موقع سواليف يعيد نشر مقابلة مع نجل القائد “مشهور حديثه الجازي” يتحدث فيها عن بطولات والده واكبر غصة في حياته

نشرت المقابلة في موقع سواليف بتاريخ ٢١/٣/٢٠١٥
نجل قائد معركة الكرامة: والدي تم اقصاؤُه سياسياً ويرفض السّلام مع اسرائيل

سواليف-محمد الفناطسة و عبد المجيد المجالي

قال الدكتور عمر الجازي نجل الفريق الركن الراحل مشهور حديثة الجازي أن والده أقصي من المشهد السياسي ومُنع من المشاركة في الإنتخابات النيابية عام 1989 لأسباب سياسية بحتة .

وأضاف نجل قائد معركة الكرامة في مقابلة مع سواليف أن قرار منع والده من المشاركة في تلك الإنتخابات كان من أكثر الأشياء التي تركت غصة في حلقه، فيما إعتبر أن والده دفع ثمناً لصلابته وتواصله مع جميع القوى والحركات العربية.

وبين الجازي أن والده كان يرفض أي تعاون أو صلح مع الكيان الصهيوني مهما كانت الأسباب والمبررات، لافتاً إلى أن (والده) كان ضد معاهدة وادي عربة ورفض المشاركة بها لأنه لم يكن يؤمن بهذا السلام المزعوم .

وأكد أن والده أظهر للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عدم إعجابه بالسلام الذي أبرمه الفلسطينيون مع العدو الصهيوني ، ومُنع من دخول فلسطين ثلاث مرات من قبل الكيان الغاصب.

وتالياً نص المقابلة:

نعيش الذكرى السابعة والأربعين لمعركة الكرامة ، ما الذي يمكن أن تقوله كمواطن أردني وإبن قائد هذه المعركة الخالدة؟

كنا نتأمل أن تأتي ان هذه الذكرى ووضع الأردن أفضل ،نشعر بالأسف حين نتابع الإنتخابات (الإسرائيلية) ونرى فوز المعسكر الصهيوني الأكثر تطرفاً ليقود المسيرة وهذا دليل على أن لا حل أمامنا سوى المقاومة،يحزنني الوضع العربي الهش والبائس الذي نحتاج فيه إلى أبسط مقومات الحياة، يحزنني أن نمد يدنا للكيان الصهيوني لإستيراد الغاز وهذا أبسط عنصر من مقومات الإكتفاء الذاتي، وأن نستورد الغاز من الكيان الصهيوني فهذا يجعلنا نضع اللوم على كل الأطراف العربية : التي إستوردت الغاز والتي تملكه ومنعت توريده للعرب ، أشعر بالأسف عندما أتخيل أن غاز الكيان الصهيوني سيدخل إلى كل بيت أردني سيما وأن كل البيوت الأردنية لها ثأر مع ذلك الكيان الغاصب . من المؤسف أكثر إزدياد الفئوية وتغليب الهوية الفردية في مجتمعنا.
الدولة الأردنية أسست على جذر المقاومة وهذا سبب بقائها وإستمراريتها ولذلك يجب أن نحافظ على ذلك ..

ماذا يعني لك أنك إبن مشهور حديثة الجازي قائد معركة الكرامة؟

أنظر إلى والدي مثلما ينظر له كل أردني وعربي حر ،وأحمد له أنه كان يحظى بإحترام عربي على جميع المستويات ، أعتز بأنه كان على رأس الجيش الأردني الذي حقق النصر ولطالما كنت وسأبقى معجباً بالروح المعنوية العالية التي كان يتمتع بها وهي بالضرورة سبب إنتصارنا في معركة الكرامة ، فالجيش نفس الجيش الذي شارك في حربي 48 و 67 والعتاد نفس العتاد لكن الذي تغير هو الروح المعنوية للجيش الذي كان يقوده الوالد، نحن نقدر كل من قاتل من أجل الأردن وفلسطين ولا ننقص من حق أياً كان.

يفتخر كل أردني بمعركة الكرامة التي كسرت إسطورة الجيش الذي لا يقهر، فكيف كان والدك ينظر للمعركة سيما وأنه قائدها ؟

، وكان يعتبر هذا النصر عملاً جماعياً وإنجازا لكل الأردنيين،هو لم يكن يعتبر جيش الكيان الصهيوني إسطورة أصلاً وكان يؤمن بأنه يمكن هزيمته في اي وقت إذا توفرت الإمكانيات والروح والمعنوية وكان يتمنى لو أن لديه قطاع جوي أثناء المعركة ليحرز إنتصاراً أكبر !

لكن في المقابل هناك من يختصر تاريخ مشهور حديثة الجازي بمعركة الكرامة فقط ؟

لا يمكن إختصار مشهور حديثة الجازي بمعركة الكرامة ، فقبل معركة الكرامة وبعد حرب الـ 67 تحديداً كلفه الملك حسين بإعادة تنظيم القوات المسلحة وقُسم الجيش إلى فرقتين: الفرقة الأولى بقيادة والدي رحمه الله والفرقة الثانية بقيادة اللواء عاطف المجالي رحمه الله وكانت مهمة الفرقة الأولى حماية الحدود مع العدو الصهيوني ،وبعد ذلك كلفه الملك حسين بقيادة الملف الفدائي والتعاون مع الفدائيين وهو أول من رتب لقاء بين الملك والمقاومة .

علاقته بالمقاومة الفلسطينية إستمرت حتى آخر يوم في حياته وكانت علاقة أساسها الإحترام المتبادل ، زارهم في تل الزعتر وتطوع عام 1973 وعرض خدماته العسكرية على مصر وسوريا وقدم خدماته العسكرية للمقاومة اللبنانية أيضاً، حتى أن محسن إبراهيم أحد أهم قادة المقاومة اللبنانية أكد أنهم كانوا يلجأون لوالدي في الأمور العسكرية، كما زار كل الدول العربية التي فرض عليها حصاراً (اليمن وليبيا والعراق) وقدم لها مساعدة بطريقة أو بأخرى،وكان قائد الفيلق العربي في العدوان على العراق عام 1990 .

ما بعد الكرامة ، كيف كان والدك ينظر للعدو الصهيوني ،ما هو موقفه من إتفاقية وادي عربي مثلاً ؟

والدي كان يرفض أي تعاون مع العدو الصهيوني ورفض أي صلح مهما كانت أسبابه ومبرراته.
في التسعينات جاء لوالدي طلب رسمي بمقابلة وفد (إسرائيلي)يبحث عن رفاة أحد جنودهم مقابل تسليم الأردن عشرات رفاة الشهداء الأردنيين فرفض ذلك وقال : “أنا مش حفار قبور ” .

ورفض المشاركة في سفينة العودة عام 1986 وقال انه يتمنى العودة لفلسطين ببارجة عسكرية وليس بسفينة، طبعاً كان رفضه بسبب مشاركة الكيان الصهيوني في هذه السفينة وأصدر بياناً بذلك وقتها .

أما بخصوص إتفاقية وادي عربة فقد رفضها بصورة قاطعة ورفض المشاركة بها لأنه لم يكن يؤمن بهذا السلام المزعوم وقد أظهر للرئيس الراحل ياسر عرفات عدم إعجابه بالسلام الذي أبرمه مع العدو الصهوني، كما منع من دخول فلسطين عندما أتته دعوة شخصية من الرئيس عرفات لزيارة فلسطين ، وقتها كان في عمان يتحضر للزيارة ووردته مكالمة من عزام الأحمد أكد له خلالها أن الكيان الغاصب رفض دخوله أكثر من ثلاث مرات !

كيف ربى منصور حديثة الجازي أبنائه، وهل كان لمعركة الكرامة أثراً في طريقة تربيته؟

لم يكن لوالدي بوصلة سوى المقاومة وكان ذلك هاجسه الأكبر ،والدي تربى عند جده حمد الجازي وكان الأخير يستقبل الثوار الفلسطينيين ويحميهم من الإنجليز، وخال والدي إستشهد في معركة باب الواد،فهذا هو الجو الذي كان يسيطر على شخصيته ونقله إلى بيته، وقد ربانا على حب الأردن وفلسطين والوطن العربي كله ولم يكن يعترف بالحدود وكانت له علاقات في كل الدول العربية ، أضف إلى ذلك أنه كان ملتزما دينياً، لذلك نشأنا في بيت إسلامي عروبي .

هل تشعر أن معركة الكرامة أخذت حقها من حيث إظهارها والإعتزاز بها ؟

طبعاً لا ،معركة الكرامة معركة مظلومة فهي غير معروفة على المستوى العربي بالطريقة التي نريد، ثمة دول كثيرة تبحث عن إنتصار بسيط وتكبره لكن لا أدري لماذا يوجد لدينا تعتيم رسمي ممنهج ضد بطولاتنا وعلى رأسها معركة الكرامة، فهذه المعركة يجب أن تعطى حقها لسبب واحد: وهو أنها منعطف كبير ونقطة مضيئة في الصراع العربي الصهيوني كما وصفها جمال عبد الناصر ،وهي الإنطلاقة الحقيقية للثورة الفلسطينية،فلولا معركة الكرامة لا يوجد مقاومة فلسطينية وهذا الرأي شهدت عليه الأعداد الكبيرة التي إنضمت للمقاومة عقب المعركة، أضف إلى ذلك أن الكرامة دحضت الإسطورة التي تقول أن الجيش الصهيوني لا يقهر ،وبهذا الصدد كان والدي مشهور حديثة الجازي الذي قاد الفرقة الأولى التي كان لها شرف رد العدوان الصهيوني الهمجي على الأردن، كان دائما يقول أن هذه المعركة هي معركة جيش ضد جيش ولم ينكر دور الفدائيين الشرفاء في المعركة لأن الكرامة هي معركة وحدة: وحدة دم بين الجيش الأردني والمقاوم الشريف .

تحدثت أنباء عن وجود جفاء وخلافات بين والدك وصناع القرار في الأردن وغاب بالفعل عن المشهد السياسي الأردني، فهل تم إقصاؤه أم أنه إعتزل من تلقاء نفسه ؟

تم إقصاؤه طبعاً ومنع من الترشح لإنتخابات عام 1989 لأسباب سياسية بحتة وإن كانوا قد أعلنوا وقتها أن السبب قانوني وكان ذلك المنع من أكثر الأشياء التي تركت غصة في حلقه، والدي كان صلباً وكان يتحرك ويتواصل مع جميع القوى والحركات العربية ويبدو أنه دفع ثمناً لذلك، وقد أتبع هذا الإقصاء السياسي تضييق إقتصادي أيضاً والشواهد لدينا كثيرة .

أخيراً،ما هي الكلمة التي توجهها لوالدك ولشهداء معركة الكرامة ، لا سيما وأن علاقات الأردن بالكيان الصهيوني شهدت إزدهاراً في الآونة الآخيرة ؟

نفتقد أرواحكم الطاهرة التي روت الأرض بالدماء الزكية، نحمد الله أنكم لم تشهدوا هذه الأيام ، ونحن على درب الكرامة سائرون ، تضحياتكم لن تذهب هدراً ولا بد من يوم نستعيد فيه فلسطين ، الكيان الصهيوني إلى الزوال ولا إعتراف !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى