اللّـــه حيـهُــم “ربــع القنــاوي الحُمــــر””

اللّـــه حيـهُــم ” #ربــع_القنــاوي الحُمــــر””

بقلم: الأستـاذ عبد الكريـم فضلـو عقـاب العـزام

القناوي: جمع قنوة وهي في عصرنا عصاةٌ غليظة و لها رأسٌ كروي تستخدم في معارك اليوم. والبعض يقوم بغرس المسامير في الرأس الكروي حتى تكون موجعة أكثر على رؤوس الخصوم.
أخي القارئ: لعلّ ما شاهدناه اليوم على شاشات التلفاز من لقاء بطولي بين أعضاء مجلس النواب كان شيئاً يقف منه شعر الرأس كالإبر لِما رأينا في هذا اللقاء من بطولات تستحق أن تُخلّد بقصائد من الشّعر كما خلّد السابقون لعنترة العبسي، والمهَلهِل، و عمر بن ود العامري و أمثالهم من صناديد العرب، و اعذروني للمقارنة لأنّ عنترة و أمثاله من القدماء كانت ساحات معاركهم واسعة وغالباً ما كانوا يمارسون بطولاتهم على أصوات الزغاريد، و الهجيني، في حين ساحات معارك أبطال اليوم هي بناءٌ له أربعة جدران، ويكون مدرّجاً، و لأنّ المعركة راجلة و ليست على ظهور الصافنات، فإنَّ المستهوَشون، الذين يريدون مباغتة العدو يجلسون على الكراسي المرتفعة حتى ينقضوا كالعقبان مع أول كلمةٍ جارحة مثل (اسكت) أو (هسّع بطلعك)…الخ.
لأنّ هذه الكلمات و أمثالها أشعلت حروباً مشابهة كحرب داحس و الغبراء، وحرب البسوس، واليوم (معركة القبة الطاحنة) التي إن شاء الله سنرى نتائجها وفضلها على الشعب والأمة.

إنّ نوابنا المحترمين بعد أن عالجوا كل مشاكلنا وقضايانا برويّة وسعة صدر، وبفكرٍ نيّر استشرافي، لم يبق شيء يعالجونه، و يتدارسونه ، وحتى يتماشوا مع المثل القائل (قلة الشغل بتعلّم التطريز) لم يجدوا شيئا يتلهَّـون به ويلهوننا معهم سوى الحرب وضرب (القناوي) آملين أن يرجعونا لأيام عفا عليها الزمن، ولم يختاروا من تلك الأيام إلا الجانب المظلم: الحروب ، وضيق الصدر. وتركوا من تلك الأيام الحِلم، و الرويّة، وسعة الصدر و التخطيط، كُلُّ هذه تُرِكت لأعداء الأمة ونُوَّابهم، الذين يضعون استراتيجيّاتهم لدفن هذه الأمة و تاريخها.

مقالات ذات صلة

و حتى يُحققوا أهدافهم لا بُدّ أن يَروا ممثلينا كذلك، كما رأينا اليوم، و أن يُغذوا فكر ناخبيهم بثقافةٍ تُوصِلُ إلى الهدف المطلوب.
إخواني: لا بُدّ أن يقف المواطن و يفكر مليّاً و يقارن بين المجالس المتعاقبة للأمة، ليرى أنّ كل مجلس يذهب يكون أفضل من الذي يليه، و لعلّ هذا يتماشى مع الحديث النبوي الشريف: ” خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه”.
ألا نرى أنّ أصحاب الفكر، ومستودعات التجربة والخبرة ومن يُشهد لهم بالتميُّز، والذين كانوا مضرباً للمثل في أدائهم وفكرهم وتخطيطهم، نراهم اليوم قد تركوا الساحة ليس تخاذلاً منهم ولا تقاعساً، ولا تقصيراً عن أداء الواجب، ولكن لأنّ الفرسان الذين جاءوا من بعدهم أصبحت معاركهم مختلفة، و أصبحت أسلحتهم مختلفة، وأصبحوا يسيدون و يميدون دون رقيبٍ أو محاسبة، يصلون عن طريق المال، و عن طرق أخرى كثيرة لا يقبل أن يمشي عليها من سبقهم من الرجال، ولهذا هم اليوم يتفرّجون و الألم يُقطِّع أوصالهم، لأنهم باتوا يرون الكثير من الخراب بدأ يصل إلى ما بنوه على مدى تاريخهم الطويل.
لقد كان الأوائل يحترمون الصُّحبة (الزمالة) وكانوا لا يرفعون أيديهم ولا أسلحتهم إلا على الغريب، و كان فخرهم بحجم حِلمِهم، و كرمهم ، و بحجم تحملهم للأذى، و صبرهم على الجاهل، وبمقدار ما يعملون على الإصلاح و إفشاء المحبة والسلام.
لم يكن قديماً يخطر ببال نائب أن يصل مع زميله لمعركة بالأيدي، لأن مقارعة الفكر للفكر و الحجة للحجة أبلغ و أكثر أثراً.
أعتقد أنه بعد ما رأينا اليوم لا يستطيع الكثيرون أن يترشحوا للنيابة، ولا حتى التفكير بها، لأنّ بعضهم لا يملك المال حتى (يَـفُـت) و إذا ملك المال فإنه يحتاج لدورات في الملاكمة و المصارعة و (هز القناوي) و يحتاج لمعجم من الألفاظ التي يربأ عن قولها و استخدامها.

وختاماً أختم حديثي بالدعاء إلى الله أن يهدي الناخب والمُنتخَب، و أن يفتح على بصيرة الناخب، لعلّ الله يهدينا ويكشف عن بصرنا حتى نختار ما ينفعنا وينفع بلدنا و يُرضي ربنا و يستر علينا لأنّ السِّتر اليوم مطلوب و نلهث وراء السِّتر مثلما نبحث عن الماء والغذاء والهواء.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى