بيت راس، قرطبة حوران ! / د . محمود الحموري

بيت راس، قرطبة حوران !
مقام سيدنا الخضر علية السلام ومغارة الولي الصالح “ابوالنمل” ومغارة الدوله، وأم الغزلان ومرافق العز ودروب الخير، ومنتجع الوليد ودير القديسة هيلانة وبركة السوكران وبركة النبيذ المعتف، وملهمة إمرء القيس وحسان بن ثابت وعنترة بن شداد العبسي وملتقى الشعراء من اصحاب المعلقات العشر والعشاق، ومنتجع حبة الرمان التي شرقت بها حبابة ذات مساء فماتت حبابة عشيقة اليزيد بن عبدالملك الخليفة الاموي ومات هو بعدها وهو يحتضنها حزنا وكمدا عليها.
وسرداب الرومان والمدرج الروماني المتكامل، والمغر والكهوف والسرادقات، ومسطحات الفسيفساء على البيادر المنقرضة وسوق اجدادي ومرابط خيلهم وميدان فروسيتهم تلك هي قريتي القديمة بيت راس “كابيتالياس”.
انها بلدة المساجد قديمها وحديثها وبيدر دار مطر ومحطة الارسال واشجار الزيتون والحوكير البكر والابار الرومانية ومفتاح قصبة اربد ومدخلها وطريقها الوحيد من الشمال في ايامنا ! وقد يتسائل قارئ لماذا اخترت هذا العنوان غير المترابط مع واقع بيت راس وشهرة قرطبة الاموية الاندلسية ؟ ولكني سأجيب كما يجول بخاطري ! اكتب هذا النص عندما تذكرت قرطبة التي قيض لي ان اشارك فيها بمؤتمر الكيمياء التحليلية للدول المحاذية للبحر المتوسط Midateranian Basin Conference في العام 1995 والذي طرح في محاوره 1. الطرق الجديدة في مجال التحليل الكيماوي 2. تلوث سواحل البحر المتوسط بفعل الملوثات الصناعية والطبيعية التي تلقى فيه وعلى شواطئه، في المؤتمر العتيد تعرفت على رئيس المؤتمر الاسباني Zans Medel ورئيس بلدية قرطبة وعلماء من النمسا والمانيا وفرنسا ومصر وتونس… وكذلك على رئيس السوق الاوروبية المشتركة الداعمة الرئيسية للمؤتمر العالمي المتخصص. ترافقت مع المؤتمرين ومشينا في شوارع قرطبة وازقتها وشربنا القهوة في مقاهيها وزرنا مسجدها الاموي القديم، وما زال يحتفظ بالاسم Mosqat الذي تحول الى كنيسة، وقصر المعتمد بن عباد، وبهرنا ومن معي بسقاية زهور رحاب القصر بطريقة التنقيط، التي ما زالت تعمل بنفس النظرية منذ قرون، وشاهدنا فن العمارة وجمال القاعات الاموية وبركة الزئبق، ودار البلدية. وفي ذات مساء انيق، دعينا الى العشاء بدعوة كريمة من رئيس بلديتها الذي استقبلنا في مدخل القاعة، وبقي واقفا مرحبا بنا خلال العشاء. وعلى هامش العشاء اخذ الماير “رئيس بلدية قرطبة” مكانا متوسطا امامنا نحن الضيوف، بعد ان لفت الانتباه وقال: هذه المدينة بناها المهندسون العرب وهي تمثل التعايش المشترك للاديان والحضارات بين الشرق والغرب، وعدد زوارها في العام الواحد 45 مليون من الزائرين وريع السياحة يصرف على إدامة حضور المدينة بترميم آثارها والمحافظة على طبيعتها العربية كما تركوها الاجداد من الاندلسيين والعرب والاوروبيين. ثم دعانا الى سهرة رقصة الفلمنجو الاسبانية الشهيرة النادرة التي تصف حياة ومعاناة الشعوب وقبائل الانجلوساكسون ! بيت راس لو تم العناية بها وآثارها ولقاها لكانت كقرطبة التي كتب فيها على بلاط وبورسلان جدران قصر المعتمد بن عباد “المجد لمولانا السلطان” بالعربية الفصحى في حين ان حجارة المدرج الروماني في حاكورة والدي وحواكير اعمامي ما زالت متناثرة في طريق الهواة والزائرين، وربما سارقي اللقى الاثرية لا سمح الله، وهي متروكة سائبة منذ عقود لمن يتدارك الامر في حكومة اردنية رشيدة قد تكون قادمة بعد حين !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى