انقلاب تركيا بين الذكرى والواقع / أسامة محمود حسان

انقلاب تركيا بين الذكرى والواقع

في مثل هذا اليوم قبل عامٍ مضى أراد الله لإنقلاب دُبّر له وخُطط له جيداً أن يفشل ، قامت به عملياً على الارض جماعة ” فتح الله غولن ” الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية محاولاً الاستيلاء على السلطة وفرض الأحكام العرفية في الخامس عشر من يوليو /تموز عام 2016 أدى لمقتل 265 شخص من بينهم 104 من مؤيدي الانقلاب و 161 غالبيتهم من المدنيين والشرطة وجرح أكثر من 1400شخص , شاركت في تدبيره والتخطيط له وتمويله جهات كثيرة وأيدي خبيثة ، أرادت لهذا البلد القوي بقيادته وشعبه وجيشه وتاريخه العظيم أن يعود لعصر الاستبداد والضعف ، كانت الخطة تقتضي أن يسقط أردوغان لا بل كان الهدف قتله وبسرعة وفي بداية الإنقلاب والتحركات العسكرية , حيث كُشف لاحقاً أن طيارتين من طراز اف ١٦ كانتا تحلقان بالقرب من طائرة أردوغان لاستهدافه , لأن بقتله في رأي سيُنهي القصة سريعاً جداً ، الشاهد في الأمر أنني أذكر جيداً يومها كيف تمسمرنا أنا وعائلتي أمام شاشة التلفاز نتابع الأخبار لحظةً بلحظة ونقلب من محطة اخبارية لأخرى وفي نفس الوقت كنا نتابع الأخبار من على أجهزة الهواتف الذكية على شبكات مواقع التواصل الإجتماعي متعطشين لمعرفة ما يحدث وقلقين على مستقبل تركيا وقضايا الأمة العربية والإسلامية التي كانت تركيا داعمة لها وبقوة مستشعرةً المسؤولية التي تلقى على عاتقها تجاه قضايانا التي كثُرت في الأونة الأخيرة وتعقدت , وسرعان ما انجلى غبار المعركة واستقر الوضع وحصحص الحق , انتشت بعض القنوات العربية بالأخبار الأولية عن فشل الانقلاب وعلى النقيض تماما توشحت قنوات (عبرية)أخرى السواد وأعلنت الحداد حزناً على وفاة الانقلاب في المهاد .

دافعت تركيا عن قضية فلسطين ودعمت غزة وأرسلت مساعدات للقطاع المحاصر واستقبلت كمن لم يفعل غيرها , النازحين من الشعب السوري , واحتضنته وسمحت له بالعمل والتنقل بحرية ، كان وزير خارجية تركيا آن ذاك السيد داود أوغلو أول شخص يصل بورما للوقوف بجانب المسلمين المضطهدين من أقلية الروهينجا هناك ودعمهم حتى أن تركيا أرسلت سفينة حربية لمساعدة العالقين في قوارب بدائية في المياه الاقليمية بالقرب من شواطىء تايلند وماليزيا الهاربين من جحيم الابادة الجماعية على أيدي الرهبان البوذيين , (وهذا العمل بالمناسبة هو الارهاب بشحمه ولحمه, لكن للأسف لم نسمع أحداً وصفه بذلك سواء من الدول الغربية أو ممن يلعبون الأن دور الضحية المسكينة المعتدى عليها والتي تلظت واكتوت بنار الارهاب!!! ) ، كما ووقفت تركيا بجانب أهل السنة في العراق الذين ذاقوا الويلات من ارهاب داعش والحشد الشعبي والمليشيات الشيعية وبالرغم من أن منهم ( أي المكتوين بنار ارهاب جيرانهم على حد زعمهم وافترائهم ) يتشدقون بكونهم قادة وسدنة مشروع أهل السنة والجماعة الا أنهم لم يفعلوا شيئاً حيال مساعدة وانقاذ أهل السنة في العراق ولم ولن نسمع لهم صوتا حيال اغلاق المسجد الأقصى ومنع الصلاة فيه ولا حتى شجب ولا استنكار وعلى ما يبدو أن حتى زمن الشجب والاستنكار قد ولى وأن بوصلة العداوة قد انحرفت ولا حول ولا قوة الا بالله .

وبعد فشل الانقلاب الخشن اُستُهدفت تركيا بحرب اقتصادية ناعمة كان ابرزها انهيار الليرة التركية لفترة محدودة قصيرة ومن ثم تعافى ، بعد ذلك عمدوا لزعزعته أمنياً بإحداث تفجيرات متلاحقة ضربت مدن تركية عدة ولازالوا يدعمون حزب العمال الكردستاني (البي كي كي) وحركات انفصالية متمردة كردية اخرى لخلق حالة من الارباك وعدم الاستقرار للقيادة التركية وازعاجها ايضاً على حدودها مع سوريا . وستفشل مخططاتهم أيضاً بحول الله وقوته .

مقالات ذات صلة

والسؤال : ما السبب ؟
هل السبب في ذلك هو نجاح أردوغان الباهر في قيادة تركيا , ونقله للجمهورية التركية نقلة نوعية يشهد له بها العدو قبل الصديق في كافة المجالات ، اقتصادياً ، عسكريا، سياسياً ، علمياً ، بنية تحتية وفي الإنسان التركي وهو الانجاز الأهم , وأصبحت تركيا على يديه نموذجا يحتذى به بين الأمم .
لا بأس بالنسبة لهم (الدول الغربية وبعض المتصهينين العرب) أن تصبح ناجحاً ، ملحداً كنت , علمانياً ، مسيحياً , أو يهوديا أما أن تكون عقيدتك اسلامية سنية فلا لن نسمح لك بذلك .
لأنهم يرون في ذلك تهديداً خطيراً مباشراً لهم وبوجودهم .

ومما يؤخذ على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفي اعتقادي أنه أخطأ خطأ كبيراً جداً في هذا الشأن , أنه لم يقم بأخذ أية اجراءات وتغاضى عن الذين مولوا وحرضوا محاولة الانقلاب الفاشلة وتجرؤا على تركيا وقيادتها , من الذين ثبت لديهم بالأدلة القاطعة تورطهم بها , وفي هذا السياق كشفت مؤخراً صحيفة تركية أن دولة خليجية مولت الانقلاب ب 3 مليارات دولار , وأقول لهؤلاء :
)لماذا تريدون رسم الحزن على وجوه الناس هاا؟)
( لماذا تتصرفون كأنكم أوصياء على الشعب التركي وغيره من الشعوب العربية
هااا لماذا ؟) ,
( لماذا تزرعون الفتن في جسد الأمة المريض أصلا لماذا لماذاهاااااا؟) .

كان يجب على تركيا أن تقطع علاقتها الدبلوماسية مع كل من ثبت تورطه في محاولة الانقلاب الغبية وتآمر على تركيا وأراد احتكار ارادة الشعب التركي لنفسه ومصلحته وثم رفع قضايا في المحاكم الدولية ضدهم بالادلة المتوفرة . وأيضا كان بالامكان فضحهم وفضح عملائهم من الاتراك المتعاونين معهم واظهار اعترافاتهم علنا ونشرها لوسائل الاعلام المختلفة .

وفي الختام أطرح تساؤل :

ماذا لو استمرت هذه المحاولات وتُرك من يسعون لاشعال الفتن وظلوا يعيثون في الأرض فساداً ؟؟

ما أظنه والله إلا أنه , ويلٌ للعرب من شرٍ قد اقترب , وأسأل الله أن يخلصنا من كيدهم وشرورهم وأن ينصر أمة محمد على من عاداها .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى