”اللفلفة” ونتائجها !

”اللفلفة” ونتائجها !
نايف المصاروه.
#اللفلفة ” في اللغة: مصدرها، لفلف..
لَفْلَفَةٌ لَفْلَفَ -الفضيحة أو القضية: سترها.
في العرف العامي تعني القيام بعمل مجزوء ومنقوص، وإظهاره بمظهر الكامل الوافي، تماما كما هو الحال عند إستخدام مساحيق التجميل، فعند تعرضها لرشقة ماء تزول، أو للشمس فتذوب.

في علم الطب، ولست طبيبا، ولكن تجارب السنين، علمتني أن كثرة #المسكنات لا تداوي العلل، كما أن  الكسور والجروح والقروح والدمام بعمومها ودرجاتها، لا تجبر ولا تعالج بلف الضمادات عليها  فحسب.
بل يجب أن تعالج الكسور بتصويرها، لتحديد مكان الكسر وخطورته وطرق علاجه، إما بعملية جراحية طارئة، او بجبيرة تزيل التشوه وتخفف الألم وتعيد الأمل.
كما يجب أن تعالج الجروح والتقرحات والدمامل، بالوقوف على كل حالة منها، فبعضها يحتاج إلى تداخل جراحي لوقف النزيف، أو لإزالة اسباب التقرح والإلتهاب  وبشكل جذري، مع الحرص على دوام المتابعة والعلاج لحين الشفاء.

وكم من الكسور والجروح والدمامل وبعد “لفلفتها” ، بقي الإعوجاج والألم ،فأعيد كسرها او فتحها مرة أخرى لمعالجتها  !
لكل صاحب قرار في بلدنا .. وإنطلاقا  من حق حرية  التعبير عن الرأي وحق مخاطبة السلطات، الذي كفلهما الدستور،واللذين هما مع غيرها من بقية المواد ،يشكلن أساس حق لمجتمع وسلطاته وحفظه من التغول، بمعرفة الحقوق والواجبات.

وعليه فإنني أخاطب الجميع، وبالتصريح لا بالتلميح ، وقد سبقني بعضهم ، ليقول يوما وفي حضرة الملك ومن معه،الكرك…. والوطن كله ليس بخير…وهو واقع حقيقي كذلك.
بل إن حالنا وواقعنا  يزداد سوءا، وكل المؤشرات تدل على ذلك، ولا مخرج من عنق الزجاجة، ولا بوادر للعصر الذهبي الموعود ، مع أننا نملك الحلول وما أكثرها.

مقالات ذات صلة

وإن أرد البعض من صناع القرار معرفتها ، فأنا على استعداد لطرح بعضها، وترجمتها وتحويلها إلى واقع عملي، لعلها تساهم في وقف واقع التجفيف الذي نراه يخيم على حياتنا، تجفيف في الخزينة، وتجفيف في السدود والجيوب والكرامة، وتجفيف في التعليم والإعلام  والحريات.
لسان حالي والكثيرين مثلي يقول… لقد بلغ السيل الزبى، وسأختصر واشير إلى حقائق ماثلة.
أذكر أنه وقبل نحو ثلاثين عاما أو أكثر ، حدث إحتجاج شعبي في بعض مناطق المملكة بسبب قرار حكومي برفع اسعار الخبز، وتم إقالة تلك الحكومة، وإنتهت تلك الأزمة، بعد أن تم لفلفة الكسر او الجرح او التقرح الشعبي ، ببعض  المضادات والمسكنات فقط ، ولم يتم العلاج بالتشخيص  وبشكل جذري وصحيح، فبقيت تلك  الأسباب قائمة، وهي مشكلتنا بالأمس وتتكرر اليوم وربما غدا.
وقبل سنوات أيضا اقدمت حكومة سابقة على قرار برفع الأسعار، فاستفزت الشارع الشعبي المنهك ، والذي تداعى للإحتجاج مرة أخرى ، وعلى اثرها أيضا  تم إقالة تلك الحكومة.
صحيح  ان الأزمة انتهت مؤقتا ،ولكن بقيت المسببات ذاتها ، كجروح الرفع، وقروح الغلاء ودمامل التازيم.

وقد قيل ويقال عن خطط للإصلاح الإقتصادي، ولا يرى من ذلك الإصلاح إلا إرتفاع صارخ في الأسعار، وتآكل في الرواتب والأجور ، ولا نوايا لزيادتها ، مما أسهم في سحق ما كان او بقي من بعض الطبقات، ليتجلى واقع الفقر والجوع والعوز، أكثر في كل يوم .
والزيادة الملحوظة في إعداد الفقراء والجوعى، والدراسات وأعداد المنتفعين من صناديق العون الإجتماعي، أو الذين هم في طريقهم إليها ، وما خفي أعظم، خير شاهد على ذلك .

والسؤال الذي يتكرر.. ألا يوجد لدينا حلولا أخرى غير رفع الدعم و الأسعار، والتفنن في فرض المزيد من الضرائب والرسوم؟

وأعلن مرات عديدة، عن برامج للتشغيل والتوظيف، ولكن الواقع هو زيادة في أرقام البطالة، وبدلا من ضبط السوق وتوفير فرص العمل الحقيقية للاردنيين، وتفضيلهم في ذلك على غيرهم،أسوة ببعض الدول.
إلا أننا نلمس ونجد أن مئات الآلآف من فرص العمل تذهب للآجئين.
والسؤال.. كيف لدولة تعاني من إرتفاع في نسب الفقر والبطالة، ثم تأتي ببعض الإستثمارات وتشجعها وتقيمها ،ثم تذهب فرص التشغيل والتوظيف لغير مواطنيها؟

ويقال أيضا.. عن إصلاح إداري، ولا يرى من ذلك الإصلاح إلا زيادة في التخبط ، وزيادة في توزير أو تعيين العديد من كبار الموظفين ومن مدينة واحدة او إقليم بعينه دون سواه.
ونسمع ونقرأ في تقارير ديوان المحاسبة، عن قضايا فساد مالي وإداري، ما يجعل الحليم حيران.

وكأنه لم يبقى إلا الآثار، فتقوم الحكومة، بإعلان مثير ومستفز ومريب، موجه لفئة محددة من الشركات المحلية والدولية ، لغايات الاستثمار في أحد المواقع الأثرية!
ومن واقعنا أنك لا تجد مواطنا، إلا وقد وقع في شرك الديون وويلاتها،هذا غيض من فيض؛
فهل هذا هو الإصلاح الإقتصادي والإداري  المزعوم؟

وإلى متى سنبقى على حالتنا… وكثرة مسميات الروابط، فيما نتراجع ونترااااجع،وتتلاشى الروابط المهمة او الأكثر أهمية كالمواطنة او الانتماء  او تكاد تنعدم؟

ومنذ أيام عادت مرة أخرى، نفس أزمة جروح الرفع، وقروح الغلاء ودمامل التازيم السابقة، تخللها  سلوك عنف  مرفوض أدى الى القتل والجرح، وتجلى بالإعتداء على رجال الأمن، أو الإضرار ببعض المؤسسات والممتلكات العامة او غيرها.

ونعيد التأكيد على أن  ذلك السلوك مرفوض ودخيل، وقد أظهرت التحقيقات وتجلت الحقيقة، بعد الكشف عن المتسبب باستشهاد العقيد عبدالرزاق الدلابيح، ومن لحق به أيضا من أبناءنا واشقاءنا من الشهداء الذين ارتقوا او جرحوا ،أثناء عملية إلقاء القبض على ذاك المجرم والجاني الآثم ومن معه.
حقائق كشفت سابقا وستتكشف لاحقاً ، بأن خطر الإرهاب الأعمى يلاحقنا، وهو خطر يضاف إلى جملة أخطار أخرى ،كالفساد والفقر والجوع والبطالة وسوء الإدارة،وهي بيئات لنمو فكر الإرهاب والتطرف.

ووقفة تأمل.. في أحداث قلعة الكرك، والتي تزامن تاريخ وقوعها مع تاريخ ما وقع في معان مؤخرا ، وثبت ان الإرهابيين الذي نفذوا الجريمتين الآثمتين، هم من أهل الفكر التكفير.
ومع علم الجميع بأننا مستهدفون، ولكن السؤال.. أين كانت رقابة ومتابعة الأجهزة الأمنية كلها ،عن هولاء وغيرهم من الخلايا النائمة او اليقظة ؟

يا أصحاب القرار ..” إن زوال بعض مظاهر الإحتجاج  من الشوارع والطرق، بالأمس أو اليوم او غدا، فعل مأمول ونتمناااه!
لكنه قطعا ليس دليلا على زوالها بالمطلق ، “لأن أسباب الإحتقان والتأزيم بادية وباقية ” ، “والواقع شاهد وتكرر ماضيا وحاضرا وسيتكرر لاحقا”.
ولا ولن تزيلها كل أذرع القوة، ما لم يتم إزالة كل اسبابها ومسبباتها بعملية إستئصال كلي .
فكثرة وصفات المسكنات، لا تداوى العلل، كما أن الكسور والجروح والدمامل، لا تجبر ولا تعالج بلفلفتها ببعض الضمادات فقط ،لأنها ستعود للإعوجاج والإلتهاب والإحتقان مرة أخرى .
كم يعز علينا تعب السنين عندما كنا ننام وقوفا في الشوارع والطرقات،وكم يعز علينا عرق الجبين والدم .
وكم هو موجع ألم النفس، بأن تصل حالتنا إلى ما وصلت اليه، وأنا وغيري نرى بلادنا تدار بعقلية التاجر، الذي لا يهمه سوى هامش الربح.

فهل كل أموال الدنيا تساوي قطرة من دم أي أردني من الشهداء او غيرهم  ؟
لا والله وبالله وتالله، وإن كل الدنيا،بما فيها  وما تطلع عليه الشمس ، لا تساوي بسمة طفل في حظن والديه.

ومع أن  أسعار  المحروقات عالميا قد إنخفضت، ترفض الحكومة تخفيض اسعارها ،،وفي ذات الوقت تقدم دعما نقديا لمالكي وسائط النقل العام، والسؤال… إذا لماذا الإصرار على قرار الرفع؟

سادة القرار.. نعم نطالب بإقالة هذه الحكومة، بعد أن ثبت فشلها مرارا ، ومثلها كل حكومة لا تجعل همها الأول، هو المواطن الذي هو راس المال.
وأشير إلى حالة عدم الرضى الشعبي عنها، كما أشير إلى بيان عشيرة الشهيد الشقاحين، الذي حملها المسؤولية ، ومن قبله بيان ملتقى رفاق السلاح الذي وقعه أكثر من 300 من كبار الضباط المتقاعدين، وغير ذلك كثير .

ونطالب اكثر وأكثر وهو المهم، بضرورة تغيير كل النهج الذي تتشكل أو تتعدل عليه كل الحكومات وبشكل جذري .

وإن كان شهداء الغدر قد إرتقوا فرحين بما آتاهم الله من فضل الشهادة ،فإن الوطن باق فينا، والشرفاء من اهله باقين فيه، وليس لنا مكان أو عنوان سواه.

وسنبقى بإذن الله ما بقي لنا من الزمان بقية، وسيبقى الأردن فينا محفوظا بحفظ الله وفضله، ثم بفضل تضحيات المخلصين من أبناءه ، ودعاء الأمهات والأباء وكل الصابرين والخيرين.
وسنبقى على العهد، نحمي وندافع،ونزرع ونبني ما استطعنا، وننصح ولو بشطر كلمة.
سادة وصناع القرار،. نعي وندرك تماما، ما يمر به العالم كله ونحن جزء منه ، من ضرف استثنائي…؛
وتعلمون جيدا، بأن الأردني حر لا يقبل الضيم ، شيمته الفزعة، ويحب الكبرياء والأنفة، ولو طلب منه رغيف الخبز الذي في بيته، ولا يوجد سواه لجاد به عن طيب نفس ورضى .

لكن تحقيق العدالة واجب ومطلوب، فليس من العدل والإنصاف،ان يجوع الفقراء ويزداد عددهم، وتتنوع وسائل تجويعهم، حتى وصل إلى حد أن يلتقط بعضنا رزقه من حاويات القمامة!
فيما يزداد الفساد ويستشري ، وتكثر السمسرة وقضايا الإعتداء على المال العام .

نعم للمكاشفة والمصارحة والوضوح والتوضيح، فالحمل الثقيل يجب أن يحمله الجميع،وليس على فئة دون أخرى.
نعم للعقل والحوار الجاد والمسؤول، ولا للخوف والتقوقع، والنفاق وهز الذنب، ولا وكلا.. وألف لا.. للعنف كله وبكل مسمياته ، ولا للغة التهديد والتخوين او التحدي، التي بتنا  نسمعها .
السادة وصناع القرار.. هذا ندائي ونداء  كل أردني لكم، وقد اقسم بعضكم مرارا على حفظ الأمانة.. فاحفظوها، وبادروا وبشكل عاجل، بعلاج وبتر كل أسباب ازماتنا، والبحث الجاد والصادق عن العلاج الشافي، ولو كان الكي بالنار !

حفظ الله وطننا وشعبنا الأبي كله من شر كل” مصلحجي ” جبان وكل أفاك  وإمعة وعابث وفتان. 

كاتب وباحث أردني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى