الموت للأذكياء في عالم الأغبياء

الموت للأذكياء في عالم الأغبياء / يوسف غيشان

«مش ابن عيشة» …. عبارة نقولها كجملة خبرية ذات طابع تنجيمي تنبؤي كلما عرفنا شخصا -خصوصا إذا كان طفلا أو شابا -ذكيا ومتميزا. وإذا توفي أحد هؤلاء نقول ذات العبارة مع التأكيد بأننا عرفنا انه سيموت مبكرا لأنه (مش ابن عيشة).
التراث العربي يحفل بهذه الأمثال التي تؤكد ان لا مكان للأذكياء بيننا. فهذا المتنبي يعلن على الملأ بأن الطفل (زيتون) لن يكمل الأربعين يوما على هذه الحياة، لمجرد انه (شمط) المتنبي بيتين من الشعر يسخر من قصة النبوة التي ادعاها ردا على بيتين تافهين للمتنبي يداعب فيها الصبي ويقول:
سموك زيتونا وما أنصفوا
لو أنصفوا سموك زعرورا
ان في الزيت نورا يستضاء به
وانت لا نار فيك ولا نورا
فرد عليه الفتى المغدور بالقول:
أيا لعنة الله صبي
على لحية المتنبي
لو كان هذا نبيا
لا شك أن القرد..
هذه مجرد أمثلة على حزمة من الأقاصيص والحكايات التي تشي بأن تاريخنا يرفض الأذكياء والعباقرة والمتميزين ويعتبرهم شذوذا عن القاعدة وان لا مكان لهم في دفتر الحياة.
لذلك نحن مجتمع راكد مثل (خضراء الدمن) ندور حول أنفسنا ونرجع للخلف ونحن نعتقد بأننا نسير إلى الأمام!
لا كرامة لنبي في وطنه، ولا كرامة لذكي في وطنه ولا كرامة لمجدد في وطنه.
لن نتطور إلا إذا اختفت هكذا أحكام من تراثنا القادم، وصرنا نحتفي بالمتميزين بدل ان نحكم عليهم بالموت العاجل

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى