أمي .. ذات العينين الخضراوين في حضرة الغياب

أمي .. ذات العينين الخضراوين في حضرة الغياب
يونس الطيطي

ذات العينين الخضراوين في حضرة الغياب … و بملامح آلهة ٍ صامتة ٍ ووجه ملاكٍ أعلنَ العصيان على قسوة الحياة … رحلت دون ضجيج … أغمضت عيناها على حُلم بعيدٍ تَعتقَ في ذاكرة لاجئ مشرد تقاذفته المنافي من خيمة الى خيمة يسافر مع الريح منفيا في وطنه العربي الكبير … رحلت وفي قلبها غصة فراق وطنها المسلوب … فلسطين التي نحتتها في ذاكرتها نقوش فرح وحكايات عزٍ وشموح … رحلت وجلُ أمانيها أن تٌحكل عينيها برؤية فلسطين وتتنسم عبير هواها … رحلت محملة بالحنين الي صلاة في القدس وقبر يضم رفاتها في تراب قريتها عراق المنشيه في قلب فلسطين … وتحت وطأه هذا العشق والقلب يغفو على حلم العودة كان القدر قبل ان يتحقق ما تيسر لها من احلامها في وطن أسكنته قلبها وارضعتني اياه من صدرها …
غابت من تركت أفكاري ترتطم بها حين علمتي أن الحياة وقفة عز …
ولأن الأمومة صدق مطلق .. علمتي بصدق مطلق فكنت أنا كما أرادت هي فكرة تقاوم كل ما يرفضه عقلي حتي لو ارتطمت مع أفكارها ..
هي من كنت اذا التفت بعينها أتدفأ من صقيع هذا العالم .. وكم كنت اعانق بقلبها الليالي المعتمة فتمتلىء بالنجوم الحالمة .. هي من كانت تمد يدها لنهاري لتشرق الشمس في ايامي وتنهض من غفوتها وتعيد ترتيب فوضاي ..
أمي … في إعوجاجّ هذه الحياة كنت انت الثبات المستقيم .. سَامحيني لَنظرة عبوس نظرتهَا إليك من غير قصد … لنبرة صوتٍ تعدّت نبَرة صَوتك وتمتِمي لي بالرضا …
كثيف ٌشوك الحزن ِ أيّتها الياسمينة من بعدك … كم ستبدو الليالي باردة بفراقك ولكن ظلك سيبقى حاضراً سأظل أنتمي اليك ..
عيناي مزحمان بالماء وهذا البرد ينكزُني .. فلا صباح يشرق بضحكتك ولا وعدا دافئا من نبرة صوتك بعد اليوم …
ارتاحي يا من كنت شامخة صابرة كزيتون فلسطين .. فهناك في السماء لا أحزان ولا قهر .. نامي حول ضفاف الشمس لروحك المجد والرحمة ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى