انا اردني بالملة … واتعاطى الفقر بالفطرة
واقسمت بأن احافظ على ارث والدي رحمه الله انتماءا وولاء لوطني وان ارتدي جلبابه عفة وفقرا،خلقا وكرما وصبرا … وان لا أحيد عن المسرب الذي اراده لي في اختراق حدود ذاتي… بان اكون مخلصا لربي ولوطني الذي وان قسى علي يوما لم تكن قسوته بأشد من قسوته على ابي من قبلي .
فابي يا سادة فلاح من اربد وكان له مع الفقر موعد….
وامي كانت خياطة حاكت لنا من الفقر سجادة نركع عليها ونسجد…
ورقعت لنا جيوب الفقر واثقة ان لا رازف سوى الله يعبد ….
واخيرا ماتوا يا حسرة محكوما عليهم مع سبق الاصرار بالفقر مؤبد…
لكن ورغم الفقر لم يشجب والدي ولم يصخب فخبزاته كانت من طحين قمحه المدعوم بعرق جبينه قايضه مع – بيضة دجاجته وحليب مانوحته- بزيت سراجه وخضرته وفاكهته وكسوة بدنه ….
لم يضجر حينما كان يرفع سعر المحروقات فمركبته كانت دابته وكان فلها حفنة شعير ومخزون ماءه حد الطفح في البير الغائر عمقا في حوش الدار …
وبطاقة صرافه طاقة كوارته وضرع مانوحته ورصيده متوفر ما دامت الارض تغل والسماء تمطر ….
لم يضجر والدي لانه كان يعلم ان بيدره كان له ولم يسرق الا بحبات كانت تسحبها نملة او يبتلعها جوف طائر جائع ….
لم يضجر والدي حينما كانت حكومته يديرها حراث مثله وكان مثله يلتغ بحرف الكاف… وله نفس الوجع … والمعاناة اما واليوم يا والدي وقد نهبوا الغلة…..
ولم يبققوا على البيدر حبة قمح لا للطير ولا حتى للنملة …
فسامحني ان حنثت بالقسم بأن اخلع جلبابك ولن أضجر وسأبقى على الوعد يا ابتي بان ابقى اردني بالملة…وساورث شرف الفقر لأبني فقرا لكن لا تعلوه ادنى مذلة ….
بسكة حراث ابن حراث
