القاضي المتقاعد عقيل العجالين يكتب .. الحد الفاصل بين ممارسة السلطه واغتصابها

#سواليف

كتب #القاضي المتقاعد #عقيل_العجالين

يكثر الحديث في هذه الأيام عن #القوانين الأخيرة الجاري العمل عليها وأنها تشكل تعديا على #الحقوق و #الحريات_العامة، والحقيقة إنها كذلك، فالأمر واضح من هذه الناحية إلا أن المسألة الأهم هي بيان كيفية معالجة #تعديات هذه #القوانين؛ فقد بات واضحا أن أغلب الآراء القانونية التي انتقدت مشاريع القوانين اعتمدت طريقة عشوائية لا يمكن لها أن تنال من مشاريع هذه القوانين التي تم طرحها على الساحة البرلمانية في الفترة الأخيرة لذلك فقد مر وصدر بعض مشاريع هذه القوانين وستصدر الأخرى إن بقي النقد على هذا الحال.
ذكر المدافعون عن مشاريع القوانين بأن منتقدي مشاريع هذه القوانين ومعارضيها لم يقدموا وجهة نظر متماسكة لرفض هذه المشاريع والحقيقة أن ما ذكروه يقوم على جانب من الصواب ذلك أنه قد اختلط الحابل بالنابل وأدت كثرة الآراء العشوائية إلى التعتيم على وجهات النظر السليمة التي انتقدت مشاريع القوانين بسبب قلة الاخيره أو ندرتها
إن العشوائية كانت واضحة حيث أن هناك من قام بالنقد والتعليق على أعمال تستقل بها سلطة التشريع بموجب #الدستور فلا يجوز لأحد أن يتدخل في هذه الأعمال فكل سلطة من سلطات الدولة لها استقلالها في أعمالها فكما أنه لا يجوز التدخل في استقلال القضاء بالنسبة للأعمال التي يختص بها فكذلك الحال لا يجوز التدخل في الأعمال التي تستقل بها سلطة التشريع
أن عملية نقد القوانين والتشريعات يجب أن تنطلق من معايير #العدالة_الجنائية بالنسبة لقانون #الجرائم_الإلكترونية ومعايير أخرى بالنسبة لمشروع #قانون_الملكية_العقارية وذلك نظرا باختلاف الأساس والأصل التاريخي الخاص بكل من هذين القانونين حيث يتم مقارنة نصوص القانون المراد نقده والتعليق عليه بهذه المعايير فإذا ثبت عدم مطابقته لها يثبت عند ذلك الانحراف التشريعي ويفقد مشروع القانون خصائص القاعدة القانونية ويصبح هو والعدم سواء حتى لو صدر ومر بجميع مراحله الدستورية ذلك لأن فقدان خصائص القاعدة القانونية يعني خروج العمل الذي تجريه سلطة التشريع عن حدود وظيفتها وولايتها المعينة في الدستور مما يحيل عملها إلى مجرد عمل مادي صادر عن شخص عادي لا يملك ولاية التشريع
وتصل خطورة الحال إلى أن هذا العمل المادي هو عدوان على الحقوق والحريات العامة وبالتالي فإنه جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبة جنائية وهي جناية #اغتصاب_السلطة وهذا سندا لأحكام المادتين 7 من الدستور و140/1 من قانون العقوبات
تنص الماده 7/2 من الدستور على:- (كل اعتداء على الحقوق والحريات العامة أو حرمة الحياة الخاصة للأردنيين جريمة يعاقب عليها القانون)
وتنص المادة 140/1 من قانون العقوبات على مايلي:-( يعاقب بالاعتقال المؤقت سبع سنوات على الاقل: 1)-من اغتصب سلطه سياسيه او مدنيه او قياده عسكريه)
هذا إذا ما تم إثبات انحراف التشريع عن وظيفته وأهدافه وخصائصه التي يجب توفرها في كل قاعدة قانونية
أما أن يتم التدخل في أعمال هي من شأن سلطة التشريع وأن يكون النقد عشوائيا لا يستند إلى أصول تمييز الانحرافات القانونية عن غيرها من الأعمال فإن هذا النقد لا يسمن ولا يغني من جوع وفي هذا الصدد فإن هناك قاعدة فقهية شهيرة وهي أن:-(المشرع لا يلغو) وهذه القاعدة تعني وجوب الخضوع لإرادة المشرع ونصوص القوانين الصادرة عنه إذا تمت وفقا في لمسارها الدستوري السليم الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة ووفقا لهذه القاعدة فإن جميع الانتقادات العشوائية لمشاريع القوانين هي انتقادات غير مقبولة فلا يقبل من المختصين في القانون أن ينتقدوا بالطريقة ذاتها التي يتكلم بها المواطن العادي غير المتخصص في القانون فمن يريد انتقاد أعمال السلطة التشريعية عليه أن يكون على قدر من التأهيل القانوني كي يعلم حدود المجالات التي يجوز له الإنتقاد ففيها وأن يعلم حدود ولاية سلطة التشريع فلا ينتقد سلطة التشريع في أعمالها إلا من ناحية عدم موافقة التشريع للخصائص التي يجب أن تتوافر في القاعدة القانونية وبغير ذلك فإن قاعدة المشرع لا يلغو تعمل على منع أيا كان من التدخل في وظيفة سلطة التشريع التي يحميها الدستور ويرسم حدودها فكما أنه لا يجوز لأحد أن ينصب نفسه قاضيا من تلقاء نفسه فكذلك لا يجوز لأحد أن ينصب نفسه مشرعا
لست في موقف الدفاع عن السلطة التشريعية أو عن مشاريع القوانين فأنا مع رد هذه المشاريع والقوانين التي طرحت في الفترة الأخيرة جملة وتفصيلا ولكنني أبتغي الحجة القانونية السليمة والسديدة التي ترد على مشاريع القوانين وتكشف انحرافها
فالله الله في الأمانة؛ في المسؤولية؛ هي عدم الفتوى بغير علم؛ تنبهوا إلى وزر الفتوى بغير علم وما تجره على الأمة من ويلات فالوضع لا يحتمل البحث عن الشهرة أو حب الظهور بأي طريقة فإما أن نقول خيرا أو نصمت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى