التعليم والمستقبل!!

#التعليم و #المستقبل!!

بقلم: د. #ذوقان_عبيدات

         كان يُعتقَد أن المجتمعات أنشأت المدارس لتنقل إلى الأجيال ثقافة الماضي، بما تحمله من قيَم، وحلول، وأدوات، وأحكام. ولذلك، نشأت المدرسة بوصفها مؤسسة ماضوية، تتحدث عن ثقافة الأجداد وتاريخهم، وامتلأت بأسماء تاريخية تتحدث عن سقراط، وزرادشت، ونابليون، وخالد بن الوليد، وورقة بن نوفل، وفيثاغورس، وأرخميدس، وأنشتاين وداروين. كما امتلأت بأحداث قديمة مثل: عام الفيل، وذي قار، واليرموك، وبدر، والمعلقات، وفتح القسطنطينية، وعمّورية، وأسماء الممالك القديمة، والشعوب القديمة وغيرها. وشاعت في مدارسنا ومناهجنا أفعال الماضي مثل: عاش، وانتصر، وهاجر، وخطّط، وفتح، وكان،  وانسحب…. إلخ).

         ولم تشهد مناهجنا أي أفعال مستقبلية، ولا حتى حاضرة، اللهمّ إلّا في كتب القواعد حين تتحدث عن الفعل المضارع، وعن سوف، وعن س/ التسويف، ولم تُستخدَم هذه الأفعال إلّا في أحاديث المسؤولين وادعاءاتهم بما سيفعلون وينجزون، حتى صار فعل المستقبل سخرية لدى المواطنين!!

مقالات ذات صلة

         لامني المحلل العسكري الذي قال لي: لم تعلمونا شيئًا عن المستقبل! وهل مَهمّة التعليم هي الإغراق في الماضي؟ كم كنتَ محقًا يا نضال! وكم تفوّقت على التربويين الجدد، والمناهجيّين الجدد، والامتحانيّين الجدد!

         في مناهج الرياضيات كل المسائل تقريبًا تبدأ بفعل ماضٍ مثل: باع، واشترى، ولوّن، وشرب… إلخ، ولم تتجرأ مسائلنا الرياضية على الحديث عن:

لو أردت أن تفتح مشروعًا، أو تبني بيتًا، أو تضع خطة لإدارة ذاتك، أو وقتك…. وغير ذلك من قضايا مستقبلية.

         وفي مناهج العلوم، امتلأت كتبنا بنظريات وقوانين نيوتن، ودارون، وأفعال الماضي، وليس فيها

أي إشارة إلى أن العلماء يفكرون بكذا، وكذا..

         كما أن مناهج العلوم وغيرها لم تسعَ إلى إعداد باحثين يكتشفون وينتجون، بل إلى حُفّاظ لِما تمّ بالماضي…!

         أما كتب العربي،  فقد طلبتْ حفظَ ما قاله مبدعون في الماضي، ولم تطلب من الطلبة كتابة نصّ، أو إضافة جملة إلى نصّ، أو إضافة بيت شعر إلى قصيدة، واكتفت بمقارنة مفكّر كبير بلاعب كرة!!

          ومناهج الاجتماعيات، أو الدراسات الاجتماعية فقد غرقت في أسماء المعارك، والأسلحة القديمة، وأسماء السلاطين ومتى تزوجوا، وغير ذلك من دون أن تطلب إيجاد مبادىء للنصر في المستقبل، أو استنتاج مهارات قيادية حديثة من أحداث الماضي!!.

         وفي التربية الدينية، فقد اكتفت بشرح ما هو موجود، من دون الامتداد إلى نظرة الدين للمستقبل الدنيوي!!.

         مرة أخرى، معك حق  يا من انتقدت غياب المستقبل، وسيناريوهاته، وشكله، وطبيعة الحياة فيه!

         لقد وضعنا إطارًا عامّا للمناهج يهتم بالمستقبل، لكن التعنّت والشللية حالت دون ذلك، وفشلنا حتى في فهم الماضي!! فما بالك بالمستقبل؟!

فهمت عليّ جنابك؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى