العالم العربي بين التحرر والتبعيّة

#العالم_العربي بين #التحرر والتبعيّة

المهندس : عبد الكريم أبو #زنيمة

قرنٌ كامل عاشه #المواطن_العربي يحلم بحريته ورفاهيته ، إذ لم تعمل أنظمته الحاكمة على بناء وطنه كعالم عربي متكامل ومتضامن مزدهر، على الرغم من أنه يزخر بكل الموارد اللازمة؛ الطبيعية منها والبشرية ، بل على العكس من ذلك فقد تمترست هذه الأنظمة خلف خطوط سايكس – بيكو الوهمية وجعلتها حقيقة من خلال هدر الموارد المالية لتسليحها وعسكرتها وجعل تخطيها من جانب إلى آخر مستحيلاً إلا من خلال السفارات وجوازات السفر ، هذه الأنظمة الحاكمة انشغلت ببناء عروشها وأنظمة حمايتها الأمنية وإمبراطورياتها المالية وزبانيتها وحاشيتها تاركة شعوبها فريسة للجهل والتخلف والجوع والتشرد ، السمة الرئيسية لعالمنا العربي من مشرقه لمغربه اليوم هو عالم القمع والاضطهاد والتخلف والجوع ، وفي الحقيقة أننا لو عملنا كوحدة متكاملة اقتصادية وعسكرية وتنموية وعلمية لكنا اليوم في المراتب الأولى عالمياً ! كل ما ينقصنا هو الإرادة والإدارة، ولكن للأسف نحن نفتقر للاثنتين ! فعلى الرغم من انفاقنا مئات الملايين على أعياد استقلالنا الوهمية إلا أن غالبية أنظمة حكمنا في الواقع تطبق وتنفذ ما يمليه عليها الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية من سياسات خارجية وداخلية ، هذه الأنظمة منذ نشأتها اعتمدت على المساعدات والحماية الغريبة ، وبذلك رهنت وربطت اقتصادياتها بالمساعدات حتى أغرقت أوطانها بالديون والفساد معاً مما تسبب في تراجع النمو الاقتصادي أمام زيادة النمو السكاني، الأمر الذي تسبب في استفحال كل الآفات الاجتماعية التي يعاني منها وطننا العربي من فقرٍ وبطالة وتشرد وهروب الأدمغة للخارج والجريمة…الخ.

ترتب على التبعية الاقتصادية للغرب تبعية سياسية وبذلك فإن من يتحكم بنا ويدير شؤوننا ويوجهنا ويستغلنا هي الولايات المتحدة الأمريكية التي ترسم السياسات المحلية والإقليمية والدولية وتلزمنا بالسير على خطاها ! أي أن أنظمة الحكم العربية لا تملك إرادتها “إرادة التغيير”. أما الإدارة فهي مرتبطة مباشرة بالارادة ، فمن لا يمتلك إرادته لن يستطيع بناء منظومة إدارية ذات كفاءة لإدارة موارده ، ولو أخذنا دولة نفطية ما نجد أن عوائدها المالية كبيرة جداً لكن لو حاولنا تقصي آثار هذه العائدات ونعكسها على أرض الواقع لن نلاحظها على شكل تنمية وقوى ومشاريع صناعية إنتاجية ولا ابتكارات علمية ولا خدمات صحية وغيرها ، بالمقابل نجد أن دولة أخرى مثل كوريا الجنوبية تستورد هذا النفط ولديها قاعدة صناعية تعيد تكريره وتحقق أرباحاً سنوية بحدود 100 مليار دولار ، هذا الاستثمار الصناعي للنفط في كوريا يساهم مباشرة في نمو مؤشرات الاقتصاد لما تتمتع به من نظم إدارية واقتصادية ومالية منضبطة مما ينعكس على رفاهية شعبها أكثر بكثير من الدولة المنتجة والمصدرة له، والتي لا تخضع لأية رقابة مالية وإدارية.

للأسف فإن الأموال العربية المسروقة المهربة والمتكدسة في البنوك الغربية كانت كفيلة ببناء عالم عربي مزدهر، قرن كامل والمواطن العربي يعيش في ظل هذه الأنظمة لاهثاً وراء لقمة عيشه ومتشرداً باحثًا عن مأوى وشيء من كرامته وإنسانيته ، قرن كامل والمواطن يحلم بحريته ورفاهيته، قرنٌ كامل وعقول الأجيال تُمسخ باسم الدين الذي وظف سياسياً لتجهيل الشعوب لصرف أنظارها عن حقوقها وعن المخاطر الحقيقية التي تواجهها، آلاف الشباب العربي المسلم قتلوا بالأمس في ميادين الجهاد الامريكية في أفغانستان وسوريا والبوسنة وليبيا واليوم في اليمن، ولو وُجّه هذا المجهود مُجتمعاً بشكلٍ صحيح في سبيل الله لتحررت فلسطين !

ما نعيشه اليوم في عالمنا العربي بلغتنا وتاريخنا وعاداتنا وعقيدتنا الواحدة لا يُصدق! ويخالف كل قوانين التطور والتغيير، فبدلاً من الوحدة والتضامن نجد الفرقة والتنافر ، وبدلاً من القوة وخاصة الاقتصادية والعسكرية نجد الضعف والعجز والوهن ، وبدلاً من استغلال واستثمار الموارد الطبيعية التي وهبها الخالق لنا وعكسها على رفاهية الشعوب العربية وبناء حضارتها وازدهارها نجد الصمت والانطواء والاحتماء بالغرباء والتحالف معهم على أبناء جلدتهم ، وبدلاً من نشر التعليم والثقافة وبناء صروح العلم والمعرفة والإبداع العلمي نجد التوسع في بناء السجون والمعتقلات وتعداد وتنويع الجهات الأمنية وسخاء الإنفاق عليها !

آن الأوان لأن يعيش المواطن العربي بكرامة وأن يتمتع بخيرات البلاد التي نهبها اللصوص وتجار الحروب والسماسرة المأجورين للغرب وللكيان الصهيوني، آن الآوان أن نتمتع بالحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة ومنظومة حقوق الإنسان كاملة، آن الأوان أن نتخلص ونتحرر من العبودية الأمريكية التي تشكل العدو الأول للوطن العربي، آن الأوان أن نمسح خطوط الحواجز الوهمية بين الشعوب فنحن شعب واحد موحد بأنظمة سياسية مختلفة متنافرة، علينا أن نصرخ بصوت عالٍ في كافة أرجاء الوطن العربي … كفى فسادًا وعبودية وذل !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى