الصوم لا عِدْل ولا مثل له

#الصوم لا عِدْل ولا مثل له

#ماجد_دودين

الحمدُ لله الَّذِي أعانَ بفضلِهِ الأقدامَ السَّالِكة… وأنقذ برحمته النُّفوسَ الهالِكة… ويسَّر منْ شاء لليسرى فرغِبَ في الآخِرة… أحمدُه على الأمور اللَّذيذةِ والشَّائكة… وأشهد أن لا إِله إلاَّ الله وَحدَهُ لا شريكَ له ذو الْعزَّةِ والْقهرِ فكلُّ النفوسِ له ذليلةٌ عانِيَة… وأشهد أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه القائمُ بأمر ربِّه سِراً وعلاَنِية… صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكْرٍ الَّذِي تُحَرِّضُ عَلَيْه الْفرقَة الآفِكة… وعَلَى عُمَرَ الَّذِي كانَتْ نَفْسُه لنفسه مالِكَة… وعَلَى عُثمانَ مُنْفِقِ الأمْوال المتكاثرة… وعَلَى عَليِّ مُفرِّقِ الأبطالِ في الجُموع المُتكاثفَة… وَعَلَى بَقيَّةِ الصَّحابة والتابعين لهم بإحسانٍ ما قَرعتِ الأقدام السالِكَة… وسلَّم تسليماً كثيرا
أنْعِم بالصوم عبادة بها رفع الدرجات… وتكفير الخطيئات… وكسر الشهوات وتكثير الصدقات… وتوفير الطاعات… وشكر عالم الخفيات… والانزجار عن خواطر المعاصي والمخالفات… والبعد عن النار وعن سمومها واللفحات… وقرع أبواب الجنات… وكم للصوم من فضائل وفضائل.. وإليكم طرفاً من هذه الفضائل الكثيرة…
• الصائمون هم السائحون
قال الله تعالى:” التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ “…112” التوبة
قال ابن جرير أمَّا قوله “السائحون” فإنهم الصائمون. وهو قول أبي هريرة… وابن عباس… وسعيد بن جبير… وعبد الرحمن… ومجاهد… والحسن… والضحاك… وعطاء.
قالت عائشة: سياحة هذه الأمة: الصيام. وقال ابن عباس: كل ما ذكر الله في القرآن السياحة: هم الصائمون. وقال أبو عمرو العبدي: الذين يديمون الصيام من المؤمنين.
وقال الضحاك: كل شيء في القرآن السائحون” فإنه الصائمون.”
وقال ابن عيينة: “إذا ترك الطعام والشراب والنساء فهو السائح.

  • قال تعالى (عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) التحريم 5
    “قال ابن عباس: سائحات: صائمات.
    وكان بعض أهل العربية يقول: نرى أن الصائم إنما سمّي سائحاً… لأن السائح لا زاد معه… وإنما يأكل حيث يجد الطعام فكأنه أُخذ من ذلك.
    • الصوم لا مثل له
    سأل أبو أمامة الباهلي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيُّ العملِ أفضلُ؟ قال: عليكَ بالصومِ فإنه لا عِدلَ له
    قال: فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهاراً إلا إذا نزل بهم ضيف… فإذا رأوا الدخان… عرفوا أنه قد اعتراهم ضيف.
  • وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مرني بعملٍ قالَ عليكَ بالصَّومِ فإنَّهُ لا عدلَ لَه “.
    وفي رواية للنسائي قال: أتيت رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -… فقلت: يا رسول الله… مرني بأمر ينفعني الله به… قال: “عليك بالصيام؛ فإنه لا مثل له”
    للصيامِ فَضلٌ كبيرٌ، وأجرٌ كثيرٌ، وقد كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم حَريصينَ على الخير وعلى سُؤالِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن أفضَلِ الأعمالِ، فيُجيبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بما يَتناسَبُ مع حالِ كلِّ سَائلٍ.
    وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو أُمامةَ رَضِي اللهُ عَنه: “قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مُرْني بعمَلٍ”، وفي روايةٍ: “يُدخِلُني الجنَّةَ”، أي: عَمَلٍ مِن أعمالِ الطَّاعاتِ للهِ عزَّ وجلَّ يكونُ سَببًا في دُخولي الجنَّةَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “عليكَ بالصَّومِ”، أي: احرِصْ على صيامِ الفَريضةِ، وزِدْ في صيامِ التَّطوُّعِ؛ “فإنَّه لا عِدْلَ له”، أي: لا نظيرَ له في الأجرِ والفَضْلِ، ويكونُ سببًا في دخولِكَ الجنَّةَ، قال أبو أُمامةَ: “قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، مُرْني بعمَلٍ”، أي: يُكرِّرُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم طلبَه، مُستزيدًا منه في عمَلِ الخَيْراتِ والطَّاعاتِ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “عليكَ بالصَّومِ؛ فإنَّه لا عِدْلَ له”، أي: يُؤكِّدُ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أنَّ الصَّومَ مِن أفضلِ الأعمالِ الَّتي يعمَلُ بها المُسلِمُ.
    ولهذا الحديثِ تَتمَّةٌ لتِلكَ الرِّوايةِ المذكورة هنا؛ وفيها يقولُ أبو أُمامةَ رَضِي اللهُ عَنه: “أنشَأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم غَزْوًا، فأتَيْتُه، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ادعُ اللهَ لي بالشَّهادةِ، قال: “اللَّهمَّ سلِّمْهم وغنِّمْهم”، فغزَوْنا فسَلِمْنا وغَنِمْنا، ثمَّ أنشَأ غَزْوًا آخَرَ، فأتَيْتُه فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادعُ اللهَ لي بالشَّهادةِ، قال: “اللَّهمَّ سلِّمْهم وغنِّمْهم”، فغزَوْنا فسَلِمْنا وغَنِمْنا، ثمَّ أنشَأ غَزْوًا آخَرَ فأتَيْتُه، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أتَيْتُك تَتْرَى ثلاثًا أسأَلُك أن تدعوَ اللهَ لي بالشَّهادةِ، فقُلْتَ: “اللَّهمَّ سلِّمْهم وغنِّمْهم”، فغزَوْنا فسَلِمْنا وغَنِمْنا، فمُرْني يا رسولَ اللهِ بأمرٍ يَنفَعُني اللهُ به، قال: “عليكَ بالصَّومِ؛ فإنَّه لا مِثْلَ له”، قال الرَّاوي: وكان أبو أُمامةَ لا يَكادُ يُرى في بيتِه الدُّخَانُ بالنَّهارِ، فإذا رُئِيَ الدُّخَانُ بالنَّهارِ، عرَفوا أنَّ ضَيفًا اعتَرَاهم، وهذا كنايةٌ عن كَثرةِ صِيامِه هو وأهلُه، قال أبو أُمامةَ: فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ أمَرْتَني بأمرٍ أرجو أن يكونَ اللهُ قد نَفَعني به، فمُرْني بأمرٍ آخَرَ، قال: “اعلَمْ أنَّكَ لا تسجُدُ للهِ سجدةً إلَّا رفَعَكَ اللهُ بها درجةً، وحطَّ عنكَ بها خطيئةً”.
    ولا يَلزمُ مِن هذا الحَديثِ تَرجيحُ الصَّومِ على جَميعِ الأعمالِ؛ ففي الصَّحيحينِ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِي اللهُ عَنه: “سأَلْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أيُّ العمَلِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال: الصَّلاةُ على وقتِها، قال: ثمَّ أيٌّ؟ قال: ثمَّ بِرُّ الوالدَيْنِ، قال: ثمَّ أيٌّ؟ قال: الجهادُ في سبيلِ اللهِ”، وغيرِه مِن الأحاديثِ الكَثيرةِ التي وردَتْ في المفاضلةِ بينَ الأعمالِ واختلافِ وصاياه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لأصحابِه؛ فهذا الاختلافُ الواردُ في تَفضيلِ بَعضِ الأعمالِ وذِكرِ أعمالٍ مُتعدِّدةٍ في أحاديثَ مُختلفةٍ على أنَّها أفضلُ الأعمالِ: لا يَعْني حَصْرَ أنواعِ الأعمالِ فيما ذُكِرَ في حَديثٍ بعَينِه، ولا يَعني الأفضليةَ المطلقةَ، بل هي مَحمولةٌ على اختِلاف جوابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بحَسَبِ السُّؤالِ ووَقْتِه، وبحسَبِ أحوالِ السائِلِين واستِعدادِهم وقُدرتِهم كذلِك؛ فيأتي جوابُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له مناسبًا لوقتِ السُّؤالِ وحالِ السائلِ وبما يَعلمُ أنَّه أحوجُ إليه؛ فمِن الأشخاصِ مَن يكونُ الصِّيامُ أفضلَ له، ومنهم مَن يكونُ الجهادُ أفضلَ له وهكذا، وقد يكونُ عملٌ مِن الأعمالِ في وَقتٍ أفضلَ من الأعمالِ الأخرى في ذلِك الوقتِ، وقد يكون في وقتٍ آخَر غيرُه أفضلُ منه.
    • إضافته لله تعالى تشريفاً لقدره وتعريفاً بعظيم فخره
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له… إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به… الصيام جُنَّة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث ولا يصخب… فإنْ سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم… إني صائم… والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك… للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره… وإذا لقي ربه فرح بصومه”
    وفي رواية للبخاري: “يترك طعامه وشرابه من أجلي… الصيام لي… وأنا أجزي به… والحسنة بعشر أمثالها”.
    • أشرق على الأكوان يا رمضان … فلأنت فيها صبحها الريان
    • أشرق وفجر في البرية فجرها … إن الوجود إلى السنا ظمآن
    • أو ما حملت إلى الحياة حياتها … فهدى الحياة وروحها القرآن
    • ناديت كل العالمين لشرعة … في ظلها تتوحـــــــــــــد الأكوان
    • لا لون بل لا جنس فيها سابقٌ … بل بالتقى فيها الفتى يـــــزدان
    • فيها بلالٌ للشموس مزاحمٌ … والمسلمون بِظلها إخــــــــــــــوان
    • وبنورها الإسلام عانق مجده … ولحكمه قد دانت التيجـــــــــــان
    • هي شرعة طلعت صباحًا زاهرًا … فالكون من نورٍ لها مزدان
    • بعثت حصا الصحراء فانتفض الحصا قممًا بها كم يزدهي الشجعان
    • والرمل أورق بالفوارس والقنا … وتفجر الإيمان والفرقان
    • والليل ليل الجاهلية قد هوى … وهوت على أقدامه الأوثان
    • والصبح يكتسح الظلام ضياؤه … ويرن في سمع الورى آذان
    • الله أكبر أي روحٍ قد سرت … فصحا على أنوارها الإنسان
    • إنَّ الحياة الحق في ظل الهدى … قرآن ربي إنه الفرقان
    • يا أيها الشهر الكريم ومن به … تسمو النفوس ويخشع الوجدان
    • فالصوم تزكية النفوس وطهرها … ولكبح كل زرية ميزان
    • والصوم تربية الضمير فمن سما … فيه الضمير تألق الإيمان
    • كم صائم والصوم منه مبرؤ … وبرجسه يتفاخر الشيطان
    • صوم الجوارح أن تكف عن الأذى … لا صوم في صوم به أضغان
    • والصوم صدق وانطلاق عزيمةٍ … في الله يكبو دونها الكسلان
    • والنصر في بدرٍ وجالوتٍ أما … أزكى عزيمة جنده رمضان
    • كم صاغ دين الله أعظم قادةٍ … بهم ازدهت وتفاخرت أوطان
    • في الليل رهبان قيامٌ سُجّدٌ … وإذا النهار أتى هم الفرسان
    • تلقاهم القرآن في أخلاقهم … وسلوكهم هم للهدى عنوان
    • سل أرض أندلس تجبك حضارة … وعدالةٌ غنَّت بها الأسبان
    • الفتح بالأخلاق قبل سيوفهم … كان الأساس وما بهم عدوان
    • يا أيها الشعر العظيم تحية … هل منك درسٌ يأخذ الإنسان
    • في عصرنا عصر الفضاء وذرة … يغلي بعالم عصرنا بركان
    • والعلم ما هو للسلام وإنما … هو في التقدم يسحق العمران
    • مقياس حسن الاختراع وخيره … كم من نفوسٍ تأكل النيران
    • إن الوحوش بغابها قد روعت … وخلا من الغاب القصي أمان
    • عجبا أيا رمضان ما أنا قائل … عيَّ البيانُ فهل لديك بيانُ
    • وكأنني بالصوت ملء مسامعي … وهديره رعدت به الآذان
    • عودوا لينبوع الضياء فإنه … فيه السعادة إنه القــــــــــــــرآن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى