بعض الكتاب ملكيون أكثر من الملك

بعض الكتاب ملكيون أكثر من الملك

الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة

تشهد معظم #الصحف الإلكترونية وكذلك بعض الندوات والحوارات مساجلات بين بعض #كتاب #المقالات وأصحاب الآراء والأفكار من جهة والمعلقون على هذه #الأفكار و #الآراء من جهة أخرى.

ولعل هذه #المساجلات كان يمكن لها أن تكون في إطارها المألوف والطبيعي لولا ما يلاحظ عليها من حدية وتجريح شخصي وتشهير وتخوين وأحيانا إطالة لسان خصوصا من بعض المعلقين الذي يتخذون من أسمائهم الوهمية وسيلة للإساءة لكاتب مقال أو صاحب رأي أو النيل من سمعته ومصداقيته.

مقالات ذات صلة

وتتجلى أكثر مظاهر الأذى والتطاول عندما يتناول مقالا معينا مشروع قانون الأحزاب ، أو قانون الانتخاب ،أو مجلس السياسات ، أو أداء الحكومة أو بعض أجهزتها .إن أي استعراض سريع للمقالات الواردة في الصحافة الإلكترونية ومراجعة تعليقات القراء عليها تثير كثيرا من الشجون والحزن والشعور بأنه ما زال بيننا وبين الكتابة الموضوعية، وحرية التعبير، وأدب التعليق، وأخلاق الحوار بونا شاسعا. كما أن تناول المقال بالقدح والشتائم من قبل المعلقين الذين أكاد أن أجزم بأن بعضهم إما أنه لم يقرأ المقال كاملا أو أنه يعلق على كاتب المقال بدلا من التعليق على المقال نفسه ناهيك عن إدماج التفكير القبلي المتعصب والمتحيز في الحوار يفقد حرية التعبير قيمتها وأهدافها السياسية والإنسانية التي كفلها دستورنا.

كثير من التعليقات الجارحة التي يتناولها بعض الكتاب والمعلقين على #المقالات في الصحافة الإلكترونية يمكن تصنيف أصحابها إلى ثلاثة أصناف الأول منها يضم المعلقين ممن لهم مواقف مسبقة والذين يرتبطون مع الكاتب بصلة شخصية معينة ولا يحبون أي كتابة يكتبها مهما كان نوعها وشكلها وهؤلاء أعتقد أنهم بوضع صعب نسأل المولى جل في علاه أن يساعدهم في تجاوز هذا النوع من المشاعر الصعبة.

أما النوع الثاني فهم أصحاب فكر ورأي ولكنهم متشبثون في مواقفهم ومؤمنون بصحتها ولكنهم لا يستطيعون سماع وجهة النظر الأخرى ولا تحمل الاختلاف مع مواقفهم ويريدون الأمور على قياس أفكارهم ويميلون إلى إنكار الآخر، وهؤلاء خطيرون أكثر من الصنف الأول لأنهم دكتاتوريون بطبعهم ويريدون الإملاء على الآخرين.

وفيما يتعلق بالصنف الأخير وهو الصنف الأكبر للأسف فهو يضم الموالون والملكيون أكثر من الملك نفسه حيث لا يؤمنون بالنقاش، ويعتبرون أن الحديث عن قوانين الأحزاب والانتخاب ،ومجلس السياسات، وصلاحيات الملك ،وتدخل الأجهزة الأمنية في عمل وزاراتنا ومؤسساتنا ، يعتبرون أن مثل هذه المطالبات وكأنها كفر يخرج المتحدث فيها من الملة الإسلامية . صحيح أن هناك قطاعا لا يستهان به من أهلنا الذي لا يستطيعون أن يسمحوا لا لأنفسهم ولا لغيرهم أيضا بالتفكير أو النقاش في موضوعات تتعلق بسلطات الملك أو قراراته ، فهؤلاء نتاج طبيعي للتنشئة الاجتماعية والتأثير الإعلامي مضافا إليها تعامل النظام معهم على أسس شخصية أو قبلية نفعية أحيانا، وهم على أية حال أناس طيبون يمكن أن يغيروا مواقفهم مستقبلا حالما يجدون أن تأييد النظام لا يعني بالضرورة عدم نقده وتعديل بعض القواعد التي يقوم عليها.

من جانب آخر فأن بعضا من الموالين إن لم يكن كثيرا منهم وصوليون وقناصوا فرص، ومتزلفون لأولي الأمر بقصد المنفعة الشخصية والاستيلاء على مقدرات الدولة، وضمان استمرار الوضع على ما هو عليه لأنهم بالأصل هم وعائلاتهم منتفعون منه. بعض هؤلاء من مواطنينا ربما يعرفون حق المعرفة أن ما ينادي به بعض الناشطين السياسيين من الحرية والعدالة والمساواة وتكاففؤ الفرص والمسائلة هو صحيح لا بل بعضهم يتحدث بذلك في جلساتهم الخاصة مع أهلهم والقريبين منهم ولكنهم يقولون عكس ذلك في العلن، ويظهرون مواقف مختلفة لأن الوطن ومصلحة المجتمع ليست هي مبتغاهم فأي وصولية وأي ازدواجية أكثر من ذلك؟

هذه الفئة “الملكيون أكثر من الملك” من الصعب محاورتهم لأنهم لديهم أجندتين، وخطابين،ووجهين متناقضين، ولديهم” تقيه”كبيره يراوغوك في القول ويفاجئوك بالفعل تحت ستار أنهم موالون للملك والنظام.النظام لنا جميعا والأردن لكل مواطنيه، والمعارضة تخدم الأردن ومستقبله ورجال المعارضة ونسائها أحرار وطنيون استشرفوا التغيير ويعملون من أجله ومن أجل الأردن فلا ضرورة للمزاودة عليهم.

الملك نفسه يحاور المعارضة في الديوان الملكي، ورؤساء حكومات الملك يحاوروا المعارضة و يأملون أن يصلوا إلى تفاهم معها بعلم الملك في الوقت الذي ما زال فيه بعض مواطنينا يشككون قي مقاصد المقالات الداعية إلى الملكية الدستورية وعدم إقحام الملك في صلاحيات تنفيذية تتعارض مع ما نص عليه الدستور من أن الملك ذاته مصونة ولا يخضع للمسائلة أمام القانون والقضاء. نقول لهؤلاء الملكيون أكثر من الملك أنتم تضرون الوطن ولا تنفعون الملك لأنكم تخلقون استقطابا باتجاهين متعارضين في المجتمع مما يهيئ مجالا خصبا للصدام لا سمح الله وخصوصا في مثل هذه الأوقات الدقيقة والحساسة التي تعيشها المنطقة بأسرها، كما أنكم تخلقون استعداء للنظام الملكي في الأردن، فالأردنيون مخلصون لبلدهم ولكنهم يريدون وضع أسس وقواعد جديدة لنظامهم السياسي بحيث تضمن استمراره وتضمن السلم الاجتماعي وتحقق استقرارا لدولتنا الأردنية العزيزة علينا جميعا .أقول لهؤلاء اتقوا الله وكفاكم ظلما للوطن وقمعا لأصحاب الرأي ولا تسيئوا للملك بحجة موالاتكم له وللنظام .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى