التكتيكات الإسرائيلية في الاستيلاء على الحقوق العربية

#التكتيكات #الإسرائيلية في الاستيلاء على #الحقوق_العربية

الأستاذ #عقيل_العجالين

ان توضيح الوسائل التي استعملتها اسرائيل في سبيل الاستيلاء على الاراضي والحقوق العربيه من شانه تسليط الضوء على حجم الجهود المبذوله من قبلها في اصرارها على تثبيت وجودها بكافه الوسائل القانونيه والسياسيه والدبلوماسيه والعسكريه وبالنتيجه ادت هذه الوسائل الى تشويه الحقيقه والتعتيم عليها وفرض سياسه الامر الواقع والوصول بالقضيه الفلسطينيه الى درجه كبيره من التعقيد بعد ان كانت واضحه الحلول ونجم عن ذلك وجود تصور عالمي للقضيه ولكن على غير حقيقتها التي نراها نحن وهنا تكمن اهميه هذا المقال بان القضيه من وجهه نظر العالم هي بشكل مختلف عما هو عليه الحال من وجهه نظر الشعوب العربيه والاسلاميه.
إن ما قامت به اسرائيل من تظليل للحقيقه قد ساعد دول كبرى في العالم وهذه الدول تحتضن اسرائيل ساعدها على تفادي قواعد القانون الدولي ذات العلاقه بهذه القضيه والواضحه الاحكام وبالتالي الخروج من الحرج امام منظمات الامم المتحده بل والجنوح الى إسدال الستار على القضيه برمتها.
لقد دأبت اسرائيل منذ نشأتها على استعمال استراتيجيه الانتقال من المسائل الرئيسيه المتفق عليها الى التفاصيل الدقيقه المختلف عليها او الانتقال من الاصول المتفق عليها الى الفروع المختلف عليها إن جاز التعبير ومن ثم ايجاد حاله جدليه ادت الى ضياع الحلول الدوليه وانشغالها في المجادله بين هذه المساله وتلك.
ومما زاد في رغبتي لكتابة هذا المقال ما علمته من خلال القانونيين العرب المتابعين للموضوع في منظمات الأمم المتحدة عن الحجج والتبريرات التي تستخدمها إسرائيل في هذا الوقت لتبرير جرائمها في غزه وعدوانها على هذا القطاع المحاصر فقد علمت مدى المكر والتلاعب على نحو يقلب الضحيه إلى جلاد والجلاد إلى ضحيه.
وسيتم تناول هذا الموضوع في كل مرحله من مراحل تكوين اسرائيل ونشاتها في مرحلة ما قبل عام ١٩٦٧و ما بعدها حتي الوقت الحاضر ومن ثم التطرق إلى الوسائل التنفيذية للأمم المتحدة مثل مجلس الامن الدولي والمحكمه الجنائيه الدوليه والتي لا تزال عاجزه عن ردع التعدي والعدوان على الأرض العربية وسكانها حتى الوقت الحاضر وعلى النحو التالي:-
١)-نشأة الدوله وقيامها..
قبل التطرق للوسائل المستخدمه التي تتفق مع النوايا المبيته سيتم عرض موجز للتسلسل التاريخي لمرحلة ما قبل الدوله وقبل قبولها كعضو في هيئة الأمم المتحدة.وبعد ذلك التعليق على حيثيات هذه الوقائع..
التسلسل الزمني لولادة الدوله.
أن فكرة دولة اسرائيل قد نشأت على اساس وعد بلفور المؤرخ بتاريخ 2 نوفمبر 1917 تلك الرساله التي ارسلها وزير خارجيه بريطانيا في ذلك الوقت الى اللورد ليونيل دي دو تشيلد احد ابرز رموز المجتمع اليهودي في ذلك الوقت وقد تضمنت تلك الرساله بان بريطانيا تنظر بعين العطف الى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وهذا الوعد او التصريح من الحكومه البريطانيه سبقه اتفاق اخر وخطوه تمهيديه وهي إتفاقية سايكس بيكو بين فرنسا وبريطانيا في عام 1916 وهي معاهده لاقتسام منطقه الهلال الخصيب( العراق وبلاد الشام) وكانت من اراضي الدوله العثمانيه .
حصل وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو اثناء قيام الحرب العالميه الأولى بين المانيا والدوله العثمانيه من جهه وبين بريطانيا وفرنسا وآخرين من جهة اخرى.
قطعت بريطانيا على نفسها العهد بان تبذل جميع الجهود غاية البذل في سبيل تحقيق هذا الوطن القومي لليهود حيث جاء في وعد بلفور ما يلي: (تنظر حكومة صاحب الجلاله بعين العطف الى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغايه على ان يفهم جليا انه لن يؤتى بعمل من شأنه ان ينتقص من الحقوق الدينيه او المدنيه التي تتمتع بها الطوائف غير اليهوديه المقيمه في فلسطين ولا الحقوق او الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في اي بلد اخر).وقد صدر هذا التصريح في ذات العام الذي قامت به بريطانيا بطرد القوات العثمانيه من فلسطين .
بعد انتهاء الحرب العالميه الاولى تم عقد مؤتمر سان ريموعام١٩٢٠للقوى المنتصره في الحرب وعلى راسها بريطانيا وتقرر منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين واجزاء اخرى من الوطن العربي لاعدادها الى تقرير مصيرها ومن هنا بدات بريطانيا باعداد العده لتنفيذ وعدها المشؤوم والذي هو وعد ممن لا يملك الى من لا يستحق حيث تم هذا الاعداد بتشجيع الهجره اليهوديه الى فلسطين وشراء الاراضي لفرض امر واقع يتم الاستناد عليه لدى عصبة الامم المتحده وبعدها هيئه الامم المتحده.
قامت الثورات والاحتجاجات من قبل العرب في فلسطين لرفض هذا المشروع حيث حصلت مظاهرات في القدس عام 1920 للتاكيد على الهويه العربيه الفلسطينيه وتلتها اعمال شغب ومظاهرات عديده اجبرت بريطانيا على تحديد هجرة اليهود الى فلسطين وكان ذلك في عام 1930 ولكن هذا لم يثن العرب عن مقاومة المشروع اليهودي والتوطين والهجره المرافقين له فقامت ثورة الشيخ عز الدين القسام منذ عام 1930 – 1935 ضد الوجود اليهودي والانتداب البريطاني وبعد ذلك قامت الثوره الفلسطينيه الكبرى منذ عام 1936 – 1939 حيث فرضت بريطانيا الاحكام العرفيه وبدات الحرب العالميه الثانيه وانشغلت بريطانيا بهذه الحرب.
انتهت الحرب عام ١٩٤٥ وانتصرت بريطانيا والحلفاء على دول المحور المانيا وايطاليا ونشأت هيئة الامم المتحده في ذات العام وفي عام 1947 أوصت الامم المتحده بتقسيم فلسطين الى دولتين عربيه ويهوديه واخضاع مدينه القدس والمناطق المحيطه بها الى سيطره دوليه .
كان هذا القرار من الامم المتحده بناء على تقرير من الدوله المنتدبه وهي بريطانيا حيث أوصت باتخاذ الاجراءات اللازمه ووصفت الوضع وصفا شاملا على ما تراه يخدم نواياها وكان من ابرز توصيات الحكومه البريطانيه اتخاذ اجراءات حفظ الامن والسلم الدوليين وقد صدر قرار الجمعيه العامه للأمم المتحده بالتقسيم وفقا لما اوصت به الحكومه البريطانيه وتضمن قرار الجمعيه العامه للامم المتحده باتخاذ اجراءات لحفظ السلم والامن الدوليين وان اي اعمال تقوم ضد مضمون هذا القرار سواء من دول او افراد فانها تعتبر اعمال مخله بالسلم والامن الدوليين وانها اعمال عدوانيه يتخذ مجلس الامن الدولي بشانها الاجراءات اللازمه.
بعد هذا القرار اعلنت اسرائيل استقلالها عام 1948 ووقعت حرب بينها وبين العرب ولم تستطع القوات العربيه تحرير الاراضي التي تم الاستيلاء عليها مما نجم عنه قتل وتهجير وفرار السكان الاصليين من الاجزاء او القسم الذي استولت عليه اسرائيل في ذلك العام .
في عام 1949 تم قبول طلب اسرائيل كعضو في الامم المتحده بموجب قرار الجمعيه العامه للامم المتحده رقم 273 والذي تبنى قرار مجلس الامن الدولي رقم 69 حيث ان دوله اسرائيل دوله محبه للسلام وقادره على تحمل الالتزامات الوارده في الميثاق وراغبة في ذلك بحسب قرار مجلس الامن الدولي السابق ذكره والذي تبنته الجمعيه العامه للامم المتحده وبذلك تم الاستيلاء على اجزاء واسعه من فلسطين في عام 1948.
التعليق على هذه الأحداث.
في البدايه فان ما تم اتخاذه من قرارات من قبل الامم المتحده بجمعيتها العامه ومجلس الامن التابع لها قد تمت بناء على تقارير الحكومه البريطانيه وتوجيهاتها وهي التي اعطت الوعد لليهود باقامه وطنهم القومي في فلسطين وبالتالي فان الاستيلاء على اجزاء فلسطين والتي هي معظم فلسطين في عام 1948 كانت تستند الى حكم القوي المنتصرعلى المهزوم المنكسر في الحرب العالميه الاولى عندما تم هزيمه الدوله العثمانيه وحليفتها المانيا وتم اقتسام الوطن العربي الذي كانت تحكمه الدوله العثمانيه بين الدول المستعمره وان تقرير المصير لفلسطين قد تم بناء على رغبة الحكومه البريطانيه ووفقاً لوعد سابق ولم يتم بناء على استفتاء شعبي او وسيله يقرر بها الشعب مصيره بنفسه وان الحكومه البريطانيه عندما مهدت لإقامة الوطن القومي لليهود قد فرضت امر واقع وهو الهجره اليهوديه الى فلسطين حتى يتم انشاء دوله بوجود قدر معين من النسمه السكانيه لذلك يوصف هذا الوعد بانه عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ثم ان بريطانيا مكثت تبذل غايه جهودها في سبيل تحقيق هذا الوطن القومي لليهود كما وعدت في وعد بلفور لذلك لم تنهي انتدابها وتغادر الا بعد تأمين قيام هذا الوطن القومي الذي وعدت به وحصوله على اعتراف بالشرعيه من قبل الامم المتحده بمجلسها الامني وجمعيتها العامه.
ان هذه الشرعيه التي حصلت عليها الدوله الوليده كانت من اكبر العقبات التي تواجه العرب حيث ان قرار الاعتراف باسرائيل وبشرعيتها هو قرار أممي وبموجب ميثاق الامم المتحده وكما راينا فانه من يقدم على أي اعمال من شانها التعرض لما اقره قرار الامم المتحده فانه يعتبر في حالة عداء للشرعية الدولية لذلك وجد العرب انفسهم في مواجهة العالم نظرا لهذه الشرعيه المزيفه التي حصل عليها الكيان.
ومن الجدير بالذكر أن وعد بلفور لم يعترف باي حقوق سياسيه لغير اليهود وقد أعتبر غيرهم مجرد طوائف وقد كان ذلك واضحا في الوعد عندما نص على الحفاظ فقط على الحقوق الدينيه والمدنيه لغير اليهود وبالتالي من غير المتصور أن يحق لغيرهم إقامة دولة إلى جانب دولتهم ولكن من الممكن ان تكون بريطانيا قد لجات الى قرار التقسيم عبر الامم المتحده نظرا للثورات والكفاح الذي قام بها العرب في فلسطين لمواجهه مشروع إقامة دوله لليهودعلى أرضهم.
خلاصه ما يمكن الوصول اليه من هذه الاحداث السابق ذكرها ان بريطانيا استطاعت انتزاع شرعيه دوليه للدولة اليهوديه قبل مغادرتها وانهاء انتدابها لذلك جرى حمايه اسرائيل من قبل الدول الكبرى استنادا الى القانون الدولي وميثاق الامم المتحده لذلك نرى هذا التعاطف الدولي مع اسرائيل لان شعوب العالم الاخر ينظرون إليها من زاويه القانون الدولي والامم المتحده اما الشعوب العربيه والاسلاميه فانها ترى الحقيقه على حالها قبل تزييفها وهي انه تم الاستيلاء على اراضي كبيره من فلسطين في عام 1948 بطريقه حكم المنتصر وحكم القوي.
لقد تم فرض هذا الامر الواقع على العرب بواسطة هذه الشرعيه الدوليه المنحرفه لذلك يتم تسمية اي اعمال مقاومه او تحرير باعمال العنف او اعمال ارهابيه.
ومن وجهة نظر الأمم المتحدة فإن المطالبة بالاراضي المحتله عام 1948 هو معاداه لدوله عضو في الأمم المتحدة واستهداف لوجودها مما يبرر لها إستخدام كافة وسائل القوه كدفاع شرعي عن النفس بحسب نص الماده(٥٢ ) من ميثاق الأمم المتحده…( ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول فرادى او جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوه مسلحه على احد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن الدولي التدابير اللازمة لحفظ الأمن والسلم الدولي…….)..

دوافع وعد بلفور:.
——————.
أن وعد بلفور قد تضمن بأنه نظرة عطف من بريطانيا إلى اليهود لإقامة وطن قومي لهم ولكن الحقيقة لم تكن كذلك وأن هذا الوعد كان بمناسبة الحرب العالميه الاولى ورغبة بريطانيا في استغلال أثرياء اليهود لدفعهم إلى تغطية نفقات وتكاليف الحرب وتحفيز المنظمات اليهوديه إلى الوقوف إلى جانبها لغاية انتصارها حتى تتمكن من الوفاء بوعدها لذلك حتى بعد انتصارها في الحرب الأولى عملت على التمهيد والعمل برويه لتنفيذ ذلك الوعد وتم تأخير تنفيذه إلى ما بعد إنتهاء الحرب العالميه الثانيه وانتصارها أيضاً لذلك فان هذا الوعد مدفوع بمصالح وثمن دفعه أثرياء اليهود ابتداءً بالإضافة إلى دوافع أخرى لا يتسع المجال لذكرها.
وبالعوده الى قرار التقسيم الصادر عن الامم المتحده والذي ينص على إقامة دولتين يهوديه وعربيه فقد قامت دولة اسرائيل ولم تقم دوله فلسطينيه إلى جانبها نظرا لرفض العرب لقرار التقسيم وعدم قبوله في بادئ الأمر وفي ضوء قرار الامم المتحده السابق فقد تم اعتبار الجهات الرافضه لهذا القرار جهات او دول معاديه وتعمل ضد الشرعيه الدوليه وعلى هذا الاساس الشرعي المزيف اعتمدت اسرائيل بان هناك حالة عداء من قبل جيرانها العرب وسكان الاراضي المحتله مما دفعها الى استخدام وسيله اخرى وتكتيك اخر لتوسيع رقعة دولتها على حساب جيرانها العرب وبذلك نصل الى المرحله الثانيه وهي مرحله توسع اسرائيل في عام 1967.
٢)-مرحله توسع اسرائيل واحتلالها لكامل فلسطين واجزاء اخرى من جاراتها العربيه
كما سبق ذكره فقد اعتمدت اسرائيل على ان الدول العربيه والشعوب العربيه لا تعترف بقرارات الشرعيه الدوليه وبالتالي فانها لا تعترف بدولة اسرائيل لذلك فانها مضطره لاستخدام القوه كي تحفظ امن حدودها ووجودها لذلك فقد شنت حربها على العرب في عام 1967 وجرى ما جرى من احتلال لكامل فلسطين وقطاع غزه وبقيت تحتل هذه الاجزاء بشتى الوسائل والسبل.
في هذه المرحله فان الوسيله التي تتذرع بها اسرائيل هي المحافظه على امن حدودها لتجنب ما يهدد وجودها كما تدعي ولكن هذا الاحتلال الاخير للضفة الغربيه وقطاع غزه يختلف عن الاستيلاء عن القسم الذي احتلته عام ١٩٤٨ ففي المرحلة الاولى عند أول نشأتها واستقلالها حصلت على شرعيه دوليه بذلك لكن استيلائها على باقي فلسطين يخالف قرار مجلس الامن الدولي والجمعيه العامه للامم المتحده والذي نص على تقسيم فلسطين الى قسمين بين دولتين عربيه ويهوديه كما أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٤٢بوقف إطلاق النار عام ١٩٦٧ قد نص على الإنسحاب من الأراضي المحتله في النزاع الأخير لذلك فان احتلال اسرائيل للضفة الغربيه وقطاع غزه هو احتلال وعدوان بموجب القانون الدولي سواء اتفاقيه لاهاي والتي كان اخر تعديلاتها في عام 1907 او بموجب اتفاقيات جنيف الاربعه اللاحقه فهذا الضم وهذا الاحتلال ليس له سند شرعي في القانون الدولي وميثاق الامم المتحده ومنظماتها لذلك فان اكثر ما يمكن التذرع به هو الاحتلال المؤقت في سبيل صد الاعمال العدائيه وحفظ امن الحدود الا ان اسرائيل استمرت في احتلالها للضفه الغربيه وقطاع غزه وعملت على إقامة المستوطنات في الاراضي المحتله بعد عام 19٦٧..
وبشأن قرار مجلس الأمن الدولي رقم ٢٤٢ والذي تم بموجبه وقف إطلاق النار عام ١٩٦٧فقد احتوى على اعتبارات يلاحظها المحلل السياسي والمحلل القانوني بوضوح تام ؛فقد تضمن فيما تضمنه مبدأين :
أ)-سحب القوات المسلحه من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير.
پ)-انهاءجميع إدعاءات أو حالات الحرب واحترام واعتراف بسيادة وحدة أراضي كل دوله في المنطقه واستقلالها السياسي وحقها في العيش بسلام ضمن حدود آمنه ومعترف بها وحرة من التهديد وأعمال القوه..
أن هذا القرار يثني بوضوح على قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة من حيث ضرورة الإعتراف بإسرائيل وحفظ أمن حدودها وعيشها بسلام وأن هذا القرار هو وسيلة ضغط على الدول العربية والشعب الفلسطيني للاعتراف بإسرائيل وإلا فإن احتلالها الأخير هو حماية لها من العدوان. وبالتالي فانها لن تنسحب من الأراضي التي احتلتها في عام 1967.ولكن هذه الحجه ستكون ضعيفه أمام القانون الدولي ومقاصده التي لا تجيز الإحتلال الدائم في كل الضروف حيث أن ضرورة الإحتلال كدفاع عن النفس هي مؤقته وليس دائمه .
امام هذا الوضع ولعدم وجود شرعيه دوليه او سند في القانون الدولي يدعم هذا الاحتلال الدائم فقد اتجهت اداره الاحتلال الى اساليب اخرى لأن عدم شرعية الاحتلال ومخالفته قرار التقسيم وقيام الانتفاضه الفلسطينيه في عام ١٩٨٧ واستمرارها دفعت الإحتلال إلى اللجوء الى اعمال المفاوضات من اجل السلام حيث بدأت بوادرها في عام 1991 مرورا باتفاق اوسلو في عام ١٩٩٤ واتفاقيات السلام مع بعض الدول العربيه وعليه فقد لجأت اسرائيل الى الاتفاقيات والمعاهدات ولكن في سبيل الاستمرار في الاحتلال وليس من اجل انهائه لذلك فان المساله لا تتعدى كونها اداره للصراع ولم يكن الهدف الوصول الى حل نهائي.وان ما يؤيد ذلك نص وعد بلفور حيث أنه لم ينص على أي حقوق سياسيه لغير اليهود وبالتالي لم يكن بالحسبان الإعتراف للفلسطنيين بدوله إلى جانب اسرائيل وقد نص الوعد على المحافظه على الحقوق الدينيه والمدنيه فقط للطوائف من غير اليهود
هذا وقد تضمن اتفاق اوسلو بان يتم قيام حكم ذاتي وقيام دوله فلسطينيه خلال خمس سنوات الا انه وبعد مرور خمس سنوات لم يتم ذلك مما نجم عنه قيام الانتفاضه الفلسطينيه في عام 2000 وذلك عندما وصلت المفاوضات الى طريق مسدود وكان الاحتلال يتذرع بعدم وجود شريك رئيسي وحقيقي للسلام وحسب زعمه فان هذا هو السبب الذي يمنع من اتمام ما تم الاتفاق عليه في اتفاقيات السلام مع الفلسطينيين ومن ثم اخذ الاحتلال الاسرائيلي بالضرب على وتر الإنقسام والاختلاف الفلسطيني وسعيه إلى عدم قيام اي كيان فلسطيني إلا إذا كان في خدمة اسرائيل وبالتالي توجيه سلاح هذا هالكيان الى كل من يطلب التحرير والحصول على حقوق واقعيه .
أن تحويل المسألة إلى اتفاقيات ومعاهدات له أثر كبير في القانون الدولي حيث أنه يقي المحتل أحكام القانون الدولي الواضحه في تحريمها للاحتلال الدائم وذلك بنقل المسأله إلى خلاف على طريقة تنفيذ وتطبيق إتفاق دولي قائم وموجود لذلك فقد أنتقل الحوار من طلب التخلص من احتلال موجود ومدان دولياً إلى رسم طريقه للمعاهدات وتنفيذها لذلك تم وضع خارطة الطريق وبعد ذلك تم تشكيل اللجنة الرباعيه عام ٢٠٠٢( الأمم المتحدة ؛روسيا والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي) وذلك من أجل معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولكن لم يتم التوصل إلى أي نتائج إيجابية.
وعلاوه على هذه الطرق والاساليب التي تنتهجها اسرائيل في سبيل التخلص من احكام القانون الدولي التي تدين احتلالها فقد قامت بالانسحاب من قطاع غزه عام 2005 وذلك في سبيل التخلص من مسؤولياتها الدوليه لأن الإحتلال بالإضافة إلى عدم شرعيته فإنه يحمل الدوله المحتله مسؤوليات أخرى لحماية السكان وتحقيق متطلبات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ولم تقم بذلك بهدف انهاء الاحتلال بشكل فعلي لذلك فقد ابقت اسرائيل سيطرتها على المعابر والحدود والفضاء لقطاع غزه وابقت هذا القطاع مراقب مراقبه تامه ومحاصر وبالطبع فهي بهذه الأفعال تتذرع بالدفاع عن النفس وبعباره واحده فإنه احتلال عن بعد وتحكم عن بعد.
في عام 2007 جرت انتخابات فلسطينيه وتم انتخاب حركه حماس وتم تشكيل حكومه فلسطينيه فلجأت سلطات الاحتلال الى محلولة افشال واسقاط هذه الحكومه حيث تم قطع المساعدات الدوليه حتى عجزت الحكومه عن دفع رواتب الموظفين فيها وقامت سلطات الاحتلال بالتذرع بالخلافات بين الفلسطينيين لعرقله تقرير مصيرهم..
إضافة لما تقدم فقد قامت اسرائيل بمحاولات لتطبيع العلاقات مع الدول العربيه مستغله اعلان جامعه الدول العربيه لمبادرة السلام العربيه مع إسرائيل في القمه العربيه 14 في بيروت سنه 2002 حيث اعلنت هذه الجامعه في ظل اشتداد الإنتفاضة الثانيه انتفاضة الاقصى مبادره بانسحاب اسرائيل الكامل من الاراضي التي احتلتها عام 1967 تنفيذا لقراري الجمعيه العامه ومجلس الامن ذوي الرقمين 242 و 338 واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد لسنه 1991 ومبدأ الارض مقابل السلام وقيام دوله فلسطينيه وعاصمتها القدس الشرقيه وذلك كله في مقابل اقامه الدول العربيه علاقات طبيعيه مع إسرائيل في اطار سلام شامل معها..
وبالطبع فان اسرائيل تأخذ ما تستفيد منه وتنكر ما سواه لذلك فقد عمدت الى التطبيع بشكل فعلي وذلك من اجل إسدال الستار على القضيه برمتها ومن اجل ان تعمل على تعايش الشعوب والاجيال العربيه مع احتلالها بانه وضع طبيعي ولا زالت تنتهج هذا النهج ومستمره فيه وعلى رأي القول الذي يتحدث به بعض مفكريهم ( الكبار سيموتون والصغار سينسون).
إن حصار إسرائيل لقطاع غزة يشكل عمل عدواني بموجب أحكام القانون الدولي ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة حيث أن هناك نصوص واضحه تنص صراحة على اعتبارها جريمة عدوان تختص بها المحكمه الجنائيه الدوليه كما نص نظام روما الأساسي الصادر عام ١٩٩٨ على اختصاص المحكمة بجريمة الاباده الجماعيه وجرائم الحرب الدوليه والجرائم ضد الانسانيه والتهجير القصري وإجبار السكان على العيش ضمن ضروف معيشيه قاسيه.ولكن المسألة ليست بهذه السهولة حيث لا تزال الجهات التنفيذيه التابعه للأمم المتحدة عاجزه عن إجراء الحلول العمليه وفقاً لما سنراه تالياً.
الجهات التنفيذيه للأمم المتحدة:-.
سيتركز الحديث على مجلس الامن الدولي والمحكمه الجنائيه الدوليه.
أما بالنسبة لباقي المنظمات مثل محكمة العدل الدولية والجمعيه العامه للأمم المتحدة ففي الأغلب أن قراراتها استشاريه أو غير ملزمه.
وباختصار فإن مجلس الامن الدولي غالباً ما يتم فيه تعطيل أي إقتراح لمشروع قرار بشأن المسائل الدوليه المتنازع عليها باستخدام حق الإعتراض أو حق النقض ( الفيتو) حيث استخدمت الولايات المتحدة هذا الاعتراض حوالي ٤٠مره لإجهاض أي قرار لا ترغب بتمريره علاوة على ابتعاد المجلس عن إستخدام مصطلحات أخرى سوى مصطلح الإخلال بالأمن والسلم الدوليين وأن تقدير أي مسألة فيما إذا كانت تشكل إخلال بالأمن والسلم تعود للمجلس وبعد ذلك يتخذ القرار اللازم وفقاً النص الماده ٣٩ من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على:(يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان…….)وبذلك يتم العوده من جديد الى مشكلة الإعتراض أو الفيتو
أما بالنسبة للمحكمه الجنائيه الدوليه فقد مرت مسألة اختصاصها بالجرائم الخطيرة بصعوبات كبيره ونشبت حالة كبيره من الجدل بشأنها فعلى سبيل المثال حصلت خلافات كبيرة حول تعريف جريمة العدوان وأركانها اللازمه لدخولها ضمن اختصاص المحكمة وتم بذل الجهود لإيجاد تعريف واضح لها وبالرغم من تعريفها من قبل بعض الجهات المعنية إلا أن ما استقر عليه الأمر هو أن هذه الجريمه غير قابله للتعريف بحكم طبيعتها وظل الوضع كذلك لحين مؤتمر كمبالا المنعقد في عام ٢٠١٠ حيث جرى وضع تعريف محدد لجريمة العدوان وبالرغم من وجود هذا التعريف الذي أستمر الخلاف والجدل فيه مده طويله إلا أن هناك معوقات أخرى تقف أمام نظر هذه المحكمه بجريمة العدوان الداخله في اختصاصها ومن أبرز هذه المعوقات ما نصت عليه الماده (١٦) من نظام روما الأساسي وهو المتعلق بالمحكمه الجنائيه الدوليه ويسمى بالقانون الجنائى الدولي حيث نصت المادة السابقة على (لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاه بموجب هذا النظام الأساسي لمدة أثني عشر شهراً بناءً على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمه بهذا المعنى…..ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها) فهذا النص يعود بنا إلى دائرة مجلس الامن مرة أخرى..
النتائج والتوصيات:-.
-ان دوله اسرائيل اصبحت قائمه وعضو في هيئه الامم المتحده وان اي خطر يتهددها بوجودها يبرر لها الدفاع عن النفس وفقا لميثاق الامم المتحده لذلك فاذا رفعنا شعار ان فلسطين من البحر الى النهر او ان صراعنا مع اسرائيل هو صراع وجود لا صراع حدود فان ذلك يضعنا امام مواجهه مباشره مع احكام القانون الدولي والدول الكبرى ويكون حجه ذهبيه لاسرائيل لتبرير افعالها بشكل يضمن لها عطف شعوب العالم.
-منهجيه العمل تتطلب الحكمه وعمل الممكن وليس تقديم الحجج على طبق من ذهب للعدو حتى يحصل على تعاطف شعوب العالم والدول الكبرى ويظهر افعاله بانها شرعيه وتستند الى القانون الدولي وميثاق الامم المتحده.
-ان جميع المبادرات التي أحيت القضيه الفلسطينيه من جديد ناجمه عن الكفاح من اجل تقرير المصير والذي قام به الشعب الفلسطيني مراراً من خلال الانتفاضات
-مواصله الجهود في منظمات الامم المتحده لتوضيح حق الشعب الفلسطيني وسعيه لتقرير مصيره بنفسه وتفنيد حجج الاحتلال التي يحاول دوما تغليفها بالشرعيه الدوليه وايجاد اساس لها في القانون الدولي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.
عقيل العجالين

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى