بس أتطلع بعيوني / يوسف غيشان

بس أتطلع بعيوني
مجانا ، ولوجه الله والأردن (لا بغداد والرطبة ) سوف أسخّـر ثقافتي واطّلاعي من أجل رأب الصدع بين الحكومة والشعب ، طبعا لا أعرف معنى كلمة (رأب) لكنّي سوف أرأبه خاوة ،
وبلا هوادة ، بل وأفتح مكانه أوتوسترادات ومطارات لتمتين أسس التعاون المشترك بين شقّي التفاحة الأردنية : الحكومة والشعب بقضه وقضيضه .
تتحدّث الأساطير اليونانية عن كائنات يسمّونها ( أستونات) وهي كائنات عديمة الفم وتحيا وتقتات على الهواء فقط لا غير، فهي لا تستطيع الأكل أو الشرب ولا الحديث والنق على الحكومات ، ولا شتم الأميركان ، ولا تأييد المقاومة العراقية .
يمكن حلّ مشاكل الأردن السياسية والاقتصادية والاجتماعية كلّها ، وذلك عن طريق إرسال بعثات من الجمعية العلمية الملكية ، وما يشابهها من جمعيات علمية متخصصة ، إلى بلاد الإغريق للحصول على الخريطة الجينية والشيفرة الوراثية لهذه الأستونات ، ودحشها في الخريطة الجينية للإنسان الأردني لغايات إنتاج إنسان قادر على العيش بدون أكل ولا شرب ولا نق على الحكومات .. مواطن لا ينبس ببنت شفة وماكل هوا على طول .. والهواء كما تعلمون لا يحتاج إلى جمارك ولا إلى ضريبة مبيعات ولا شهادة منشأ ، ممّا يلغي فاتورة الغذاء ويوفر مخزوننا المائي من أجل ممارسة الطيش على شبر مي .
والهواء أيضا لا يُسلق ولا يشوى ولا يطبخ بل يؤكل نيئا ممّا يخفف كثيرا من فاتورة الطاقة .
الأستونات الأردنية الجديدة لا تحتاج أيضا إلى التدفئة والتبريد ، لأنها – كما علمت – تختزن الطاقة وتتحكم بها كما تشاء ، كما أنها، أيضا، لا تحتاج إلى وسائل مواصلات لأنها تتدحرج من مكان إلى آخر وتتحكم بأجسادها الهلاميّة ، ممّا سيوفر الفاتورة النفطية وتنتهي حوادث السيارات ومشاكل الحافلات الصغيرة ومكمكات الكنترولية والأزمات المرورية وكوارث السرعة الزائدة .
تخيّلوا أننا لا نحتاج في الأكل والشرب ، سوى إلى الهواء … هذا يعنى أننا سنتوقف عن الاستدانة من بنوك العالم وصناديقها ونشرع في تسديد مديونيتنا من عوائد بيع المنتجات الغذائية التي ننتجها ، لا بل أننا نستطيع بيع كميات الغاز المستخلصة من بئر الريشة والتي لم تعد تكفي لتعبئة قداحاتنا ، لأننا لم نعد نحتاج لها ، بعد أن ارتقينا إلى رتبة الأستونات فنحن لا نتدفأ ولا ندخن أصلا ، لأننا بلا أفواه .
بعد إنهاء تسديد المديونية نشرع في بناء ثروتنا الوطنية ونعيش في بحبوحة اقتصادية ، تذكّرنا بتلك الأيام حين كانت الأردن جزءا من دولة الأنباط الممتدة من تدمر إلى مدائن صالح شاملة معظم فلسطين .
الأهم أننا لن نتحدث بالسياسة ولا بغيرها ممّا يجعل الوئام الاجتماعي يحلّ بديلا عن المجاقمة ، والهدوء بديلا عن المصارخة والمعابطة .. ولا يعود ثمّة داع للبرلمان والتجمّعات والكتل والأحزاب ووجع الرأس والحنجرة ، ويصير نشيدنا الوطني .
لا بوكل ولا بشرب بس اتطلّع بعيوني
بالليل يا عيني بالليل
من كتابي(لماذا تركت الحمار وحيدا)الصادر عام2008

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى