التربية المعاصرة لذوي الإعاقة

التربية المعاصرة لذوي الإعاقة

جمال الحداد

يعتبر دمج الافراد ذوي الاعاقة في المدارس العادية من القضايا الساخنة في وقتنا الحالي، فالتربويون يستثيرون مثل هذه القضايا بسبب تناقض ارائهم وعدم اتفاقها، وجملة ان حق الافراد ذوي الاعاقة في الدمج هي السبب في ظهور مثل هذه القضية، لان كلمة الدمج كلمة فضفاضة وتحمل الكثير من المعاني، ومن الطبيعي ان تكون قضية لكن من غير الطبيعي ان تستمر كقضية فلا بد من حسم الجدل والخلاف وتحديد المسمى الصحيح، فلو قلنا انه من حق الافراد ذوي الإعاقة من تلقي التعليم الملائم لميولهم العقلي والوجداني وفي المكان المناسب لهم، سواء كان ذلك في غرفة الصف العادي او المصادر او الصف الخاص او المدرسة الخاصة او حتى بقائهم في المنزل او المستشفى فكل فرد يختلف عن الاخر ولا يمكن لاي انسان ان يتجانس في خصائصه مع زميله او من هم من نفس اعاقته.
وَلا يمكن لاي احد ان ينكر حق الافراد، واستغنائنا عن كلمة الدمج لا يعني انكار الحقوق، ولا يمكن لشخص ذا مروءة وفهم وعقل ان يقف عائق امام تعليم ذوي الاعاقة  لكن بسبب فضفاضة كلمة الدمج وتنوعها وكثرة مقاصدها تظهر الاراء والخلافات وبالتالي تصبح قضية.
ومن يقول بحق الافراد ذوي الاعاقة بالدمج و التعليم في المدرسة العادية فهو يدافع عن حقوق وهمية ولا يمكن ان نعتبرها حقوقا للجميع فالبعض من ذوي الاعاقة يتناسب وحاجاته للمدرسة النهارية مثلا و البعض الاخر الى مراكز الاقامة الدائمة لان هذه الاماكن هي التي تناسبهم وتقدم لهم ما يحتاجون من خدمات ورعاية واذا وضعناهم في غرفة الصف العادي لا يحققون اي تقدم ولا حتى في الجانب الاجتماعي فقد يصبحون سخرية من قبل اقرانهم العاديين الذين هم لم يعتادو على مثل هذا في صفهم.
وحجة ان عدم دخول ذوي الاعاقة الى غرفة الصف العادي وبقائهم في المراكز مثلا انها تسبب لذوي الاعاقة الوصمة فانها حجة باطلة ولا حظ للصواب فيها لان  الوصمة تحدث فقط اذا كانت الاتجاهات سلبية، ولا علاقة للدمج بها فالمشكلة اولا واخيرا مشكلة اتجاهات وليست مشكلة مكان لتلقي التعليم، وهذا يعني ان تغيير الاتجاهات و التخطيط العملي والمنهجي هو الذي يحل مثل هذه القضايا، وتغيير مثل هذه الاتجاهات قد نحتاج إلى جيل كامل، لكي ننهض باتجاهات ايجابية.
وعند التعليم لا بد من اخذ آراء و قرارات الأفراد ذوي الإعاقة بعين الاعتبار فهم اصحاب هذا الشأن، ولا بد من ان يعي المعلم جيدا انه يتعامل مع شخص قد يكون ذا موهبة غير ظاهرة ويفهم سلوكياتك و يتذكرها، واعطاء ذوي الاعاقة الاهتمام و التقدير  يزيد من فرصة تقدمه ويعمل على تسريع انجازه ويقيه من حدوث مشاكل نفسيه ممكن ان تحدث.
التعليم المعاصر هو التعليم الذي يتعارض مع التعليم التقليدي القديم فهو يركز على ان الطالب هو محور العملية التعليمية بمعنى، انه يتم تقديم محتوى المواد بطريقة تلائم وتناسب الميول العقلي و الوجداني للطالب، و مصطلح الميول العقلي هو مصطلح مستحدث يرجع لاستعداد ونضج جوانب عقلية محددة.
التعليم الذي يتخلله تقرير المصير هو التعليم المعاصر الحقيقي، فهو يساند ذوي الإعاقة في انتقاله من المراحل المختلفة التي يمر بها، ابتدائا من بيئة المنزل الى التعليم الابتدائي وحتى تأهيله المهني او تعليمه الجامعي ثم الزواج. ودون تدريب ذوي الإعاقة على تقرير المصير لا يمكن ان يمر في مراحل حياته بشكل سليم حتى لو تلقى تدريب استقلالي و تعليم اكاديمي صحيح.

جمال الحداد
الجامعة الهاشمية/ كلية الملكة رانيا للطفولة
Jamalalhaddad56@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى