تخلّى عن الشراسة ولا تكتب في السياسة / نداء أبو الرُّب

تخلّى عن الشراسة ولا تكتب في السياسة

من أكثر النصائح المتكررة التي يتم توجيهها لي: ريحي راسك…لا تكتبي مواضيع سياسية! ربما من خوف الأحباب علي بالغوص في الخفايا السياسية وما يترتب على هذا التعمق من عواقب وخيمة، أعترف أنني دون الرجوع إلى تلك النصائح لا أحب كثيراً كتابة مقالات سياسية، يميل قلمي للمواضيع الاجتماعية والأسرية التي تلامس مشاكل الناس وتعالج همومهم، ومع هذا ألاحظ أن البعض أيضاً قد لا يروق له الخوض في بعض المشاكل الاجتماعية ويعتبرها خطاً أحمر لا يجب الحديث عنه،  فلا أدري أهذا الأمر يعكس سطحيتنا أم يسلّط الضوء على عدم رغبتنا في الخروج عن المألوف وذلك لأننا اعتدنا على قراءة أمور روتينية تقليدية فيصدمنا الحديث بواقعية عن مشاكل اجتماعية مستترة ومخفية؟؟

مما لا شك فيه أن القلم حرٌّ لا يُقيّد طالما لا يمس كرامة الآخرين أو ينتهك خصوصياتهم، توجيه الكاتب وانتقاده بإيجابية يختلف عن محاوله تكميم قلمه وفرض مواضيع معينة للكتابة عنها ليغض الطرف عن أخرى، فلا يحق للقارئ أن يمنع غيره من الكتابة عن قضايا حساسة كل ما عليه فعله هو التوقف عن القراءة له إن كان لا يروق له ما يكتبه، فلكل منا نظرة مميزة في النص المكتوب، البعض قد يعتبره مبتذلاً وآخرون يرونه جرأة في الطرح بعيدة عن الإبتذال، اختلاف أذواق القراء وآرائهم في الكتابات التي يتابعونها هي التي تجعل أحدهم يمدح كاتباً معيناً في الوقت الذي قد يذمه آخر، وهذا الأمر نلاحظه بشدة في المواقع التي تقدم مثلاً خدمة تقييم الكتب، ستقرأ الكثير من الآراء المتباينة حول كتاب معين وتتعجب كيف تختلف الذائقة الأدبية عند الناس بهذا الشكل الكبير، حتى لو فكرت في قراءة بعض الروايات التي حازت على جوائز أدبية ضخمة قد تنهي بعضها وأنت تسأل نفسك بعفوية: كيف فازت هذه الرواية بجائزة مهمة مع أنها جداً عادية؟؟

ويبقى الجدل القائم في كل ما يتم طرحه متى نتعلم أصول النقد الإيجابي بعيداً عن التجريح والإساءة؟ ومتى نتعلم أيضاً تقبل النقد السليم برحابة صدر دون تعصب سلبي لا يجدي ولا ينفع؟ ربما من أقسى الكلمات التي قد ننعت بها كاتب معين بأنه تافه، في الوقت الذي من الممكن أن نقول عنه غير ناضج أو موهبته بحاجة إلى صقل، أو أن نصف كتاباً بأنه حكي فاضي في الوقت الذي يمكن أن نصفه بكتاب لا يجب أن يتم نشره الآن لأنه يحتاج للكثير من التدريب على أساسيات الكتابة، تختلف التراكيب والكلمات مع أنها تصب في نفس الخانة ولكن بعضها بنكهة الإهانة وآخر بنكهة الأمانة في النقد دون إساءة، ولأن الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة، أحسنوا اختيار مفرداتكم بعناية حتى لا تخسروا الكثير ممن حولكم الذين قد تحتاجون كلمات دعمهم يوماً ما…..

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى