الملف الغائب/ ماهر ابوطير

الملف الغائب

لابد ان تقف الدولة، وليس الحكومة، عند ماتواجهه قطاعات كثيرة، وهذا الكلام لايأتي من باب التحريض، بل لربما المطلوب بكل هدوء وايجابية ان يتم الاستماع الى كل القطاعات في البلد، التي تواجه وضعا صعبا جدا، من اجل محاولة مساعدتها، او انقاذها، والتخفيف عنها.
هذا الامر لايرتبط بوضع هذه القطاعات، في هذه المرحلة وحسب، اذ ان اغلب هذه القطاعات وخلال السنين العشر الاخيرة، تبرق يوميا، بوجود مؤشرات خطيرة على وضعها، سواء قطاع المزارعين، او القطاع الصحي الخاص، او الحكومي، او قطاع الاستثمارات الصناعية، او القطاع التجاري، او قطاع الاعلام، او القطاع السياحي، وغيرها من قطاعات، تتعرض الى تراجعات اقتصادية كبيرة وليست سهلة.
مالذي يمنع تخصيص ايام محددة، لاجتماعات مع كل قطاع على حدة، من اجل محاولة مساعدة كل قطاع، خصوصا، اننا نشهد شكوى مريرة من الضرائب، وفقدان الوظائف وغير ذلك، ومن الممكن التخفيف عن هذه القطاعات، حتى بدون التخفيف من الضرائب، عبر ايجاد حلول كثيرة، حتى تستمر.
المشكلة من حيث المبدأ لاترتبط بقطاع واحد، او بالمقابل بحكومة واحدة، فالمشكلة اكبر بكثير، لان تبرير كل الاجراءات بوجود مصاعب اقتصادية وديون وعجز- امر اذا اردنا قبوله – فهو لايعني ترك هذه القطاعات لتضعف تدريجيا وتتراجع، خصوصا، ان امكانية ايجاد حلول يبقى امرا وارادا.
خذوا مثلا قطاع الزراعة ومشاكله، فهي مشاكل تتجاوز قصة الضرائب المختلفة، وهناك مجالات لابد من التدخل بها، على صعيد التسويق، وغير ذلك بما يخفف عن هذه القطاعات، والامر ذاته ينطبق مثلا على القطاع الصحي الخاص، الذي يواجه اشكالات لها علاقة بالمديونية، وفواتير مرضى عرب، وقصص كثيرة، من الممكن ان تساعد الدولة في حلها، وقطاع الاستثمار الصناعي، الذي يواجه مشاكل مختلفة، وبحاجة الى مساعدة.
قد تقبل كل هذه القطاعات الضرائب، والتغيرات، اذا سوعدت بوسائل بديلة، وهذا يعني ان القصة ليست قصة ضرائب، بل قصة كساد، وعدم وجود حيوية في الاقتصاد لاعتبارات مختلفة، وهي ظاهرة تشتد، وبحاجة الى تدخل من الدولة، عبر تحديد هذه القطاعات، والاجتماع مع كل قطاع، والاستماع الى مشاكله، ومساعدتهم للانتعاش مجددا، حتى في ظل الغلاء والضرائب، عبر الحلول البديلة.
لقد اشرت الى قطاع الزراعة الذي يعتاش منه مئات الاف الاردنيين، فهؤلاء على فرض قبولهم لكل انواع الضرائب على اعمالهم، الا ان مشكلتهم الاصعب تتعلق بكون كل ابواب التصدير مغلقة، وهنا تتضاعف المشكلة، ومايراد عبر هذه الاثارة، ليس التراجع عن الضرائب، لان الحكومات لن تتراجع مهما تحدثنا ومهما قيل في هذا الصدد، بل مساعدة هذه القطاعات بايجاد حلول لانعاشها، لكون مشاكلها لاتقف عند حدود الضرائب.
لقد تأثرت ايضا هذه القطاعات بكل انواع الضرائب خلال السنين الماضية، لكن الاستسلام لهذا الواقع امر مؤسف، فلا احد في الاساس يقبل الضرائب، لكونها سوف ترتد على الناس، لكننا نسأل لماذا لايتم الاستماع الى كل القطاعات والبحث عن حلول لانعاشها، وهو امر ينطبق على بقية القطاعات.
هذا ملف لابد من الوقوف عنده، لان القصة هنا، ترتبط بالدولة، وحيويتها، والناس، ولايمكن تصغيرها واعتبارها مجرد مطالبات مستمرة، ومجرد شكوى وانين من الضرائب، او انها مجرد حملات ضد الحكومات، وان الخزينة لامال فيها.
الحلول البديلة تبقى متاحة ولو جزئيا، فيما لايبذل احد اي محاولة لمنع انهيار قطاعات كثيرة، ونحن هنا لانروج لقبول الضرائب، لكننا نقول انه لايجوز ان نعتبرها نهاية الدنيا، وعلينا ان نبحث عن حلول، بدلا من الاستسلام لهذا الواقع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى