ترتجف ربما ولكن لا تهتز !
تناقلت وسائل الإعلام ونشرات الأخبار لقطاتٍ لئيمة بعدسات الكاميرا القوية للمستشارة الألمانية أنجيلا ماركل وهي ترتجف بقوة في أكثر من حدثٍ رسمي، واُدرجت عناوين ذكية للحديث عن صحة المرأة الحديدية صاحبة ال 64 عاماً، وكيف قاومت الرجفة التي كانت تعتريها فجأة بضم ذراعيها سويا، وتغيير بعض أوضاع أطرافها لتتمكن من السيطرة على جسدها حتى لا تسقط، ليأتي تعليق بعض النشرات الأخبارية بإنها ترتجف ربما ولكن لا تهتز!
نطالع الكثير من الأحداث اليومية عبر النشرات الاخبارية ونظهر اهتماما بالعناوين العريضة العظيمة ونغض الطرف عن بعض التفاصيل المهمة أو الرسائل المبهمة التي قد نتعلمها من أخبار من هم حولنا، عبارة ” ترتجف ربما ولكن لا تهتز” قوية وملهمة بشكل لا يمكن وصفه، من طالع الخبر وراقب قوة ماركل وإصرارها على الثبات والوقوف رغم قوة الرجفة وعظمة الموقف يعلم بأن مقياس قدرة الإنسان وطاقته لا يُقاس دونما صفعاتٍ وهزّات بل زلازل! من يتذرع بصغوطات الحياة ومتاعبها ليجعلنا نبرر فيما بعد إقدامه على الانتحار ضعيف جداً، من يقتل بحجة أنه ظُلم وتحمل الكثير من القهر مجرمٌ صدقاً، من يتنازل عن وطنه وأرضه خوفاً من ردة فعل العدو جبانٌ حقاً، من يلجأ لتخريب بلده والعبث بأمن دولته وحرق ممتلكات أبناء شعبه وإفساد مجتمعه متخلفٌ فعلاً !
كل الأفعال والأحاديث التي تصدر منا بحجة الظروف ونفاد الصبر غير مبررة، كل جرائمنا بحق أنفسنا وحق من حولنا بصورة مكررة، تعكس حجم الضعف الذي يعتري بعضنا، وانعدام الأخلاق والإنسانية وانسلاخها عن حياة معظمنا، من منا لا يمر بصغوطات قد تفقده صوابه، وهموم قد تطرق بأي لحظة بابه، العبرة في النهاية في قدرتنا على تحمل الرجفة تلو الرجفة، ومقاومتها بقوة النفس بالطهارة من الذنوب بالعفّة، ترتجف يا ابن آدم ربما ولكن لا تهتز، لا تسقط مهما حصل قِف طويلاً بكل شموخٍ وعِز….!