إن موطن سجدتي هو الوطن

إن موطن سجدتي هو الوطن
د.ظاهر محمد الزواهرة

سلام وإن كان السلام تحية…فوجهك دون الرد يكفي المسلما
أشرقت شمس آخر نهار،وبقي المتألمون والمثخنون بالجراح،ينظرون إلى السماء،رحل القطار، هي تذكرة السفر الأخير،ولا يعرف الحب من أحب اللون وزخرفة القصميص،ولون العطر الباريسي،وليت السفائن لا تقاضي راكبيها عن سفار!
من أنت؟عصفورة تغرد من براءة فوق الغصون،وتحب كل الأشجار، وصياد قبرة يحمل بندقية يقتل فيها عشق العصافير إلى زهر الندى،وطول المدى صوت الرصاص.
من أنت؟عاشقة لا تعرف نبض القلب بلهفته من نبض الخوف ؟ ورسم القلب بلون الدم لا يدخل أعماق العشاق ،وقوارب كل الأعداء تحيط بمياه الأنهار، وترسم لوحة فن تشكيلي لوجه الوطن وحب الوطن،وفوق اللوحة توقيع السمسار!
وتنادي من بين الجدران المهدومة لن أنساك، سأحدثك كلما اشتقت إليك، وأكتب لك رسالة عشق يحملها الهدهد،فلا ترحل وشمس تخرج من بين غيوم الأمطار،ولا تأمن لقلب يتقلب أو جاسوس يحمل خراب الدار!
ورحلت! ورحل الذين أحبهم … وبقيت مثل السيف فردا،وودعت هريرة ولا أطيق وداعاً غير أنني رجل، ومازال القطار يمضي،وهناك من ينتظر عودة سندباد من السفار!
هي طفلة ما زالت تحاول صعود نخلة،ومازالت تغني بطفولتها البريئة أغنية الصغار،وتسمع صوت فيروز بلحن موجع : ( بدي أرجع بنت صغيرة على سطوح الجيران )،آه يا صغيرتي لم يبق لنا الجيران وطائرات العدو وذوي القربى تأكل لحمهم ،وكأنها تأكل من ثمار جنة الرحمن! ولم يبق لنا بعد حرب العمر كله سوى الذكريات، والحب مات،وطن يباع ويشترى وتصيح فليحيا الوطن ، لو كنت تبغي خيره لبذلت من دمك الثمن؟
هي طفلة كانت تنادي من بعيد،متى يا زهرتي يأتي لنا العيد؟ ونسرح في حقول القمح مثل فراشات الربيع ؟وتقول يا هذا أقسم إنك أغلى من فؤادي والسنين، وسأكتب للنهر الوحيد قصيدتي ،وصورتي الجميلة ستراها بعد حين، وطلاء أظافري لون الحنين، خذ ما تبقى من دفتري كل الخواطر والقصص،واقرأ ما تراه على الجبين، فإن يخدعك اللسان فلن يخدعك الجبين!
هي غزالة تحب أمها، والمها تخاف على معلمها من السنين، ولحظة السفر وداع يحمل الهم،والحزن والأنين، وتصيح يكفى الحزن،أتعلمين أي حزن يبعث المطر؟أتعلمين؟
والموت ينتظر المسافر والمقيم،والقبر قبلة المحبين:
لولا الحياء لهاجني استعبار … ولزرت قبرك والحبيب يزار.
خذ كل أوراق الدفاتر والكتب،فأنا الوحيد الذي هده طول التعب،ولست على عشق التراب بنادم،يكفي أن التراب وطني، وقبلتي ومسكني حين يأتي الخائنون ويأخذون له الثمن،ولا يعلم القوم أن موطن سجدتي هو الوطن!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى