أبٌ كثيرٌ كبحر

أبٌ كثيرٌ كبحر

خاص سواليف

مقال الثلاثاء 17 – 8 – 2021

في مثل هذا اليوم ، قبل أربع وثلاثين سنة فارق أبي الحياة ،قبل أربع وثلاثين سنة قُضمت تفّاحة العُمرِ..فلا عاد شيء يكتمل وأبي غائب..النجاح شهيّ لكن ينقصه أبي، البيتُ عامرٌ لكن ينقصه أبي ، العيدُ مبهجٌ لكن ينقصه أبي ، الأحفاد ينبتون مثل الزنابق لكن لم يراهم أبي..موته هي “القضمة” التي لا يعوّض فراغها أي نضوجٍ أو امتلاء..
عندما كنّا أطفالاً كانت “ميثيلوجيا الأب” تسيطر على أذهاننا، كنا نعتقد أن الأب لا يمرض ،لا يغيب، لا يتعب، لا يقلق، لا يفقر،لا يبكي ، لا يضعف ،وبالتالي لا يموت..كنّا نعتقد أنه مجرّد جبلٍ بعينين وشارب ، كل الصعاب الركامية تمرّ من تحته، الحياة تصعد اليه فيقطفها بكل سهولة ..لكن اكتشفنا أن الأب يمرض،ويغيب ،ويقلق،ويفقر ويبكي ،ويضعف ويموت أيضاَ..
كل ما أودّ قوله لأبي الكثير بكل شيء، أن سنيّ غيابك لم تنجح بنسيانك..فأنت الحاضر بكل شيء، برائحة الحصيدة العالقة بثوبك، بصمتك المدروس عند غضبك، بمسبحتك “لعسلية”، برائحة دخان “الجولد ستار”،بصوت شاحنتك ، بنسمات الليل التي كانت تداعب شعرك في “عريشتنا”، في عينيك المشبعتين باليتم الأزلي،بصورتك في مكتبي وعند “قفل شاشة” على هاتفي..أبي الكثير كبحر،منذ 34 سنة لم ينقص حضورك قطرة واحدة..حتى لو نقصت قطرة الغياب،فدمعة الشوق تعوّضها…

#احمد #حسن #الزعبي
ahmed.h.alzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى