ما بين فايروس كورونا والمصالحة الوطنية

ما بين فايروس كورونا والمصالحة الوطنية
قاسم الزعبي

لم نعهد كجيل شاب نزول الجيش إلى الشارع الا في المحطات الفضائية إبان الربيع العربي المزعوم… اذ كنا نتطلع لنزول الجيش انه اخر ابرة حكومية في عضل الشعب… فإما موت أنظمة وزوالها واما قمع شعوب..

اليوم في الأردن… يختلف الوضع تمام الاختلاف.. اذ كان نزول الجيش للشارع مدعاة للاطمئنان الشعبي والترحيب… برغم الاحتقان الواضح بين الحكومة والشعب… فقد أضفت الجباه السمر سكينة ليس بعدها سكينة.. خاصة وان الشعب لم يشهد نزولا للجيش منذ عقود…

الحكومة استطاعت أن تتخذ عدة قرارات صارمة في ثلاثة الايام السابقات…قرارات تصب في مصلحة الوطن والمواطن… رغم قسوة هذه القرارات التي قد تضر بالاقتصاد الوطني المتهالك أصلا…. الا ان الشعب تقبلها بكل روح مرنة…

الحكومة التي اعتدنا كذبها وتلفيقها للحقائق… استطاعت اليوم ان تكسب جزءا من ثقة الشارع بمعارضيه واحزابه… خاصة بعد افراجها عن مجموعة من معتقلي الرآي العام… وانزالها الجيش للشارع… واستخدام مرافق عالية الجودة للحجر الصحي وتعاملها مع ملف كورونا بكل صلابة وحزم…

اليوم… وقف الشعب بجانب قيادته وحكومته. وكأن لسان حالهم يقول( انا واخوي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب)…. لتجد نقابة المعلمين التي دوخت الحكومة تقف بكل ما اوتيت من قوة بجانب حكومتها.. اضافة لقطاعات واحزاب كجبهة العمل الاسلامي… وشركات خاصة وحكومية.. ناهيك عن الفزعات الشعبية التي امتاز بها النشامى على مدى عقود…

الشعب اليوم أثبت حسن نواياه تجاه بلده… وأوصل للحكومة درسا مفاده ان المعارضة لم تكن يوما للمعارضة فقط… بل للمصلحة العامة…وهو بذلك(اي الشعب) برأ ذمته… ووضع الكرة في مرمى حكومة الرزاز التي لا بد لها بعد انتهاء (معمعة) كورونا أن تقرأ الدرس جيدا لتفهم الابجديات الشعبية… الابجديات التي تشير إلى ان الشعب والحكومة في سفينة واحدة.. ولا يجوز لطرف منهما أن يخرقها ليغرق اهلها…. فلا عاصم اليوم للحكومة إلا الثقة الشعبية.. َولا عاصم للشعب إلا الدعم الحكومي…

الرزاز اليوم ارتفعت أسهمه في البورصة الشعبية… ولا بد له الا ينسى ان الشعب لايملك ذاكرة السمك… فالشعب يسامح لكنه لاينسى…. وعليه ان يدرك أن الاردنيين سيتغافلون عن مبدأ المثل القائل (كيف أعاودك وهذا أثر فأسك)… لأنهم سيعادون ربط الخيوط بينهم وبين حكومتهم وسيتناسون مافعلته بهم من غلاء وفواتير وغيرها لايطيق المقام أن يذكرها درءا للفتنة…

لذلك… وجب على الرزاز وحكومته… أن يعوا جد الوعي وان يستغلوا هذه الفرصة التي وحدت الشعب والحكومة.. ليعملوا على تضييق الهوة… ويخطبوا ود الشعب.. ويفتحوا صفحة جديدة… ويطووا صفحات الخلاف والاحتقان والتوتر. … ليقف جنبا إلى جنب معهم في أي قرار دولي او اقليمي او حتى داخلي…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى