الإنسحاب الأميركي من سوريا / زكي بني ارشيد

الإنسحاب الأميركي من سوريا

ماذا تعني هذه الخطوة ؟
ومن المستفيد ؟

من الجدير بالذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب قررت سحب قواتها من سوريا قبل ستة أشهر، وتم تأجيل هذه الخطوة بسبب تغطية فاتورة بقاء تلك القوات من إحدى الدول العربية.
هذه الخطوة ليست معزولة عن السياق العام، فالمقاربة الجديدة التي اعتمدتها إدارة ترامب، وتعبر عن رأي قطاع واسع من الجمهور الأميركي، وبموجب تلك المقاربة فإن أي تواجد عسكري ينبغي أن يكون بثمن، ينظر البعض إلى هذه السياسية بأنها انكفائية تعود الى نظرية (أميركا اولاً).
من جهة أخرى فإن الإنسحاب التدريجي من المنطقة والتوجه نحو الشرق الاقصى ينسجم مع الاستراتيجيات الأميركية التي تخلّقت عقب غزو العراق، وبعد إدراك طبيعة الحروب التجارية، والمنافسة الاقتصادية، القائمة حالياً – كانت متوقعة – والقادمة بقوة ومن خلال عودة الأقطاب الكونية والحرب الباردة بادوات ومعسكرات جديدة.
في هذا السياق لا يخفى الأزمة الأوكرانية بين روسيا الجديدة والغرب، وفي نقلة قوية أرسلت روسيا قطعتين بحريتيين نوويتين إلى فنزويلا التي تعتبر ضمن المدار والكنف الأقرب إلى واشنطن، إلى ذلك فإن القوة الاقتصادية الصينية تشكل تحديا مستفزا للاقتصاد الغربي عموما والأميركي خصوصاً.
بالعودة إلى موضوع انسحاب القوات الأمريكية من شرق الفرات ومناطق أخرى، حيث كانت اخبار تتحدث عن سحب اميركا بطاريات صاروخية من الأردن ايضاً.
وعلى كل الأحوال وسواء جاءت خطوة الإنسحاب الأميركي من سوريا بشكل كامل او الإبقاء على بعض القواعد العسكرية، وسواء أكانت بالتنسيق والتفاهم مع روسيا واستبعد ذلك، أو بدون تفاهم، لو كان المبرر المعلن وهو الإنتصار على داعش كافياً ام ان هناك أسباباً أخرى ؟، فإن خروج النفوذ الأجنبي كاملا من البلاد العربية يُعد مكسباً استراتيجياً للأمة.
والمقصود بالنفوذ الأجنبي هنا بالمعنى الشمولي للكلمة، لا يستثني أحدا، ولا يستبقي كياناً، إذ ان الرضا والقبول بمبدأ الاستقواء والاستعانة بالاجنبي سييبقي الباب مفتوحا للغزو الأجنبي متعدد الجنسيات والعابر للقارات، ومن شأنه أن يُعمق الأزمات ويوسع من حالة التشظي والاستنزاف الداخلي ويعني أن تبقى البلاد العربية مسرحاً للصراع وتقاسم النفوذ بين القوى الدولية والأقطاب الكونية.
هي اذاً حرب الغير نخوضها نيابة عن الاخرين ميدانها بلاد العرب وضحاياها المواطنين والدول والانظمة، وشظايا تضرب أساسات البنيان العربي المتصدع اصلاً.

ان تكون حليفا لقوى الاستعمار، أو تابعا للعدوان، أو خاضعاً لإرادة الغير، منسقا أمنيا أو متعاونا، أكثر خطورة من ان تكون مقاوما وفيا لحقوق الأمة ودماء شهدائها.
اذا كانت لمقاومة العدوان والاحتلال مخاطر فإنها بالتأكيد أقل ضررا من الدمار الشامل والانسحاق الكامل الناتج عن الإذعان والتبعية.
دروس التاريخ تقول:
الدور الوظيفي للتابع سيظهر إذا انتصر العدو، وهناك ليس له حليف ولا شريك، ولا يقبل من الضعيف الا دور التابع الذليل، وان هُزم العدو أو قرر الإنسحاب ترك التابع لمصيره المحتوم.

مقالات ذات صلة

مفتاح التفكير الوحيد هو بناء الذات، ابتداءً من إعادة بناء العقل العربي، ومروراً ببناء النظام السياسي ووصولاً إلى إعادة بناء ما دمرته الحروب الأهلية وما دمره فساد الأنظمة الاستبدادية.
هل نضجت الذهنية العربية لاستقبال هذا المناخ ؟ والتخلص من اوزار الحاضر الثقيلة؟
ام أننا بحاجة إلى دفع المزيد من الثمن؟، ومرور المزيد من الوقت؟، وإهدار المزيد من الفرص؟.
من يملك القرار يتحمل المسؤولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى