الوحدة العربية / يوسف القرشي

الوحدة العربية
الوحدة العربية هي إحدى المصطلحات التي تمتزج داخل مفكرتنا مع أكثر من قرن كامل من الألم و الأمل ، الأمل الذي رافق كل محاولات التحرر من أولى الثورات على الهوية الجامعة السابقة (اتفقت مع هذا أو لم تفعل) ومحاولة صنع هوية جامعة ( أو إعادة إحياء هوية ) ، والألم الذي طعن ذلك الأمل في الظهر من الداخل والخارج من خلال القوى الاستعمارية الداخلية والخارجية ، ومن تربى على يد الاستعمار ليكون خليفة لهم في بلاد العرب .
لست من متابعي كرة القدم والرياضة عموماً ، لكنني مهتم للغاية بما أراه بشكل مستمر في كل نهائيات كأس عالم على وسائل التواصل الاجتماعي من وقوف العرب عموماً خلف الفرق العربية في التشجيع دون أي تكلف ، حيث يقف الأردني خلف التونسي ويقف السوري خلف المصري وهكذا – مع استثناءات هذا العام هنا وهناك – ، وهذا يحمل معنى عميقاً أبعد من كونها مجرد تشجيع لمنتخب صديق أو شقيق .
يحمل هذا التشجيع باعتقادي في طياته مظهراً سوسيولجياً عميقاً حاول الاستعمار وأبناء الاستعمار مسحه من الوجود ، إنه ينبي بأن العرب ما زالوا بعد أكثر من 100 عام من اضطهاد هويتهم الجامعة لا زالوا في أعماقهم يعتقدون ويعرفون أنهم … واحد .
لا زالت الشعوب العربية برغم اختلاف حكوماتها و بلاء اقتصادها وحصارها يمنة ويسرة تعتقد أنها واحدة ، ننزعج من بعضنا ، نتعارك ، نتقاطع ، لكننا في النهاية واحد ، مصيرنا واحد ولو أنكرنا ذلك ، و ثقافتنا واحدة ولو حاولنا تمييز بعضنا عن بعض .
ذكر لي والدي – الذي عمل في الصحافة فترة طويلة – قصة يرويها عن مؤتمر للجنة الأولمبية في إيطاليا حيث جلس بجانبه صحفي فرنسي شاب ، وكان في المؤتمر صحفيون من كل الدول العربية ، فجلس القوم يعملون ما يعمله الصحفيون عادة حتى أتت الاستراحة ، فانطلق الوالد ومعه جاره الفرنسي للردهة يتكلمان ، وكعادة العرب أينما حلو بأصواتهم العالية ، يمر الصحفي المصري فيسلم عليه الوالد ويتبادلان أطراف الحديث ، فيمر بعده الجزائري والسوري وهكذا كلّ بلهجته والوالد يرد ويتكلم معهم بلهجاتهم مزاحاً ، بعد انتهاء الاستراحة لم يستطع الفرنسي كتم تعجبه فسأل الوالد : ” كم لغة تتكلم يا رجل ؟ ” فأجابه الوالد : 23 وعشرين لغة ! .
التقيا لاحقاً في مؤتمر آخر فلامه على ” الكذب ” عليه ، فأجابه الوالد : أنت صحفي ويفترض أنك تعرف الدول العربية ، فقال له الفرنسي : وكيف لي ان اعرف ان من يتكملون لغة واحدة لهم 23 دولة و 23 علم و 23 وفد هذه حالة لم تمر في التاريخ ولو مرة واحدة ؟؟!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى