العتوم تحذر من فجوة تعليمية كبيرة لأكثر من 400 ألف طالب/ فيديو

سواليف – رصد
حذرت النائب هدى العتوم اليوم الخميس، إن مناهج الصفين الأول والرابع المعدلة من شأنها أن تحدث فجوة تعليمية كبيرة لأكثر من 400 ألف طالب.

وطالبت العتوم باستعادة وزارة التربية والتعليم كامل ولايتها على المناهج الدراسية، بدلا من المركز الوطني للمناهج، وذلك باعتبارها “لبّ عمل وزارة التربية والتعليم”.

واستعرضت العتوم أبرز الملاحظات على المناهج الدراسية الجديدة للصفين الأول والرابع والتي جاءت كما يلي :
كتب الرياضيات والعلوم للصفين الاول والرابع.. تدارك الأزمة قبل استفحالها

إن التغيرات المتسارعة والمتلاحقة التي يتم إدخالها على النظام التعليمي من وقت لآخر تشير إلى خلل حقيقي وعميق في عملية التخطيط الشامل والمتأني للتعليم، والتي ظهرت جليا في التعديلات التي تمت عام 2016، واستكملت في الفترة الأخيرة على كتب الرياضيات والعلوم للصف الأول والرابع التجريبية لعام 2019/ 2020، وهذا ما حذرنا منه منذ بداية توجه الحكومة لفصل عملية تأليف واعداد المناهج بمركز مستقل وتم تقديم العديد من المداخلات والمذكرات النيابية بهذا الخصوص.

الكتب الجديدة 2019 (التجريبية):
إن كتب العلوم والرياضيات التي تم طرحها لهذا العام الدراسي 2019/2020 للصفين الأول والرابع (التجريبية)، كان من المقرر أن تقوم على أساس التخطيط الشامل والمتكامل بين المناهج والتدريب، وبتتبع الإجراءات التي تمت لتوزيع الكتب والتدريب عليها، نجد أن توزيعها تم خلال الثلث الأخير من شهر آب لسنة 2019، وتدرب المعلمون على الكتب الجديدة خلال الفترة من 26 و27 من نفس الشهر، أي في الأسبوع الأول من العام الدراسي الحالي، أما المشرفون فقد تم تدريبهم قبل تدريب المعلمين بأيام، وهذا يعني أن الكتب لم تُطرح قبل 20/8/2019، حتى أن بعض المُشاركين من المعلمين لم يكونوا يملكون الكتاب المقرر أثناء الدورة التدريبية التي أخذوها.

بالمقابل فقد أطلقت الوزارة عام 2018 برنامج (RAMP) لتدريب معلمي الصفوف الثلاثة الأولى لمهارات الرياضيات والقراءة لكتب الرياضيات واللغة العربية طُبعة 2018 ولمدة سنتين، وكان من المتوقع استمرار العمل بهذا البرنامج التدريبي لغاية 2019/2020، مدة البرنامج (75) ساعة ويعادل دورة المعلمين الجدد أو دورة (ICDL).

مع الإشارة إلى أنه ومنذ بداية العطلة الصيفية قامت وزارة التربية والتعليم بتوزيع الكتب المدرسية نسخة 2018 ليتم العمل بها لهذا العام الدراسي 2019/2020، وهي مازالت في مستودعات المديريات والمدارس وهذا يعني أيضا هدر بمئات الآلاف من الدنانير.

بمقارنة النهجين السابقين يبرز التساؤل الأول حول الفرق بين الإعداد لطرح الكتب بين العام الماضي وهذا العام؟ والتساؤل الآخر ما مصير الجهود المبذولة في هذا البرنامج إشرافا وتدريبا وإنفاقا عليه لمدة سنة؟ بالإضافة إلى الملفات ومئات من أوراق العمل الخاصة بكل معلم، وكذلك دليل الأنشطة المتميز لمادتي الرياضيات واللغة العربية (قراءة) خلال الفترة السابقة، والتي ذهبت كلها أدراج الرياح، كيف تذهب هذه الجهود سدى؟ وكيف بكل بساطة تضيع الملايين وتهدر؟ ومن المسؤول عن هذا الهدر والتشتت؟ وهذا أحد الإثباتات على ما استفتحنا به حديثنا، والذي يتضح لنا من خلاله العشوائية في التخطيط والتنفيذ، والهدر المستمر للمال العام، والأهم هو أثر كل ذلك سلبا على أبناءنا الطلبة على مقاعد الدراسة، وعلى العملية التربوية برمتها.

الكتب الجديدة 2019/2020 هي تأليف شركة بريطانية ولا يوجد فيها أي إشارة إلى مراجعة وطنية أردنية بأي شكل من الأشكال , سواء من حيث تدقيق المحتوى، أو المراجعة، أو التحرير، إلا قرارُ الوزارة باعتماد قرار المركز الوطني للمناهج، وقرار مجلس التربية والتعليم لتدريس هذه الكتب.

والمستغرب في الأمر أن هذا القرار المتخذ من قبل الوزارة جاء بعد 30/ 5/ 2019 في الوقت الذي تعلم فيه الوزارة أن الكتب الدراسية فعليا مطبوعة وموزعة على المدارس وبعض الكتب صدر قرار اعتمادها بعد 23/7/2019.

نُظمت الكتب الجديدة التجريبية كما يبدو على أساس نظام التعليم البريطاني، حيث أن الطالب يتعرض هناك لسنتين دراسيتن قبل الصف الأول، ويُبنى كتاب الصف الأول على المعارف السابقة لما تم طرحه، سواء في كتب الصف الأول أو في كتب الصف الرابع.

جاءت الكتب الجديدة معزولة عن محتوى الكتب الأخرى التي تدرس لنفس الصف، وكذلك بمعزل عن المحتوى السابق للمناهج (الكتب الدراسية)، وإذا كان الأمر يتعلق بتأليف كتب للصف الأول والرابع ضمن سلسلة الكتب التي ينوي المركز طرحها، والاستمرار في إنتاج السلسلة التعليمية من الكتب المقررة على أساس الإحلال أولا بأول، فقد نتج خلل كبير بهذا النهج ؛ لأن مركز المناهج إذا كان قد اعتمد على إطار عام للمناهج أعده المركز الوطني، فإنه قد أدخل كتابين من إطار أعد بمعزل عن الإطار المعمول به حالياً في وزارة التربية والتعليم، والذي يعمل به لكافة الكتب المدرسية.

الملاحظات التفصيلية:

1- لا بد من الالتفات إلى أن كتاب الرياضيات للصف الأول لا يتناسب مطلقا مع مستوى الطالب الذي يأتي ليتعلم في سنته الأولى، فالوحدة الأولى في كتاب مادة الرياضيات ودرسها الأول تحديدا الصفحة الأولى (إتقان قراءة وكتابة الأرقام من 1 إلى 100) تشكل تعجيزا للمعلم وتسبب إحباطا للطالب، ولا يُمكن تحديد المدة الزمنية لإنجاز هذه الدروس، وإمكانية الخروج منها بشكل متقن للطلبة، لأنه يبنى عليه كل مراحل التعليم اللاحق، ولا يصح أن يكون هذا الدرس بأي حال من الأحوال هو بداية التعلم في الكتاب، إذ أنه من المنطق الاعتماد على الصورة وإفراد كل عدد بنشاطات يتعلم منها الطالب قراءة وكتابة الرقم بشكل متقن، وأما الدرس الثاني (الصفحة الثانية) فهو درس عد اثنينات وخمسات وعشرات، وترتفع الصعوبة في الكتاب لتطالع فيه عناوين الدروس (تقريب الأعداد، أصغر وأكبر، التقدير، الكسور، القيمة المنزلية، مقارنة الأعداد، تصنيف الأعداد ….)، كل مفهوم من هذه يعتبر جديدا ومستحدثا، وإضافة إلى مستوى الصعوبة الملحوظ في كتاب الرياضيات الجديد (2019) فهو لم يراعي عدد أيام الدوام الفعلي إذ يحتوي على (8) وحدات، وأما كتاب الرياضيات 2018 فيحتوي على (4) وحدات فقط.

2- بلغت تكلفة الكتب الجديدة والتي تم طرحها لمادتي الرياضيات والعلوم (4) ملايين (كما وصلني) وهذا رقم مُبالغ فيه وكبير جدا إذا علمنا إن التأليف والطباعة وبأفضل جودة لا تكلف في الأردن أكثر من مئة ألف دينار تقريبا.

والسؤال المهم هنا أين الانسجام والتنسيق والتخطيط والتكامل بين ما تم طرحه من قبل الوزارة لعام 2018 من كتب وبرامج تابعه لها وما بين ما تم طرحه من قبل مركز المناهج؟ وكيف يمكن الموائمة والتنسيق والتخطيط بشكل جيد بين هيئتين تعملان على نفس الفئة التعليمية طلبة المدارس الحكومية وقد ظهر تقاطعهما والخلل في عملهما في أول خطوة وأصبحت الكتب مثل أُحجية لا يمكن تركيبها معاً.

3- لم تراعي الكتب الجديدة للصف الأول أن هؤلاء الطلبة يأتون من مستويات تعليمية مختلفة، فمنهم من تمكن من الدراسة في الروضة لسنة أو أكثر، ومنهم من لم يحصل على فرصة الدراسة في الروضة لأسباب اقتصادية أو جغرافية أو غيرها.

4- كيف يمكن معالجة الفجوة الكبيرة فيما تعلمه الطالب في الروضة حول الأرقام وما تم طرحه في الصف الأول؟ وكيف يمكن شطب المعرفة المتراكمة لطلاب الروضة أو تعديلها؟

5- إن اللغط الذي نتج عن اعتماد رسم الأرقام بالعربية أو الهندية في كتاب مادة الرياضيات للصف الأول يعتبر مُعضلة كبيرة لمن سبق ودرس في الروضة إذ أن سنتين دراستين في الروضة لن نستطيع إزالتها أو محوها من عقلية الطالب بمجرد فتح الكتاب الجديد لطرح الطريقة الجديدة في التعليم.

6- إذا كانت الأرقام في الرياضيات كما يُقال يُراد بها تعويد الطالب على الكتابة بالرسم العربي فمنذ متى تُكتب اللغة العربية من الشمال إلى اليمين؟ وكيف يمكن حل معضلة الطالب الذي تعلم كتابة الأرقام سابقا (على فرض انه درس روضة) باللغة الإنجليزية ليعود ليعتبرها عربيه.

7- إن وجود تعارض بين كتب مواد الرياضيات واللغة العربية والتربية الإسلامية أو الكتب الأخرى من حيث الأرقام ففي كتاب الرياضيات كانت الأرقام بالرسم العربي وفي كتاب التربية الإسلامية وغيره بالرسم الهندي وهذا يُشكل خللاً كبيراً حيث أن السور القرآنية في كتاب التربية الإسلامية أرقامها هندية وكذلك كل تفاصيل الصلاة والوضوء في كتاب التربية الإسلامية، فهل يجب أن يعود المعلم أثناء تدريسه التربية الإسلامية إلى تدريس الأرقام بالرسم الهندي، وهذا بحد ذاته يُعتبر خللاً كبيراً؟

وإذا كان المطلوب أن يكتب الطالب الرقم بالرسم العربي في الرياضيات والمطروح في الكتب الأخرى لنفس الصف هو الرسم الهندي للرقم فمن المسؤول عن تدريس الطالب الأرقام بالرسم الهندي؟

8- احتوت الكتب على تمارين إثراء باللغة الإنجليزية، الإثراء في كتب الصف الأول الأساسي مفردات وجمل بواقع 13 صفحة، وفي الصف الرابع مفردات وجمل وفقرات بواقع 18 صفحة فمن المكلف بطرحها وتدريسها؟ هل هو معلم الصف الأول والرابع لمادتي العلوم والرياضيات أم هي تداخل مع معلم اللغة الإنجليزية؟ أم هي ترف في الكتاب على سبيل التجديد وبهجة التطوير؟

9- كلا الكتابين الرياضيات والعلوم للصف الأول تكتظ صفحاتهما بالمعلومات بطريقة تفوق قدرات وإمكانات الفئة العمرية لهذه المرحلة وتخالف مطلقا جاذبية الكتاب والاعتماد على الصورة أكثر في هذه المرحلة العمرية.

10- تظهر الصعوبة في محتوى مادة العلوم حيث يبدأ الكتاب بوحدة البيئة يتعرض الطالب فيها لمفردات نتساءل عن مدى مواءمتها لطلابنا والإعداد لها بتعلم قبلي ومثال على ذلك: البيئة الصناعية، البيئة الجافة، التكاثر وأنواعه والمصطلحات المذكورة الأخرى دون تدرج في البناء المعرفي ، فهل الوحدة الأولى (البيئة) هي أسهل وأبسط من الوحدة الثانية (جسم الإنسان) والتي كان من الأفضل والأقرب لقدرات الطالب أن يبدأ بها.

11- في منهاج الرياضيات للصف الرابع، كان قرار وزارة التربية والتعليم في اعتماد الكتاب بعد 23/ 7/ 2019 فأي إعداد وتدريب يتم بهذا الشأن إذا كان بين القرار وبين العام الدراسي ما يقارب ثلاثة أسابيع؟، وأما المهارات المتعلقة بالكسور وأنواعها والمهارات الحسابية عليها تقريبا وترتيبا ومقارنة والأشكال ثنائية الأبعاد وثلاثية الأبعاد والزوايا والموقع والحركة فإلى أي درجة بنيت على المعرفة القبلية.

12- إن الكتب الأربعة التي نتحدث عنها تعاني صفحاتها زخما بالنسبة للفئة العمرية المطروحة لها وبالذات العلوم فهل يتخيل احد أن يدرس الطالب في الصف الأول صفحه بها ما يقارب ال 90 كلمة في أسبوعه الدراسي الثاني؟ هل يعقل انه أتقن حروف وكلمات كتاب اللغة العربية المقرر لصفه؟ هذا ما نتحدث عنه، وهو غياب التكامل بين الكتب للصف نفسه وعدم البناء على القدرات.

وأما علوم الرابع فليس بأحسن حالا إذ يصل عدد كلمات بعض الصفحة إلى 170 كلمة فأي زخم وأي جاذبية في هذه الصفحات؟

13- الصور الموجودة في الكتب بالرغم من محاولتها الموائمة لواقع الطالب وثقافته العربية والإسلامية إلا أنها لم توفق بذلك مطلقاً، حيث كانت الصور لأشخاص أجانب أو بيئات أجنبية.

14- هذه المعضلات وغيرها لا يتطرق لها دليل المعلم المتعلق بالكتابين الجديدين ولا يعطي طرقا ولا يقترح زمنا متوقعا لانجاز المادة في هذه الكتب.

15- وجود كتابين احدهما كتاب الطالب والآخر كتاب التمارين فهو يرفع مستوى المعاناة من وزن الحقيبة المدرسية. التي يعاني منها الطالب أصلا وخاصة أن الآف الطلبة يسيرون على الأقدام وهم يحملون حقائبهم ذهابا وإيابا.

16- إن القول أن هذه الكتب تجريبية هو استهانة بمخاطرة التجريب على ما يقارب 400 ألف طالب وكان الأولى والأحرى أن يجرب على صفوف محددة أو مدارس معدودة كعينة تجريبية إن كان ولابد.

إذا اردنا أن نوجز المعطيات السابقة بوصف تقريبي فلا أدل من القول أن الكتابين (الرياضيات والعلوم) ولكلا الصفين الأول والرابع يجب أن يكونا لمستوى اعلى بسنة دراسية على الاقل الثاني والخامس.

بالتأكيد إن هذه الملاحظات ليست كل ما يكتنف هذه الكتب وسيجد المعلمون وأولياء الأمور المزيد من الملاحظات التي ترفع مستوى ضعف هذه الكتب في تحقيق المطلوب منها وسيجد مختصو المناهج صورا وأبعادا أخرى، ولا أظن أن أحدا من هذه الفئات أو غيرهم يتحدث في هذا المجال إلا من قبيل المصلحة الوطنية والحرص على أبنائنا الطلبة، واستدراكا للأخطاء قبل الوصول إلى مرحلة اللاعوده والتي ستكلفنا جيلا أسسناه على فجوات تعليمية وضعف في البناء.

إن الإبقاء على كتابي مواد العلوم والرياضيات يعتبر فجوة كبيرة جداً للصفين الأول والرابع، ولن يستطيع المعلم التعامل معها، وكذلك الطالب لن تكون هذه الكتب يسيرة وجاذبة له، والمسألة لا تحتاج لأكثر من قرار لحل المشكلة وبشكل جذري.

تعتبر العودة إلى الكتب المطبوعة والموزعة من طبعة 2018 والتي تم التدريب على جزء من مهاراتها وإعداد متطلباتها ضمن برنامج (RAMP) للصفوف الأولى وغيره من البرامج يعتبر حلاً للمشكلة قبل تفاقمها.

والأهم من ذلك إيجاد آلية واضحةٍ ومحددة لتوحيد جهود إدارة المناهج في الوزارة ومركز المناهج الوطني إن لم يكن – وهو الأولى – العودة إلى إدارة المناهج بشكل مطلق إذ أن تاريخ إعداد المناهج في وزارة التربية والتعليم كان وما زال يعتبر الأميز على مستوى العالم العربي ولا يحتاج لأكثر من تصحيح الانتكاسات التي مني بها في السنوات الثلاث الأخيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى