هل من حقنا أن ندهش ؟ / باجس القبيلات

   هل من حقنا أن ندهش ؟

أثارتني الدهشة من الضجة الكبيرة التي حدثت في بلادي إزاء العنف الدموي الذي تتعرض له أقلية (الروهينغا) المسلمة في (بورما) من قبل الجيش، ولكن فيما ندهش وفيما نروع ؟ وهل من حقنا ان ندهش وأن نروع ؟ ألم نألف هذا النوع من الإجرام منذ زمن طويل في فلسطين، والعراق، وسوريا، والدول العربية والإسلامية العديدة، نعم لقد آلفناه، ويفترض أن تلك الفظاعات التي بلغت مبلغا كبيرا من السواد قد أصبحت لا تهز نفوسنا ! وأن التعود على اضطهاد الآخرين وقتلهم، هو ما ينبغي أن نحزن له، لا هذه أو تلك من الجرائم التي يرتكبها هذا أو ذاك من المجرمين، لكن للأسف اعتيادنا على رؤية سفك دماء الآخرين باتت السمة الغالبة علينا، وهذه الحال السلبية تمخضت نتيجة حروب أحلت دماء المؤمنيين وفتكت بالمستضعفين والمساكين في دول الجوار، أضف إلى ذلك عدم الاكتراث نتيجة الخيبات والانتكاسات التي عصفت بالأغلبية العظمى من الناس الذين عانوا من الإهمال طويلا نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة .

بالعودة إلى بداية المقال، شيء جميل أن نرى تلك المشاعر الطيبة التي جسدها الشعب الأردني تضامنا مع (الروهينغا) المسلمة في (بورما) تنهض من جديد ولكن  تلك المبادرات الإنسانية غالبا ما يرافقها الفوضى وعدم الجدية التي تبرز في عدة نواحي، إبتداء من صحافتنا البالية التي قلما تجد إنسانا يقرؤها بطبيعة الحال عندما تتناول الموضوع يوم أو يومين،  ومسيراتنا التي نعول عليها ونظن أنها حاشدة، فنجدها تجوب الشوارع ساعة أو ساعتين، والغضب العارم واللوم الشديد الذي ننتهجه على مواقع التواصل الاجتماعي الذي سرعان ما يتلاشى حالما نجد شيئا نلهي به أنفسنا، لذلك بديهي أن نجد تلك الممارسات الإيجابية التي مارسناها غير مقنعة بحيث لا تغني ولا تسمن من جوع، زد على ذلك ما يساهم في تلك المعاناة واقعنا العربي الذي وصل إلى درجة قصوى من الهوان والانقسام والعبودية وهذه حقيقة لا يعتريها شك أو ينالها ريب ويجب أن نعترف بها إذا أردنا الصدق مع أنفسنا .

ختاما سأكتفي أن أسوق بعض الملاحظات في هذا الصدد، وهي ملاحظات عادية لكنها لبساطتها قد تغيب عن البال وتهمل؛ أقول إن القيام في أي عمل يفترض أن يأخذ مأخذ الجد بحيث نبتعد عن الغوغائية والفوضى والترهات والأقاويل الفارغة، لذلك لابد لنا أن ننظر ونفكر وأن نتأمل وأن نحاسب أنفسنا لنستطيع أن نفهم مغزى ما يحدث في الحياة، أو لنحاول أن نفهم على الأقل ما يجري في مجتمعاتنا العربية والإسلامية التي تحتاج إلى انتفاضة كبرى تنفض عنها قيود الاستعمار والاحتكار، انتفاضة نابعة من أنفسهم وقدراتهم وطاقاتهم التي جار عليها الزمن .

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى