إن المستغلين إخوان الشياطين

إن المستغلين إخوان الشياطين
د.ظاهر محمد الزواهرة

يمر وطننا الحبيب كسائر دول العالم بأزمة وضائقة، ألا وإن أزمة وباء كورونا تحتاج من الجميع أفرادا وجماعات،الوقوف مع الدولة بجهودها الجبارة في مكافحة المرض ومنع انتشاره، وفي الحقيقة التي لا تخالطها المجاملة أو التزلف أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين قد سبق دولا تملك من الإمكانات ما تملك،فقد أرسل جلالته في بداية انتشار المرض في موطنه الأول الصين طائرة لترحيل المواطنين الأردنيين إلى بلدهم،بل وترحيل المواطن العربي أيضا ،وهو عمل لم تقم به دول تملك مالا كمال قارون.
لم يفعل الأردن ما بدأته بعض الدول مثل بريطانيا التي نشرت عن طريق رئيس وزرائها ما يهدم المعنويات ( تجهزوا لفراق أحبابكم) ،وما تضمن الكلام ترك الفايرس ينتشر ومن يمت يمت،بل لقد أعلن الأردن تفعيل قانون الدفاع لخدمة أبناء الوطن في جهود مكافحة المرض،وهو قرار اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية اليوم.
ولك أن تتحدث عن الحجر الصحي في فنادق خمس نجوم، وما فيه من خدمات في الفحوصات الطبية،و في المأكل والمشرب ووو،وعلى نفقة الدولة، وهو أمر لم يرق لبعضهم ممن ترك الوطن خمسات الأعوام من السنين، وجاء اليوم عندما أحس بحاجته للوطن،وتخلت عن بعض الأوطان المستضيفة،ولك أن تتحدث عن الإجراءات الحكومية في إجازات الموظفين وما رافقها من عمل مرن،وتدريس عن بعد،في سبيل الحفاظ على الصحة التي أقرت الشريعة الحفاظ عليها من الضرورات الخمس.
واليوم هو وقت الوقوف مع الوطن،وقت تمييز الرجال من أشباه الرجال،وأنا أعني ما أقول،أمام قلة ممن يترصدون لضعف الوطن لا سمح الله،وينشرون الإشاعات،ويثبطون العزائم،ويغرقون الأمل،وكأنهم مراسلون لشبكات إعلام هدام غير مسؤول:حالة … عشرون حالة… في مستشفى حمزة مئات… في مستشفى الملك عبدالله العشرات … ووو قولهم من أفواههم سم رعاف.
اليوم وقت الوقوف مع الوطن،والشعور بالمسؤولية،والتضحية،والإلتزام،وليس هو وقت الاستغلال!
نعم،نحن في ظلال تجهيز جيش العسرة،لنعيش أمثلة في الطهر والقيادة والعطاء والإنفاق، والتبرع، ليأتي أبو بكر من جديد بكل ماله،ويأتي عمر من جديد بنصف ماله،ويأتي عثمان من جديد يجهز جيش العسرة،ولكننا نعيش حالة من تمييز الغث من السمين،والخبيث من الطيب.
يا معشر التجار:أخاطبكم وأستثني منكم من يقف في صف الوطن، كيف تطيب أنفسكم المريضة برفع السلع عشرة أضعاف؟كيف تحتكرون السلع؟ كيف تستغلون وقت الشدة لتصيقوا على الناس،وتستغلون الموقف،فتنطلق قلوبكم القاسية،وضمائركم الميتة، وأنفسكم الجشعة لتزدادوا تخمة -لا بارك الله فيكم- وقد ربحتم فحشا ،ولم تقدموا شيئاً للوطن!
بالأمس مررت بمول أحدكم وقد اشتريت كليو البندورة بثماني وعشرين قرشا،والباذنجان الصندوق بدينار،والخيار الكيلو بثلاثة وثلاثين قرشا، والبصل بنصف دينار،ووو واليوم ليت اليوم لم يأت بخير على من يمنع الخير عن الناس، وفي نفس المول، البضاعة نفسها لم تتغير، لكن الذي تغير قلوب (جرباء)لا تشبع إلا من تراب تحت الأرض،ولهم الخزي يوم العرض،رفعت الأسعار فكيلو البندورة بتسع وسبعين قرشا،والخيار بدينار،والباذنجان بدينار وثلاثين قرشا، والبصل بدينار،وووو والدجاج بدينارين!
أأنتم من يعرف قيمة الوطن؟وقد منحكم كل سبيل لتسهيل تجارتكم وحمايتها؟ أتعرفون أن بعض الناس لا يملك أن يشتري كيلو خبزا،فكيف سيكون قادرا على الوصول إلى مكان بيعكم المبادئ والقيم،والوطن والخير؛ ليشتري ما يسد رمقه، ويشبع جوعكم مع غناكم؟
لا بارك الله في يد تمتد لتقطع سبيل الخير،وتنسى كل القيم،وتأكل الأخضر واليابس،وتستغل وتحتكر،لا يهمها وطن ولا مواطن.
فلمن تجمعون؟وستتركون ما تجمعون؟ويا لها من مفارقة! تعيشون في الدنيا بمسمى الأغنياء،وفي الحقيقة أنكم فقراء لكثير من المبادىء والقيم،وتحاسبون يوم القيامة مع الأغنياء، فلا زكاة ولا صدقة،ولا تبرعات،بل غش واحتكار واستغلال،والله المستعان،ولست بصامت أبدا:
فبلطوا البحر غيظا من معاملتي*وبالجحيم إن استطعتم فزجوني.
د.ظاهر محمد الزواهرة – الجامعة الهاشمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى