصل فيما بينها للوقف والتصدي بالدرجة الأولى للأنظمة العربية المهرولة للإجهازعلى ما تبقى من القضية الفلسطينية، والوقوف بجانب ومؤازرة كل منظمات وفصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية وما بقي من الدول العربية التي ترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني وعقد صفقات السلام معه، أما الرقص والتطبيل في سبيل مواجهة صفقة القرن فما هو إلا تمهيد للإقرار والاعتراف بها وتوقيعها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى