الجريمة في الاسرة الأردنية ..ذبول قيم..أم تنامي مِحن.. ؟

#الجريمة في #الاسرة_الأردنية ..ذبول قيم..أم تنامي مِحن.. ؟
ا.د #حسين_محادين *
(1)
علميا، الجريمة ذروة اشكال #العنف المتنوعة ، فهي التي يقرر اقترافها انسان/ة ما، وهو ذاته الذي انفقت عليه مؤسسات المجتمع الكثير من موارد الوقت والقيم الكثير من الجهد والاستثمار التربوي فيه كجزء من ادوارها التربوية والترويضية لغريزة العدوان لديه كفرد ضمن منظومة وهوية المجتمع الدينية والاخلاقية الحاضن له ولتلك المؤسسات التنظيمية.
( 2)
أقول لقد انفقت مؤسساتنا المرجعية للتنشىئة وبخسارة يجب ان تدرس وتحدد كلفها المختلفة الكثير من السنوات والاموال لتربيته كي ينال عضويته الكاملة في المجتمع ابنا او بنتا صالحين بالمجمل، هذه المؤسسات التنشيئية هي:- الاسرة، التعليم بمراحله المختلفة، الكنيسة ، المسجد، وسائل الاعلام التواصلي، إذ انفقت تلك المؤسسات الكثير من السنوات و المجهودات كي تعلمه وبالتدرج لكي يكون انسانا طبيعيا وفقا لمراحل نموه النفس جسدي، اذ سعت بالتأكيد لإكسابه معاني ومهارات ان يكون /تكون صاحب قيم انسانية نبيلة، وان يتعلم مرونة التفكير والقدرة على مواجهة وحل الصعاب التي تواجهه في حياته، ومع ذلك علينا الاعتراف بن هذه المؤسسات قد اخفقت بكل ماسبق بالنسبة للمجرم الفرد والجريمة المحنة وهما اللذان اخذا بالتزايد للاسف في مجتمعنا الأردني العربي المسلم وهنا يجب دراسة كل حالة جرمية لوحدها كي نتلمس مواطن اخفاقنا في تربية ابنائنا الذين ارتكبوا الجرائم كي نعدل في مضامين وطرائق تنشئتنا للابناء القادمين ايضا ..
(3)
لعل التساؤل الاكثر وخزا لمنظومتنا الاسرية والتربوية في المجتمع الاردني هو..لماذا اخفقنا جميعاً بضبط سلوكيات ابنائنا الذين اجرموا على الصعيدين ؛الداخلي ، دين، اخلاق، اعلام، والخارجي اي القوانيين والاعراف التي يفترض ان تساهم في تردع المجرم داخليا قبل ان يرتكب جريمته وخارجيا بالقوانيين والعادات الكثيرة التي تسعى لضبط سلوكاته الجريمة التي وجهها نحو ابناء جلدته الذين لطالما اشبعتنا احاديثنا تربية الجميلة على اهمية حفظ الروح البشرية ، وكذلك العلاقات الاخوية وصِلة الارحام بين افراد اسرنا وخؤولتنا مثلا، ولماذ اخفقنا اسرا ومؤسيات تنشئة في توجيه سلوكات ابنائنا نحو الحوار الوازن رغم ارتفاع نسب اعداد المتعلمين في مجتمعنا، و لماذا لم نعلمهم التأني قبل ان يرتكبوا جرائمهم بداية في اسرهم ونزعم اننا في مجتمع محافظ ، ومن بعدها جرائمهم في المجتمع الارحب..
(4)
تُرى هل سنعترف يوما ما بأن
انماط تنشئتنا الاسرية بالاصل قائمة على قيم المغالبة وليس على الحوار بالتي هي احسن، فانا يهمني ان يكون ابني ضاربا وليس مضروب،بغض النظر عن جذور اية مشكلة، وجذر ذلك الفهم المغالب مرده علميا الى ان اهمية تعليم الحوار وسمو قيمه السلمية للابناء منذ بداية الطفولة فهو الذي سيشكل كجذر فكري وتربوي شخصية اي منا من الطفولة حتى الممات وهو الذي سيحدد مستقبل تعاملنا مع انفسنا والاخرين، إذ يقول عالم النفس (فرويد) ان السنوات الست الاولى من اعمارنا هي التي تحدد كيفية تعاملنا مع انفسنا والاخرين وهي ما يسميها بخبرات الطفولة..لذا فخبرات طفولتنا تتناغم مع قيمنا البدوية و الصحراوية الغاطسة للآن بدواخل كل منا، والقائمة على عقلية الفارس الأوحد قبليا ومناطقيا، والقائد الابدي الملهم سياسيا.
دون ان ننسى بالترابط مع كل ما سبق ذكره، ان كثرة المواعظ الدينية الاخلاقية مع الاحترام لها، سواء التعبيرية منها ام التلقينية غير المعيشة فعلا في محيط ابنائنا، اي خارج اسوار البيت اثناء تربيتنا لأولادنا من الجنسين، انما يصدمهم هذا المعطى القائم فعلا في حياتهم العامة لاحقا، أذ هو صِدام ضمني بين قيم اخلاقية متوازنة تمثلوها غالبا في اسرهم اثناء طفولتهم ، ونقيضها السلوكي تماما الذي واجهوه اثناء تعاملهم الموجع مع من هم خارج اسرهم في الحياة العامة، سواء في المدرسة او مؤسسات المجتمع التنظيمية الاخرى…مثل التجاذبات بين قيمة الصدق وعكسها خارج حدود الاسرة غالبا.. مفهوم “الشرف” الذي ارتبط اثناء تنشئة اهلنا لنا باجساد اخواتنا اكثر من اخواننا الذكور”الرجل ما بعيّبه اشي” وهنا تأخذ التنشئة غير السوّية والمزدوجة المعايير بين الابناء من الجنسين تنغرس في اذهاننا وسلوكاتنا اليومية راهنا وباتجاه المستقبل.
( 5)
من الواضح علميا وحياتنا، ان هشاشة مهاراتنا في كل من:-

  • الحوار مع اجسادنا وغرائزنا كطبيعة فطرية غير معيبة لنا او تم توعيتنا بها وباستحقاقاتها قبل واثناء الزواج مثلا كما يفترض، فالغريزة بدواخلنا كحاجتنا للطعام تماما وكلاهما غريزة في الانسان، فالطعام هو الذي بوسعنا ان نجاهر بتفضيلاتنا لأنواعه من جهة، اما التوعية الجنسية لدى الجنسين، وكذلك مفهوم العفة”والشرف” التي تُفهم خطئاً لدى جُل ابنائنا لعدم تنشئتنا وتوعينا به كونه ممنوعا اجتماعيا ، فهذا الجهل بمضامينها انما قاد ضمنا الى ارتكاب الجرائم داخل اسرنا الاردنية بكل ما تمثله من مِحن مضافة لضغوط الحياة الاقتصادية وارتفاع منسوب القيم الفردية مقابل تراجع التكافلية منها عموما…فهل نحن نحن دارسون، جامعات، معاهد ومؤسسات ابحاث للجرائم الاخيرة في اي من اسرنا الاردنية الصابرة..وماذا نحن فاعلون ميدانيا..؟
  • قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى