أنقذوا الجامعة الأردنية (2) / محمد الطريمات

أنقذوا الجامعة الأردنية (2)
أمامَ قرار الجامعة الأردنية المُفاجيء وثقيل الوزن برفع أسعار الدراسات العليا مائةً بالمائة أواخر عام 2014، ورفعها مِن جديد لرسوم برنامج الموازي بنسبة مماثلة ليتم شمل الغالبية العظمى بهذه الزيادات الفلكية في هذه الدُّولة التي يُعاني أهلُها ما يُعانون، يستمرُّ الطلبة الشرفاء باعتصام مفتوح ضدَّ هذه القرارات ويَصلون الليلَ بالنَّهارَ ليؤكِّدوا أنَّ هذا النهج الغريب الذي يرى جيوبَ الفقراء حلاً وحيداً لمشاكله هوَ حلٌّ غريب على تاريخ الجامعة الممتد والذي لم يشهد زيادةً مماثلة، وغريبٌ أيضاً على رسالة الجامعة ومقاصدها، ظلُّوا في الليالي العشر الماضية يُذَكِّرون أهل القرار بأنَّ الجامعة الأردنية ليستْ جامعة ً خاصة ً، وانَّ الحلول قد تكمن في غيرِ الجيوب، ليأتي ردُّ الجامعة في موقعها الرَّسمي بأنَّ الجامعة صخرة تتكسَّر عليها الرِّهانات الخاسرة! ووصفِ ما يجري في ساحاتها بأنَّه اعتبارات شخصية ومصالح ضيِّقة! داعينَ الله أن يحفظ الأردن من كيد الحاقدين والمُتَربِّصين! فلا حول ولا قوَّة إلا بالله مِن هكذا خطابات لا ترقى إلا لمستوى دكتاتوريي الشرقط الأوسط الراحلين مؤخراً.
أيُّ مُطالبة هي كيد، وأيُّ صوت هو تهديد، وأيُّ تجمُّع هو مُحاولة انقلاب، ولم يسأل الدُّكتور نفسه لماذا تحرَّك الآن لعقد اجتماعات لدراسة المطالب بينما بُحَّتِ الأصوات منذ قرابة السنتين وهي تصيح وتَصيح ولا أحد يسمعها؟ ولماذا أنكرَ هذه الأصوات طويلاً وهمَّشَها ثم استغرب وصولها للمواقع الالكترونية التي لا تُعجبه على حدِّ تعبيره؟ ولماذا امتلأت تصريحاته بـ “ضيقي الأفق” و”أصحاب المَصالح”، ثمَّ استغرب إنكارَ الطلبة لموقفه وإصرارهم على تغيير الأوضاع؟ وكيفَ يريدُ الدكتور تهدئة الأمور وهو يُصَعِّدُها، وكيفُ يريدُ مِنَ الطلبة ان لا يستمرُّوا بينما يَكتفي كالعادة بالوعود وبمزيدٍ مِنَ الوعود، وكيفَ يطلب من الطلبة تغيير موقفهم بينما هو لم يُغيِّر في سياسته شيئاً حتَّى النهاية.
ثُمَّ يدور حديث عن انعدام وجود رؤية واضحة لدى الطُّلاب، وأسأل الدكتور اخليف أن يستحملني إذا سألته عن رؤيته هو، وما الأولى والأهم رؤيته هو كصاحب نفوذ وقرار لم نجد أثراً لرؤيته إلا باتجاه الجيبة، أم رؤية هؤلاء الطلبة الغيورين الذين لم يجدوا في هذا الحل ما يُقنعهم بهذه الرؤية المَزعومة، وإذا لم يكن مِن بُد أن نُطلِعَ النَّاس على رؤيتنا في حل مُعضلة تخلي الحكومة عن نفقات الجامعة، فجوابنا ورؤيتنا هو في التذكير بأنَّ الجامعة مؤسسة ٌ عامَّة تتمتع بميزانيَّةٍ مُستقلة، ومسموح لها بموجب القانون أن تستثمرَ في مشاريع تتعلقُ بطبيعة عملها أو حتَّى خارج عملها، وبناءً عليه، فنحنُ نطالب بوضع مُدَّخرات الجامعة تحتَ إدارة مسئولة معنية بتنمية هذه الأموال واستثمارها وعدم الحجر عليها أو إنفاقها في مشاريع خاسرة “كمشروع فرع العقبة”، الأمر الذي سيعود على الجامعة بالنفع، ويجعلها قادرةً على مواجهة التحديات الطارئة التي لم تخطط لها الإدارة الحالية، وبالتَّالي النَّماء والاستقرار بديلا عن الحلول السهلة في الأمد القريب المنهكة للجامعة والطلبة على حَدٍّ سواء في الأمد البعيد، والتذكير بإنَّ مِثل هذه الرؤية هو ما تَمَّ تبنِّيه مِن قبل المؤسسات الأردنية الناجحة المعروفة كالقوات المُسلَّحة، بل هي ما قد تبنته الجامعة الأردنية نفسها في سنوات مضت من خلال مدرستها ومبانيها الاستثمارية ومَشاريعها الزِّراعية، وآملُ أن يكون لنا أسوة بالجامعات الغربية التي لم يستخدم كثيرٌ مِنها أموال الدعم الحكومي الضخمة في نفقاتها الرئيسة أصلاً، اللهم إلا في دعم البحث العلمي والمزيد من الرَّفاه، بينما تبكي إدارات الجامعات الحكومية اليومَ حظَّها وكأنَّه يوم الحساب، وتجعله ذريعة لكل هذا التَّخبط والعشوائية.
على الأقل وددتُ لو أسمع حُجة مُقنعة من طرف إدارة الجامعة في هذه الأيَّام لتوضيحِ موقفها غير نظرية المؤامرة والاعتراض على إزعاج طالبات السكنات بالهتافات بالرغم مِن عدم اعتراضهن خطياً ولا حتَّى شَفوياً، وَددتُ لو لا يتمُّ نقل الثقل في النِّقاش مِنَ الأفكار إلى الطلاب والتشكيك في نواياهم، وددتُ حقَّاً أن يتم الارتقاء بهذا التواصل ليكون بحجم هذه الجامعة العريقة المِعطاءة، وددت وليتَ ما وددته يتمثل حقيقة، وإلى انفراج المسألة ووضوح المًطلب نسألُ المولى أن يختار للجامعة ما هو أفضلُ لها ولأبنائها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى