السطو على إدخارات المواطنين لدى مؤسسة الضمان وضياع الفرصة البديلة

السطو على إدخارات المواطنين لدى مؤسسة الضمان وضياع الفرصة البديلة
د. فائق العكايلة

عندما يخطط الجاهلون واللاوطنيون إقتصادنا، فالتخلف والتراجع والتدهور مبرَّر: هذه المرة الدليل من وزارة المالية: وزير المالية ورئيسه يسطوان على إدخارات المواطنين:

بالكاد يتمكن المواطن الأردني من توفير قسط الضمان الإجتماعي (سواءً على النظام العادي أو الإختياري) ليعتاش عليه فيما تبقَّى له من عمر.

وهناك الإقتصاد المتعطش للسيولة؛ فلا البنك المركزي حقن فيه السيولة اللازمة، بالرغم من توفر الفوائض المالية لدى المركزي، ولا وزارة المالية ترتكته يروي أوردته العطشى للسيولة من خلال قنوات إستثمارات أموال الضمان الإجتماعي.

مقالات ذات صلة

فضعف وزير المالية وإنعدام الخبرة والكفاءة والوطنية لديه، جعلته ينظر إلى أموال الناس كلقمةٍ سائغةٍ ويتخذ منها مصدر تمويل للديون التي أرهقنا بها الرزاز ومن طرح الثقة به. هذا، وقد سطا وزير المالية على ٦.٥ مليار ديناراً من إدخارات الناس لدى الضمان الاجتماعي، والتي إذا ما أخذناها كنسبة من مجموع أصول مؤسسة الضمان الإجتماعي البالغة ١٠.٥ مليار ديناراً تكون ٦١.٩٪؜.

من المتوقع دائماً أن تكون مثل هذه الديون (أو ما يسمى الإستثمار في السندات الحكومية) ذات مخاطر منخفضة. ولكن في المقابل هناك ثلاث مشاكل استراتيجية خلقها وزير المالية ورئيسه على المستوى الوطني بلجوئهم لأموال الضمان، وهي:

١. لقد وضع وزير المالية عدسة مصغرة للدين العام، وأحدث تضليلاً قاتلاً سيؤدي إلى إتخاذ قرارات كارثية مبنية على معلومات مغلوطة حول نسبة الدين العام. إذ افترى وزير المالية أن أموال الضمان التي اقترضتها الحكومة والبالغة ٦.٥ مليار ديناراً يجب أن لا تدخل في حسبة الدين العام، مستنداً بذلك إلى طريقة بدائية تخلت عنها كل الدول، كما تخلت عنها مؤسسات الإقراض والمال الدولية. وهدف وزير المالية من هذا التلاعب، هو إيهام مؤسسات ومصادر الإقراض الدولية أن نسبة الدين العام من الناتج المحلي الإجمالي هي ٨١٪؜ وليست كما هي فعلياً ١٠٢٪؜، ليتسنى للوزير “النضوة” طلب المزيد من الديون وتحميل الوطن كوارث مالية مستقبلية في سبيل بقائه في منصبه. كيف تسطو على اموال الناس الخاصة وتعتبرها أموالاً عامة ليست ديناً على الحكومة؟! فإما هو الغباء بعينه، وإما الدجل والتضليل ذاته!

٢. في الوقت الذي يقول فيه وزير المالية أنه يلجأ للديون الخارجية وليس الداخلية لكي لا يزاحم القطاع الخاص والإستثمار على القروض البنكية المحلية، فإنه يزاحم الإستثمار على أموال الضمان الإجتماعي. فعندما يقترض العسس ٦.٥ مليار ديناراً من أموال الضمان لسداد عجزه وعجز الموازنة وديون متأخرة، فهو بذلك يحرم الإقتصاد الوطني من إستثمارات حجمها ٦.٥ مليار ديناراً (أو ما يعادل ٢٢٪؜ من الناتج المحلي الإجمالي)، كفيلة بتحقيق عائد على الإستثمار أعلى مما تحققه سندات الحكومة، وكفيلة بخلق قيمة مضافة وإنتاج أو نمو إضافي في الناتج المحلي الإجمالي، كما انها كفيلة بخلق آلاف الوظائف للأردنيين وزيادة حجم الصادرات وجذب إحتياطيات أجنبية تعزز الموقف النقدي والمالي للإقتصاد الوطني. كل هذا وأكثر يمثل فرصة بديلة أقل تكلفة وأكثر عائداً حرمنا منها وزير المالية ورئيسه.

٣. سحب ٦.٥ مليار ديناراً من أموال الضمان (أي ما يقرب من ثلثي اموال الضمان)، وعلى فترات استحقاق طويلة الأمد، يعني هذا انخفاض التدفقات النقدية لمؤسسة الضمان الإجتماعي وذراعها الإستثماري، وبالتالي قد يضع المؤسسة في مشكلة عدم القدرة على دفع رواتب كل المنتفعين من مؤسسة الضمان الإجتماعي.

من يوقف المارقين الجهلة واللاوطنيين المستوردين عن اللعب بالوطن ومقدراته؟!

حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى