الزحف الايراني “المقدّس” .. صناعة الطائفية والدولة الفاشلة !
الزحف المقدس أو تصدير الثورة والدفاع عن المظلومين شعارات غوغائية تدليسية خبيثة تخبأ خلفها النظام الايراني منذ مجيء الملالي والخميني إلى السلطة لكي يستظهر ويباشر المسكوت عنه والمخبأ في العقل الطائفي المريض والعودة إلى المكبوت التاريخي والسياسي المكنون والمتورم في الفكر الباطني وتجلياته وإعادة انتاج الضلالات المرتبطة به ، وفتح أبواب الصراع مع الأمة العربية على مداها ووسعها والمباعدة بين العرب والشعب الايراني وتوسيع الشقة والشقاق بينهما وفتح الدروب نحو العداء والاقتتال المستمر منذ مجيء الخميني وحتى اللحظة الراهنة .
وكان من المؤسف أن تجد الشعارات الايرانية المخاتلة هذه ولا تزال صداها الكبير في صفوف أبناء أمة عربية تتوق إلى الحرية وتشجع الثورات على الطغاة وتساند أي شعب في الدنيا على التحرر من المستبدين والفاسدين والمفسدين في الأرض وتسعى الى اجتماع كلمة المسلمين في كل بقاع الأرض ووحدتهم . لكن ذلك لم يدم طويلا إذ بدأت تتكشف بعض الخيوط الغامضة والمريبة داخل صفوف الحكم في ايران وكان أبرز ما بدر منها وتمخض عنها العداء السافر للعرب والأمة العربية ، وتصاعد الهياج والدعوات لابتداء “الزحف المقدس” أو المدنس بمباشرة الاعتداءات الايرانية على العراق ومهاجمة القومية العربية ومناشدة طائفة بعينها للمباشرة في تحقيق حلم الخميني للانتماء والالتحاق بدولة وولاية الفقيه العابرة للشعوب والقوميات وتكوين دولة المركز الديني المذهبي الطائفي المشتهاة ، واسترداد حكم تاريخي متخيل مفقود حال العرب دونه طوال الفترات التاريخية الماضية فكان على إثر ذلك ما انتهض واحتقن واشتجر على أسس دينية مذهبية وطائفية في الوطن العربي وكان ما كان من تغيير لوجهات الصراع وماهيته في الاقليم بأكمله لصالح الهدف الصهيوني المنشود في التفتيت والتذرير وحرف الصراع عن صراطه وتفكيك المرجعية القومية ، وبدأت الإنشطارات داخل الأمة على هذه الأسس وتفاقمت وتجلت في اللحظة الراهنة بقيام دولة – دول – ميلشيات ايرانية وخلايا نائمة داخل أكثر من قطر عربي وأصبحت تحقق ما خطط له الخميني في مشروعه العدائي الخطير في تفتيت الأمة العربية وإثارة الحروب الأهلية داخلها وإبداء المرونة العالية في التعامل مع الشيطان الأكبر والاستكبار العالمي من خلال سياسة براجماتية – نفاقية – انتهازية تنأى عن المبدئية وتقدر على التحريف والتحوير إلى أقصى الحدود .
الدول العربية الرئيسة التي امتد اليها الزحف الايراني المقدس – المدنس فعلا ووضع ركائزه فيها ( لبنان – سوريا – العراق – اليمن – فلسطين ) أصبحت بحكم هذه اليد الشيطانية دولا تعاني من الانقسام الطائفي وتفسخ النسيج الاجتماعي والفشل التنموي ، والاقتتال والحرب الأهلية ( وهذا لا يعني بالطبع استثناء تدخلات استعمارية وصهيونية قديمة وحديثة أسهمت مع ايران في خلق هذا الواقع البئيس والمتردي في هذه الدول وكلا على طريقته الاستعمارية أو الطائفية أو غيرها من الطرق) لكن ايران أبدعت بصفتها الاستعمار الجديد أو الشيطان الأقذر في صناعة الدول العربية الفاشلة والمتقاتلة واختراق المجتمعات العربية بالترّهات والهذاءات السياسية الدينية الطائفية والشعارات الفارغة وإدعاء المؤازرة والدفاع عن المظلومين .
ويجب أن لا نقلل من دور الآلة الاعلامية المخيفة التي شكلتها وأقامتها ايران في البلاد العربية ( محطات فضائية ، أتباع من السياسيين والمثقفين العرب المأجورين ، صحف ، مجلات ذات منحى ومحتوى تبشيري طائفي .. الخ ) لتسويق وتعزيز وترويج هذه التوجهات إذ كان ذلك جزءا لا يتجزأ من الحرب الطائفية الاختراقية التي تشنها على الأمة العربية ، وكان لهذه الآلة الاعلامية الدور الكبير في غسل بعض العقول والضحك على بعض الذقون ولكنها كما نقدّر تفعل فعلها وتعطي أكلها وتحقق لإيران خلفية وأرضية مناسبة للتحرك والامتداد والتلاعب بالعقول .
كما أن الميليشيات الطائفية التابعة للحرس الثوري والولي الفقيه والمنتشرة في أكثر من دولة عربية وفي مقدمتها لبنان والعراق واليمن أصبحت تشكل بطريقة ما دولة ايرانية داخل الدولة تفرض سطوتها واقتدارها وتعطل الحياة السياسية وتخلق فراغا فيها وفقا لمشيئتها وتفرض حالها وقرارها على كل جوانب الحياة في هذه البلدان حتى في مسألة اختيار رئيسها وهيئاتها السياسية السيادية ، وكانت هذه المليشيات قد أعدت جيدا ( في المطابخ الاستخباراتية الايرانية ) لهذا الغرض منذ أمد بعيد وهاهي تقوم بدورها على أكمل وجه في خدمة التوجهات الايرانية وبأكثر مما يتوقع الولي الفقيه .
والسؤال الكبير والمؤرق الذي ينبثق دائما ( ونحن نعاين ونتملى في هذه المجلوبات الايرانية الشريرة والمعادية للعرب ) ما الذي فعلته ايران منذ مجيء الخميني الى السلطة في ايران على صعيد بلادنا سوى إشهار العداء لأمتنا بشكل صريح ومبطن ، ومحاولة ملء الفراغ في بلادنا التي تعاني من شرور الاستعمار والصهيونية ، والمقايضة مع الدول الاستعمارية على ضوء ما أنشأته في بعض الدول العربية من اختراقات وعلى حساب هذه الدول ، وإثارة النعرات والانقسامات الطائفية ، ومحاولة اختراق واحتلال العقل العربي بالترهات والهذاءات والشعارات الكاذبة والفارغة .
لقد صنعت لنا ايران ( إضافة لما يقوم به الاستعمار والصهيونية في مشروعهما المديد ) عبر هذا الزمن الخميني – الخامنئي المذهبي الطائفي الظلامي الانقسام والاقتتال الطائفي والدول الفاشلة التي امتدت يدها اليها وعبثت في تكوينها ونسيجها الاجتماعي ، وهي في طريقها الى أن تكون الرديف والحليف للكيان الصهيوني في تعطيل نهضة وحرية العرب واستقلالهم ، وتوق وسعي الطرفين لإخراج الأمة العربية من التاريخ أو وضعها على هامش هذا التاريخ .